صلاح فضل.. رجل الخلطات السريعة

صلاح فضل.. رجل الخلطات السريعة

21 سبتمبر 2017

صلاح فضل.. أراد لنصير شمة الدكتوراه في مناقشة الماجستير

+ الخط -
للرجل أعاجيبه ومهماته الأدبية أحياناً، والمهرجانية أحياناً، والفنية أيضاً، جديدها في حادثة ماجستير نصير شمة المقيم في مصر منذ سنوات. وأحياناً يتماس الدكتور صلاح فضل مع السياسة فاعلاً ولاعباً أيضاً، وخصوصاً في السنوات الأخيرة. وبالطبع يكون مع السلطة، سلطة البهارات بالطبع، والحجة والنص البليغ الذي لا تشوبه شائبة، وخصوصاً من ناحية السبك والبلاغة وتنميق اللغة ودغدغتها، وشفافية الجملة ومقاصدها ورهافة دلالاتها النصية، والدستورية إن لزم الأمر، فالبهارات جاهزة، وتحت الأمر والطلب.
الرجل ذراع دولة مشهود له بالصلاح والحنكة منذ كان مستشاراً ثقافياً لمصر في إسبانيا حتى ماجستير نصير شمة، والذي رأى دكتور صلاح، وهو في المطبخ، بعدما غلبته روائح البهارات (في الماجستير بالطبع) المقدّم من الطالب نصير شمة، أن للماجستير (طعماً خاصاً) ونكهة فريدة، لا هي شرقية ولا غربية، يكاد من غرابتها وعذوبتها أن يطير أو يجنّ، بل هي مزيجٌ فريد من رؤية فنيةٍ، فاقت زمانها ومكانها أيضاً، وتفوّقت حتى على الطالب نفسه، وغلبت مقصده في نيل الدرجة، فتحولت ما بين بنان الطالب من ماجستير إلى دكتوراه، من دون أن يدري الطالب شيئاً من هذه المقاصد العلوية التي تلبّست ذات الطالب، فأوردته إلى العبقرية من دون أن يدرك هو ذلك. والدكتور صلاح ذوّاقة للفن والعود وضرباته والبهارات، وخاصة "الفريدة"، فرأى من داخل بصيرته الفنية أن الماجستير يستحق الدكتوراه، فمنحها للطالب وهو هادئ البال، ومرتاحٌ من فوق كنبة المجلس الأعلى للثقافة. وفي النهاية، المطبخ مطبخنا، والماجستير ماجستيرنا، والدكتوراه من بلادنا، والبهارات أيضاً، والمجلس مجلسنا، وصدق من قال "المجلس البلدي". و"اللي مش عاجبه يشرب من البحر"، كما ذكر الراحل رفعت السعيد. وهذه ليست أوائل القصائد لدى الدكتور صلاح فضل، فقد سبق له، من سنوات عجاف، أن شرّع ونظّر وخطط وهندس "ونجّد" أيضاً لجائزةٍ أسماها "جائزة السيرة الذاتية"، ومنحها للكاتبة مي التلمساني المقيمة في كندا، تحت اسم كان ساعتها قد "دشّنه" الدكتور، وأسماها "جائزة الدولة التشجيعية في السيرة الذاتية"، والكتاب الخاص بالمؤلفة مكتوب عليه "رواية". فإذا سألت المؤلفة، قالت إنها رواية، بدليل أن الناشر كتب على غلافها "رواية". وإذا سألت دكتور صلاح، قال: لا، هي سيرة. وهو بالطبع "العليم"، فقد ضيّع سنواته في المصطلح والبحث، وكم عانى وسهر ودقق. طيّب هل تعرف هذا كاتبة تصل إلى حجرها جائزة دولة معطرة ومدهونة بالبهارات من شعرها إلى خمصها، ثم ترفضها؟.
الغريب أن دكتور صلاح، بعدما افتتح هذا الفرع للجائزة، وسجل ماركاته لدى كل مطابخ العالم الما بعد حداثي، تنظيراً وتقعيراً ومصطلحاً، وأنفق عليه من بهاراته النقدية كثيراً من البهارات الحداثية والنعنع، من مطبخ جاك دريدا وغيره، شطب على فرع الجائزة تماماً، وباع الماركة والصك لجهة غير معلومة إلى الآن.
هل تغلب الرجل مجموعة من البهارات القولية والكلامية، لكي يمنح نصير شمة الدكتوراه بدلاً من الماجستير، والرجل من قبل، هو رجل المهرجانات عن جدارة، ورجل السفارات والبهارات والمهام الصعبة من سنوات.
نحن إذن أمام مطبخ سلطاني، تقوده نخبة مصرية مدربة تدريباً عالياً وفائق الجودة، نخبة يحسدنا عليها العالم، تعرف مقاصدها جيداً ومساربها، وخصوصاً السياسية والمابعد سياسية أيضاً. والخلطات موجودة، ولنا في البهارات باع طويل، منذ كانت تمر علينا إلى بلاد الإنكليز، قادمة من الهند، أتمرّ علينا وفي بحرنا ولا يكون لنا فيها من نصيب؟