سياسيو الثورة السورية

سياسيو الثورة السورية

18 اغسطس 2017
+ الخط -
دفعتني إلى الكتابة بعد انقطاعي أشهر عدّة أحداث جرت في الأيام القليلة الماضية، أولها الجريمة التي وقعت بحق رجال القبعات البيضاء في محافظة إدلب، والطريقة الوحشية التي قتلوا فيها. وثانيها عودة أحد أعضاء الإئتلاف السوري المعارض، محمد بسام الملك، إلى حضن الوطن، واعتباره، بعد سبعة أعوام من القتل الذي مارسه الأسد وأعوانه، كل ما جرى في سورية مجرّد مؤامرة على وحدة الشعب السوري. والثالث تصريحات رئيس الحكومة السورية المؤقتة، جواد أبو حطب، لصحيفة يني شفق التركية، إنه يرحب بدخول الجيش التركي للأراضي السورية، ويطلب أن لا تتخلى تركيا عن إدلب، وأنّ شعب إدلب يقاوم الغزو الخارجي من روسيا والولايات المتحدة الأميركية بقدر استطاعته، وأن الجيش التركي يعتبر مصدر أمن لنا وفي حال قدومه إلى منطقتنا، فالشعب سيحتضنه من دون تردد.
ما سبق، يطرح تساؤلات عمّا تكون السياسة، وما يجب أن يكون عليه السياسي. ..السياسة فن الحوار لكسب الدعم لتوجهات ما، فالسياسة لعبة خطيرة يتقنها أعداد قليلة من البشر، والمثال واضح أمام الجميع، سياستان تسيطران على العالم أجمع، ونعني سياسة أميركا وروسيا، وذلك ليس لقوتهما أو امتلاكهما فقط السلاح النووي، بل لإتقانهم السيطرة على عقول شعوبهم.
أما الرجل السياسي، كما ورد في كتب ومراجع عديدة، فهو الذي يشارك في التأثير على الجمهور من خلال التأثير على صنع القرار السياسي، أو الشخص الذي يؤثر على الطريقة التي تحكم المجتمع، من خلال فهم السلطة السياسية وديناميات الجماعة، إذ عليه أن يكون مؤهلا تأهيلا كاملا، لكي يدير جماعة من الناس، وإلا انعكس ضعفه في السياسة على تلك الجماعة، والتي قد تكون عواقبها وخيمة.
سبعة أعوام مرّت على الثورة السورية التي كان هدفها الأول والأخير إسقاط نظام الفساد والظلم وإعادة العدالة والحرية إلى الشعب السوري الذي طال استعباده منذ تولي عائلة الأسد الحكم فيها. ولكن، بعد تلك الأعوام، نجد فشلاً ذريعاً تعرّضت له الثورة على الساحة السياسية الدولية، وذلك لعدم كفاءة ما يسمّونها المعارضة الخارجية، والذين باتوا يحاورون الدول الكبرى بشأن إنهاء حالة الظلم والقهر للشعب السوري، إلا أنّهم لم يتمكنوا من كسب نقطة واحدة، تمكّنهم من المضي قدماً والتأثير على تلك الدول، بل على العكس، باتوا مشرذمين يميناً ويساراً، وزادت مسمّياتهم، وأصبحت تلك الدول تريد منهم أن يتوافقوا على رؤية واحدة، ليحاوروا فيها نظام الأسد في الاجتماعات الذين يدعون إليها.
ما سبب هذا الفشل السياسي من رجالات سياسة الثورة؟
بكل بساطة، طمعهم بالحكم في سورية، وقبل أن يسقط الحكم القائم. ومن جهة أخرى، كونهم ليسوا ممن يتقنون السياسة، فبينما كان بشار الأسد يدعو الصحف والتلفزيونات والإذاعات العالمية إلى إجراء مقابلات صحفية معه ليثبت لهم أنّ هناك مؤامرة، سيطرت على معارضتنا شهوة الحكم والخلافات.
لا ألوم رئيس وزراء الحكومة المؤقتة، كونه لم يعرف أساليب السياسة. ولكن ما أريده أن يعلمه أنّ أمن الثورة السورية من أمن تركيا، وخصوصا بعد تحذير أحد سياسي الأتراك حكومة بلاده، وكشفه عن المؤامرة في إدلب، ما يعني أنّ على المعارضة السورية أن تدرك أنها ليست في حاجة استجداء الأتراك، وكأننا شحاذون وبلا قوة، فالشعب السوري من قدّم التضحيات، وخسر أبناؤه مقابل هدف أسمى، أي العيش بكرامة وحرية، لكن معارضته التي تمثله أمام العالم استهانت بقدرة هذا الشعب الكبير المعطاء وحولتهم إلى متسولين.
إذا كان نظام الأسد جلب القوات الروسية والمليشيات الإيرانية واللبنانية والعراقية إلى سورية، ليحافظوا على حكمه، فهل من المعقول أن تجلب لنا المعارضة قوات رديفة، وإن إختلفت الأهداف؟
1998067C-94BE-48BF-9CDD-353535E7731D
1998067C-94BE-48BF-9CDD-353535E7731D
أحمد سلوم (سورية)
أحمد سلوم (سورية)