السوريون وداعش

السوريون وداعش

18 سبتمبر 2017
+ الخط -
أطلق لحيتك، حفّ شاربيك، البس الأسود، وتوّعد الجميع بالقتل، ثم اهرب وتخفّ واترك المدنيين لمواجهة مصيرهم المحتوم. هذا هو ملخص تجربة السوريين المريرة والروتينية في ظل حكم تنظيم الدولة الإسلامية.
فمع سيطرة مليشيات النظام والوحدات الكردية على معظم أراضي الشرق السوري من التنظيم، لم تكن هذه السيطرة بالمجان، فالمجازر التي قام بها قصف التحالف الدولي بحق المدنيين وضحايا الاشتباكات والتهجير بلغت أعدادا قياسية. وما زال العالم يتناسى أو يغفل عن حقيقة المعاناة الإنسانية هناك، كما تعامى عنها في بقية المناطق السورية طوال السنوات الماضية. ولكن زاد الإهمال لمعاناة المدنيين الهاربين، خصوصا من مناطق التنظيم، حيث أنّ سيطرة النظام والمليشيات المواليه له تتوازى مع هروب المدنيين مع التنظيم من المدن والقرى المنكوبة، وتضيق معها مساحات حرية التحرّك، خصوصا مع سرعة وصول النظام الى دير الزور، وفك الحصار عنها.
ما زال التنظيم، يوماً بعد يوم، يخسر الأراضي، لكن الخسارة الأكبر هي للمدنيين، إذ كان شعار "باقية وتتمدد" نظرياً وليس عملياً، فعندما تحارب جميع الأطراف، وتتهم الآخرين بالردة والكفر وبمسيرتك تقضي على الجيش الحر والحراك الشعبي الذي قمت باستغلاله للتوغل والسيطرة على هذه المناطق، فإنك ستخسر، حتى الحواضن الشعبية.
منهج تنظيم القاعدة في كل التجارب السابقة، أظهرت أنّه غير قادر على المواجهة فترات طويلة، فالانسحاب لديه هو سيد الموقف، حتى لو قاوم بالمفخخات لفترة. وفي كلّ خسارة يعود إلى سياسة التفجيرات وعمليات الدهس الانتقامية في أوروبا، حتى يجيش المجتمع الأوروبي على اللاجئين الذين هم بنسبة كبيرة ضحية لسياساته التعسفية والهمجية في المعارك والسيطرة.
لا أريد تجميل أعداء التنظيم، فالكل ساهم بالقتل وارتكاب جرائم الحرب وتشتيت شمل المدنيين، ولكن ثمن تجربة قيام دولة إسلامية في سورية والعراق كان كبيرا، وأعطى حجة قوية لجميع قوى العالم بالتدخل في المنطقة، وإعادة شرعنة النظام السوري المتواطئ بشكل أو بأخر مع التنظيم.
ونهاية هذا التدخل، على ما يبدو، حدوث تغيير ديمغرافي في منطقة هي بالأساس مفتتة، وتعد من أكثر مناطق العالم تنوّعا عرقيا وطائفياً.
74BEDD2D-C607-4734-96F4-15A4F5B2A958
74BEDD2D-C607-4734-96F4-15A4F5B2A958
ظهير الصياصنة (سورية)
ظهير الصياصنة (سورية)