كنوز ألمانية يعثر عليها سوريون

كنوز ألمانية يعثر عليها سوريون

03 اغسطس 2017

عائلة سورية قرب فولفسبورغ وسط ألمانيا (3/11/2015/فرانس برس)

+ الخط -
احتفل، أمس، الصديق الإعلامي الأصيل، فلاح إلياس، بمرور سنة على عثور الشاب السوري مهند على 150 ألف يورو، وصكوك مالية. وأرفق رابط المقابلة على صفحته الكريمة. تقول الأخبار: إن الألمان يحبّون ادّخار الذهب وكنز الأموال في البيوت والخزائن ووراء الجدر في أمكنة محصنة. وتقدّر الحكومة أنّ الأموال المكنوزة تحت البلاط والمفقودة بأربع عشرة مليار يورو. كثرت أخبار عثور السوريين على أموال ضائعة ومفقودة في ألمانيا وتركيا، وسارت بأخبار أمانتهم الركبان والفضائيات والصحف، على ما بهم من جروح وقروح ونزوح، حتى أنّ حزب التيار البديل "بيغيدا" زعم أن الحكومة الألمانية، بقيادة العمة ميركل، تلفّق هذه الأخبار، مثل فضائية الدنيا حتى توّطِئ الأكناف للشخصية السورية، ساء ما يحكمون.
اختلاق أخبار الفضيلة أمر محمود، والكذب فيها جائز.
أحببت أن أنضم إلى هذا الرعيل، ففتحت عيني كالضفدع، وأشعلت شموع حواسّي، حتى عثرت على مبلغ من المال أخيراً، عندما كنت مارّاً في الشارع، أبحث عن وطني المفقود. في تركيا، كنت أعثر على نقود معدنية كثيرة وصغيرة على الأرض، مردُّ كثرتها، على الغالب، هو النهضة الجديدة ونعمها، أما في ألمانيا فيندر أن يعثر المرء على نقودٍ ظاهرة فوق وجه الأرض، فالألمان قوم حريصون، ويخفونها تحت الأرض.
ناداني جاري في "الهايم" عبد الرحمن الصومالي، وكان واقفاً مع سيدةٍ ألمانية في الستين، ومعهما خزانة عريقة الخشب، وعرض عليّ الخزانة التي كانت السيدة الألمانية قد منحتها له، هديةً ما من وراها جزية، فهو عزب، وغرفته صغيرة. آزرتْه السيدة الألمانية في مسعاه لإقناعي باتخاذها، وراحت تتغنى بجمال الخزانة، وتعرض عليّ مفاتنها، وأبرزت مفاتيح الأبواب، فقبلت أن آخذها على مضض، فما أكثر الأمتعة التي يتخلص منها الألمان رغبةً في الجديد.
ساعدوني في نقلها، وركنتها في القبو. وعند تركيبها عثرت على مبلغٍ في سقف إحدى الدروج، كان مبلغاً صغيراً قدره عشرين يورو فقط، لا يستدعي إبلاغ فلاح إلياس، ونويت أن أعيده إلى أصحابه، بعد القيلولة المقدّسة، لكن ابنتي الصغيرة، ذات الرأس اليابس، صدّعت رأسي، وقد بدأت تلحُّ عليَّ، وتذكّرني بضرورة إعادة المبلغ إلى أهله، فخير البّر عاجله، وكنت أنوي إعادته. ولكن، عليّ أن أبحث عن عنوان السيدة في المبنى، وعبد الرحمن مسافر، والمبلغ صغير، لا يستحق إلحاف ابنتي العنيدة ذات الرأس اليابس.
استسلمت لإلحاح ابنتي التي حرمتني من رفاهية القيلولة، فرحتُ أبحث عن عنوان صاحبة الخزانة، حتى وجدته وأعدته لها، فشكرتني. عدّت، وأخبرت ابنتي بأداء الحق إلى أصحابه، فارتاحت، وأثنت علي وشكرتني. ابنتي، أمٌّ صغيرة تذكّرني دوماً بواجباتي: عدم نسيان مفتاح البيت، إغلاق باب المنزل ليلاً، حبة الضغط.
المرة الثانية، كنت فيها في الشرفة، أبحث عن وطن وراء الغيوم العابرة، عندما عبر ألماني عجوز، وسقط من سلة دراجته الخلفية كيس، فناديته، ولكن العجائز سمعهم ثقيل، أو أنّ أسلوب النداء في ألمانيا يختلف عنه في سورية، فنزلت وحاولت اللحاق به، لكنه كان قد اختفى في ظروفٍ غامضة. حملت الكيس وأحرزته في أعلى السور القصير، حتى يراه إن عاد، وعدت إلى مرصدي، أراقب أسراب الطيور بحسدٍ قديم، وأبحث عن وطن مفقود في الذكريات.
عاد الرجل بعد نصف ساعة، ووجد الكيس. التفت، فرآني، لوّحت له، فأشار إليّ بالنزول، فشكرني، وأخرج من جيبه مبلغاً مكافأة لي، وقدّرت من لون القطعة النقدية أنها عشرة أو خمسين يورو، فلهما اللون نفسه. رفضت، ولجّت بينا القضية، هو يدفع لي بالمال، وأنا أتمنع حتى تجاذبنا، وكدنا أن نقتتل، حتى اضطررت إلى تكتيفه ومعانقته، فانعدمت حركته، ثم نظر إليّ نظرة غريبة، أوّلتُها نظرة إعجاب، ومضى.
لا يعرف أنّ ابنتي ستنغّصُ علي عيشي، وقد تصلبني حتى تعشّش الطيور في صدري.. الأمانة واجبٌ لا شكر عليه.
683A43FF-D735-4EBA-B187-3AC9E42FAE32
أحمد عمر

كائن يظنُّ أن أصله طير، من برج الميزان حسب التقديرات وطلاسم الكفّ ووحل الفنجان.. في بكرة الصبا أوعشية الشباب، انتبه إلى أنّ كفة الميزان مثقوبة، وأنّ فريق شطرنج الحكومة "أصحاب فيل"، وأنّ فريق الشعب أعزل، ولم يكن لديه سوى القلم الذي به أقسم" فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا..."