يسقط.. يسقط حكم العسكر

يسقط.. يسقط حكم العسكر

19 اغسطس 2017
+ الخط -
تابعت بحرص وهدوء الحديث الإعلامي لمساعد وزير الخارجية المصري والسفير السابق معصوم مرزوق (مرشح محتمل لرئاسة الجمهورية)، وقد تحدث بثقة وصراحة تامة، أضافت إلى ما أعرفه عنه المزيد من التقدير والاحترام، وإن لم يمنعني هذا من الاختلاف مع بعض ما قال، خصوصا اعتراضه على شعار "يسقط يسقط حكم العسكر"، والذي فسّر أنه يعترض عليه لسببين، الأول أنّ نظام الحكم الحالي بالتعريف الأكاديمي لا يعتبر عسكريا. والثاني، خشيته أن يتسرب إلى العقل الباطن للمواطن المصري نتيجة هذا الشعار أي انتقاص من قيمة (ومكانة) العسكرية المصرية والجيش المصري الذي نكن له جميعا كل الحب والتقدير والاحترام.
أتفق مع ما ذكره السفير، أن الوضع الحالي في مصر والأزمة التي تعيشها هي أزمة وجود، وأسوأ من الاحتلال البريطاني (هل يمكن أن يكون هذا إلا في ظلّ وجود حكم عسكري؟)، وأوافقك أيضا أنّ التعريف الأكاديمي والنظري للحكم العسكري لا يتفق مع النظام الحالي. ولكن، ماذا عن التعريف الواقعي والفعلي، وهو الذي يهم المواطن في المقام الأول؟ فهل قانون التظاهر الحالي لا يمثل في حقيقته وجوداً لحكم عسكري فعلي؟ وهل يمكن أن يصدر مثل هذا القانون إلا في وجود حكم عسكري؟
الاعتقالات المتكررة وعدم السماح للمحامين المدنيين بحضور التحقيقات، ومدّ فترة الحبس الاحتياطي والمحاكمات العسكرية.. ألا يمثل كل ذلك حكما عسكريا فعليا؟ مد الجيش والمؤسسة العسكرية الطرق ورصفها من دون طلب من الحكومة المدنية، وبأمر رئاسي مباشر، ألا يعتبر حكما عسكريا فعليا؟
تدخل الجيش والمؤسسة العسكرية في الحياة اليومية للمواطن المصري، لحل الأزمات كما يدعون، وأيضا بأمر رئاسي مباشر، ومن دون طلب من الحكومة المدنية ألا يعتبر حكما عسكريا فعليا؟
مشاركة القوات المسلحة لجميع المشاريع الاقتصادية في البلد (بنسب متفاوتة)، وأيضا بأوامر رئاسية مباشرة، ألا يعتبر ذلك كله حكما عسكريا فعليا؟
كما ذكرت، الأزمة أزمة وجود للوطن وإخصاء للفكر والثقافة، كما أنها أزمة تآكل للوطنية عند الشباب، فهل نقف أمام ذلك كله للتنظير والتعريفات الأكاديمية أم نتعامل مع الواقع الحقيقي الذي يعيشه المواطن ويئن منه ويتألم؟
ما حدث في 23 يوليو/ تموز 52 بالتعريف الأكاديمي هو انقلاب عسكري، لكنه بحكم الواقع وما شعر به المواطن ثورة حقيقية مكتملة الأركان.
لا ينتظر المواطن من الجبهة (المزمع تشكيلها) ولا من المخلصين الشرفاء، كتاباً أو مرجعاً أو فلسفة يتم تدوينها ونشرها، لكنه ينتظر أملاً وحلاً لما يعانيه يوميا بواقعه وحقيقته، والذي يؤكد وبوضوح تام ومن دون حاجة لإثبات أنّ الحكم الحالي حكم عسكريا بامتياز.
يسقط يسقط حكم العسكر
795B9830-8541-444B-B4A4-35AB0D11D51C
795B9830-8541-444B-B4A4-35AB0D11D51C
محمد لطفي (مصر)
محمد لطفي (مصر)