السودان ورفع العقوبات

السودان ورفع العقوبات

25 سبتمبر 2017
+ الخط -
نختلف أو نتفق مع النظام الحاكم في السودان فهذا طبيعي، ولكن لا نختلف مع الوطن ومصلحة شعبه، والأخذ بأسباب نهضته، فهناك فرق بين معارضة الوطن ومعارضة النظام الحاكم، فالوطن للجميع.
يعاني السودان منذ عقدين من العقوبات الاقتصادية المفروضة عليه من الولايات المتحدة الأميركية، وأثقلت كاهله وكبّلت مشاريع التنمية الاقتصادية وخصوصا الزراعية منها، وانعكس ذلك بزيادة أعباء الحياة على المواطن الكادح في قوته ومأكله وملبسه وكل مناحي الحياة. وتشهد السوق السودانية تبايناً متسارعاً وقفزات جنونية تفرضها زيادة سعر صرف الدولار في السوق السوداء (الموازية)... كلّ هذا في ظل سوق حرة، لا يحكمها ضابط غير حجة التجار هناك "الدولار مرتفع".
جدير بالذكر أنّه في نوفمبر/ تشرين الثاني 1997، وبموجب قرار تنفيذي من الرئيس الأميركي، بيل كلينتون، فرضت واشنطن عقوبات مالية وتجارية على السودان، تمّ بموجبها تجميد الأصول المالية السودانية، وأوقفت التعاملات البنكية بين واشنطن والخرطوم، كما مُنع السودان من تصدير التكنولوجيا الأميركية إليه، وألزمت الشركات الأميركية، والمواطنين الأميركيين، بعدم الاستثمار والتعاون الاقتصادي مع هذا البلد. وذلك كله بدعوى رعاية السودان الإرهاب. ويبرز قطاعا النقل الجوي والبري من أكثر القطاعات تأثراً، جرّاء العقوبات بسبب عدم توفر قطع الغيار، في حين يقدر خبراء خسائر السودان بـ 4 مليار دولار سنوياً. كما تشمل العقوبات حظر استيراد الولايات المتحدة المنتجات السودانية، مثل اللحوم التي يعتبر السودان من أكبر الدول إنتاجا لها، لامتلاكه ثروة حيوانية كبيرة وفرتها المراعي الطبيعية.
كان البيت الأبيض قد أعلن، في أواخر ولاية الرئيس السابق، باراك أوباما، في يناير/ كانون الثاني2017، رفعاً جزئياً لبعض العقوبات الاقتصادية المفروضة على الخرطوم، وعلّل ذلك بالتقدم والتعاون الذي أحرزه السودان في مكافحة الإرهاب، في الوقت ذاته، أبقت الإدارة الأميركية السودان على لائحة الدول الداعمة الإرهاب.
وقد أوردت صحف الخرطوم، أخيرا، أنّ العاصمة الأميركية قد شهدت تظاهرات حاشدة من سودانيين احتشدوا أمام البيت الأبيض، وساندهم فيها أصدقاؤهم من مختلف الجنسيات، مطالبين برفع العقوبات عن السودان، في موقف يعبّر عن صدق الإنتماء للوطن. وسرعان ما اتهمهم ناشطون معارضون بأنّهم أزيال لحزب المؤتمر الوطني الحاكم. ولكن، هل يستطيع نظام الخرطوم تسيير مسيرة حاشدة كهذه في بلد مثل أميركا؟ علما أنّ وجود مواطنين من مختلف الجنسيات أكبر دليل على عفوية التظاهرات. في الوقت نفسه، يدعو ناشطون إلى عدم رفع العقوبات، بحجة أنّ الحكومة هي المستفيد الأول من رفعها، لكن فات عليهم أنّ المواطن هو المكتوي الأول بنيرانها في حال عدم رفعها، بل ستشتعل الأسواق لمجرد عدم رفعها، وسيتراجع الجنيه السوداني إلى نحو 25 جنيها أو يزيد مقابل الدولار.
نعم لرفع العقوبات عن السودان من أجل الأهالي في البوادي، والمزارعين في الحقول، والرعاة في الوديان والبسطاء الكادحين الذين ينشدون العيش الكريم، ويكابدون مشاق الحصول على لقمة العيش، ولا مزايدة في ذلك.
6397A895-D6E7-4F34-AF1B-0ED59CC60F53
6397A895-D6E7-4F34-AF1B-0ED59CC60F53
مصعب محجوب الماجدي (السودان)
مصعب محجوب الماجدي (السودان)