الرائد لا يكذّب أهله

الرائد لا يكذّب أهله

29 اغسطس 2017
+ الخط -
منذ قرن وجماعة الإخوان المسلمين تتلقى ضروباً من المحن الشديدة ورهاب الدول المستبدة، حيث تعرّض وجودها الأصيل باستمرار لأدوات القهر التعسفي وسيل الاعتقالات الظالمة وحملات التضليل المغرضة. وقد اختلفت هذه المحاولات الإقصائية بإختلاف الظروف التي تحكم تطورها وحضورها بالمشهد العام، حيث شهدت إرادتها الصلبة صنوف الاضطهاد وتضييق الحال عليها، وشملتها مختلف الهجمات العدائية وأنواع العذاب، وواجهت عبر تاريخها الطويل صلف الأنظمة المتعاقبة وعنفوان بطشها المتواصل.
وكلّما شعرت السلطات القمعية مقاومتها الأوضاع السائدة وقوتها في إحداث منهج التغيير الحضاري، انتابها الجنون وتنوّعت أسالبيها الساقطة للحيلولة دون قيامها بذات المشروع الإصلاحي الجامع، وأمعنت في افتراءاتها الفاجرة حتى لا تسود مبادئها القويمة في وعي الناس ويستوعبوا حاجتهم للغاية العظيمة التي تجمعهم بها.
هذه المنظومات المضادة للأماني المشروعة قائمة على رؤى خاصة بها ومحكومة بإشكالات لا تتوافق مع أطروحات الديمقراطية بشيء، يزعجها تصحيح المسار واستبدالها بنماذج ناجحة، وما دامت قائمة بخلاف إرادة الشعوب فإنّ تحركاتها ستظل نابعة من موقف الحفاظ على بقاءها وخدمة أغراضها الأنانية، والبحث عن شرعية زائفة تقر هيمنتها الطويلة ومنفعتها الشمولية.
وفي حال تعرّضت عروشها الخاوية لموجة من الاحتجاجات المطلبية، وحدثت ردّات فعل طبيعية لواقع التحولات لجأت لتكريس فجورها وتبرير فشلها بإرهاب التوجهات النبيلة وشيطنة التحرّكات المنادية بالإصلاح، واستنفذت كلّ طاقتها في محاربة القوى الفاعلة، وخصوصا الحركات المستنيرة التي تحمل قضية بحجم الأوطان التي تسكنها، ومعلوم أنّ حركة الإخوان إحداها وأهمها، حيث تخرج من كل الصراعات أقوى عوداً وأصلب إرادة، ولديها من الصبر ما يكفي لجعل الأمل حاضراً في إيمانها وقناعاتها التي لا تتزحزح بفعل الباطل.
وقد تمخّض عن تنكيلها عبر المراحل قناعة راسخة لدى قواعدها المؤمنة بأنها موضع الرهان، وصمام أمان وفكرة لا تمّحى من العقل والوجدان، وزادهم يقيناً بأنّ من مشى على هدى وبصيرة وتسلّح بإيمان صادق وقوي هو من ينتصر دائماً، وهو من يشكّل في الواقع رافعة عامة لاهتمامات الناس وقضاياهم المصيرية.
وعلى الرغم من الإستعانة بإيديولوجيات مناهضة، وأخرى راغبة في إستئصال حركة الإخوان، إلا أنّ كل هذه المحاولات تبوء بالفشل، وتصطدم مواجهاتها العنيفة بقضيتها الملتزمة بوحدانية الله المتعال وتعظيم حكمه في حياة البشر.
وفي تقديرنا المتواضع لمحصلتها النهائية، فإننا نجدها تقع في القلب من المشروع الإسلامي، وتمثل ضرورة لازمة لنهج التجديد ومهام التقدم المشترك، ونراها حالة سوية مع مشاريع التطلع ونهضة الشعوب الحرّة.
57C8D311-2EBC-4E90-85D3-A174EC18BA9C
57C8D311-2EBC-4E90-85D3-A174EC18BA9C
فوزي الحقب (اليمن)
فوزي الحقب (اليمن)