عاصفة الحزم وسيادة اليمن

عاصفة الحزم وسيادة اليمن

08 اغسطس 2017
+ الخط -
اليمني هو الإنسان الأكثر أملاً على هذا الكوكب، كما أنّه المواطن العربي الأكثر إيماناً بالتفاؤل، على الرغم من واقعه المفخخ، ووضع بلاده المتأزّم.
بتلك الروح المليئة بالأمل، تعامل اليمنيون مع العاصفة العربية التي انطلقت قبل أكثر من عامين، للوقوف إلى جانب اليمن في سبيل الخلاص من ثنائي الشر الجاثم على صدرها، أي تحالف الحوثي صالح، بهدف استعادة الدولة التي اختطفتها المليشيات. لكن الأمل والتفاؤل قلّ منسوبهما مع تمدّد الحرب واستمرارها.
كانت ليلة 25 مارس/ آذار 2015، حين انطلقت عاصفة الحزم في إطار تحالفٍ عربي، استناداً إلى مرجعيةٍ شرعية، هي الرئيس عبد ربه منصور هادي الذي استعان بالأشقاء العرب، بعد أن انقلبت مليشيا الحوثي على مؤتمر الحوار الوطني الذي أجمع عليه اليمنيون، وعطلت كل الإتفاقيات، وتحالفت مع المخلوع علي عبدالله صالح، ومن ثم اجتاحت مليشياتهما صنعاء وحاصرت الرئيس الشرعي للبلاد وأعضاء الحكومة، وغزت المدن واجتاحتها شمالاً وجنوباً، ونهبت المؤسسات العامة والخاصة.
لم يكن ذلك فحسب ما استدعى التحالف العربي الذي تقوده العربية السعودية، الجار الأقرب لليمن، إلى التدخل، فقيام الحوثيين بمناورات عسكرية على الحدود اليمنية السعودية فور انقلابهم وسيطرتهم على القوة العسكرية للبلاد شكّل استفزازاً قويا للمملكة، ما دفعها إلى تشكيل تحالف عربي لإيقاف التمدّد الحوثي، وكبح جماح الحركة المدعومة من إيران لإيقاف الخطر الذي يهدّد سيادتها وأمن الخليج والمنطقة.
يقف اليمني اليوم مشدوهاً حيال التلكؤ الذي يمارسه التحالف العربي من عدم استكماله استحقاقات المرحلة، وما تكشّف من أهداف خفية وعبث ممنهج وأطماع مشبوهة لبعض دول التحالف، وصل إلى حدّ احتلال الجزر والموانئ اليمنية، وإنشاء سجون ومعتقلات سرية، وتدريب كيانات عسكرية موازية للجيش الوطني الذي يمثل الجيش الرسمي لليمن، وتجييش فصائل تعمل خارج إطار الجيش اليمني والشرعية والحكومة اليمنيه.
اليمني مواطنٌ غيور على وطنه وسيادته، إذ أنّ الغيرة والشجاعة طبعان ورثهما اليمني بالفطرة. لذلك، يواجه اليمنيون صلف الحوثي وصالح وإجرام مليشياتهما بكل هذه البساله والصمود. لذا اصطف اليمنيون إلى جانب المشروع العربي في مواجهة المخطط الإيراني، لكن ما ظهر بعد انكشاف الستار أظهر لنا أنّ ثمة من يعمل في إطار التحالف على النسق والنهج والسياسة الإيرانية الهادفة إلى إعاقة نهوض اليمن، وإطالة أمد الحرب فيه، واستغلال ذلك من أجل السيطرة على ثرواته، ونهب عوامل تعافيه مستقبلاً وجعله بلاداً منزوع السيادة، وذلك ما لن يقبله اليمنيون بالتأكيد.
الهدوء يسبق العاصفة، ويتلوها كذلك؛ وفيما يخص اليمن من المعروف أنها كانت تعيش مرحلة غليان قبل العاصفة، ما يعني أنّ المفترض حدوثه هو إخماد العاصفة الغليان وإحداث هدوء مُفترض بعد انتهائها، غير أنّ ذلك لم يحدث، إذ لم يُبصر اليمينون حتى اللحظة طريق الدولة الآمنة المستقرة، ولم يروا بودار سلام تلوح في أُفق وطنهم، فالغبار الكثيف الذي أثارته العاصفة تسبّب بحجب الرؤية مع طول بقائه وهو ما أدى الى انحراف مسار الحرب!
يتوجب الآن على قيادة التحالف العربي بعد عامين من عملياتها في اليمن مراجعة الأهداف التي بموجبها انطلقت عاصفة الحزم، لأنّ تشتت الأهداف وما تقوم به الإمارات على مرأى من التحالف أسهم في إطالة أمد الحرب، وعقّد الأمور أكثر، وذلك ليس في مصلحة اليمن، كما أنه يهدّد أمن الخليج، وخصوصا العربية السعودية التي لا زالت المليشيات تشن عدواناً على حدودها بين الفينة والأخرى.
نُدرك تماماً، نحن اليمنيون، أنّ التحالف، وفي مقدمته العربية السعودية، لا تريد لليمن سوى تخطّي هذه المرحلة، والإتجاه نحو مرحلة الدولة. لكن، في المقابل، عليها إعادة تقييم المرحلة، وضبط تحركات بعض دول التحالف، من أجل احترام سيادة هذا الوطن وقراره، فأن اليمن يمرّ بمرحلة حرب لا يمنح أي دولة الحق في سلب سيادته، بحجه إنقاذة. لذا لا تخسروا ثقة الشعب الذي عوّل عليكم في الأخذ بيده، ولا تُدخلوا اليمنيين في معمعة صراعكم الخليجي الخليجي، فأولويتنا إنهاء الإنقلاب واستعادة الدولة وبناء هذا الوطن الذي بذل اليمنيون من أجله تضحيات جسيمة.
0EE28B47-0EB8-4720-95BC-ABEF75A3B2B1
0EE28B47-0EB8-4720-95BC-ABEF75A3B2B1
عبدالرحمن الشوافي (اليمن)
عبدالرحمن الشوافي (اليمن)