أمير قطر لا ينسى فلسطين

أمير قطر لا ينسى فلسطين

27 يوليو 2017
+ الخط -
ليس عبثًا توقيتُ كلمة سموّ أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، إنها جاءت في ظلّ ظرف قاسٍ يلقي بثقله على قضية يقف أهلها في وجه الاحتلال الصهيوني، رافِضين مخططات تهويد القدس، وفرض الهيمنة الكاملة على شوارع البلدة القديمة وأزقتها، إضافة إلى المسجد الأقصى المبارك الذي يُدبّرون للفلسطينيّ أن يدخل إليه عبر بوابات إلكترونية تؤكد السّيطرة الكاملة على الأقصى. إرفض الفلسطينيين نابع من إيمانهم العميق بأنّه لا يجب تمرير هذه الخطة الصهيونية، حتى وإن كان تهاوى حائط الصدّ العربي مع الأسف الشديد.
جاءت كلمةُ الشيخ تميم لتقول للفلسطينيين إنّ العروبة ما زال فيها بعض نخوتها، وإنّ قطر تدرك ما يحدث في المسجد الأقصى، فالشيخ تميم تعمّد افتتاح كلمته بتنبيه "إخوته العرب المقاطِعين" إلى ضرورة التّفرقة ما بين مقاومة الاحتلال والإرهاب، إنها رسالة الأخ إلى إخوته لعلّهم يستيقظون، ويدركون أنّ المقاومة الفلسطينيّة ليست عدوًّا للمنطقة العربية، فالعدوّ الحقّ هو "إسرائيل" التي زُرعت سرطانًا في الشّرق الأوسط، لضمان بقاء المنطقة بحالة عدم استقرار لا منتهية، وكان مسكُ الختام أنْ ذكّر العرب بما يحدث في الأقصى، ليؤكّد أنّ قطر لم تنسَ القدس المحتلّة، على الرغم مما تمرّ به من ظروف سياسية بحُكم خطوة القطيعة التي نفّذتها دُول الجوار، فكانت الرسالة حكيمةً، حين تمنّى الشيخ تميم بأن يكون وجع القدس المحتلة محفّزًا للإخوة الفُرقاء في الخليج العربي، ليتوحّدوا ويعيدوا ضبط بوصلتهم تجاه فلسطين المحتلّة.
أثبتت قطر على امتداد سنوات مضت أنّها بلد مؤازر كريم معطاء، وإنّنا إذ نعترف بهذا الجميل، فليس من قبيل المحاباة أو المُجاملة، فالاعتراف بالحقّ واجب يعكس استحقاق الكرم، وكتابة عبارات الشّكر هي أقلّ ما يمكن تقديمه من شعبٍ عانى الأمرّين ولا يزال يدفع فاتورة تخاذل أمّته العربية والإسلامية عن نصرته بوضع خطّة حكيمة وفق استراتيجية عملية وواقعية تقودُ إلى استعادة الحقّ الفلسطينيّ؛ فالقدس ليست حكرًا على الفلسطيني لأنها إرث عقدي وموروث عربي.
واقع السّاسة العرب يشي بانقلاب على المبادئ، انقلاب يرى كثيرون من قرّاء المشهد السياسي الفلسطيني أنّه ترعرع منذ فترة أسفل الطاولة، والآن يراه المُطبّعون الجُددُ حقًّا من الحقوق وصورةً من صور أوجُه النّظر، ويؤلم جدّا أن نرى دعوات التّطبيع مع الكيان يُنظِّر لها علانية بعض المثقّفين على منصّات متعددة في دُول تُعدّ مرجعية إسلامية ووطنية، يُحتَكَم إلى قرارها، وكان الفلسطيني يعقد أمله عليها.
أصبح الفلسطيني في ظلّ ما يعيش من وضع خانق لا سيّما في غزة، جعله فاقدًا الثّقة في الوسط العربيّ من حوله، وتنتابه حالة إحباط من الدّول القريبة منه جغرافيّا لانشغالها عنه ولعِبِها على وتر التّضييق المفتعل، ما يعني أنّه مقدورٌ عليه أن يُواجهَ احتلالًا صهيونيّا، واستغلالًا عربيّا لتمرير سياساتٍ تخدم مشروع تصفية القضية الفلسطينية؛ وفكرة صفقة القرن التي يُصر الفلسطينيّ على عدم تمريرها، مهما كلّفه من ثمن؛ وبين الاحتلال والاستغلال يجد الفلسطينيّ نفسه بحاجة إلى رُكن شديد يأوي إليه، فكانت قطر؛ الملاذ لفلسطينَ ما أمكنها، وهنا نشير إلى نقطتين جغرافيّتين مهمّتين في فلسطين؛ مشهود للدّور القطري بهما أولاهما قطاع غزة على وجع حصارِه الذي يشارك به العرب ويتعمّدون السكوت عنه، والثانية مدينة القدس المحتلة وما لها من قدسية.
وإزاء رحلة الصّمود ودفع الثّمن المستمرة؛ التي يتكبّدها الفلسطيني، من المنصف أن يكون هناك إخوة عرب يقفون إلى جواره، فمن فضلكم، أيها العرب، لا تستكثروا على قطر أنّها لم تصنّف حماس المقاوِمة "إرهابية"، لا تستكثروا عليها أنّها تضمّد جرح غزة، وإن عجزتم ومنعَتْكم مشاريعُكم أن تكونوا بنخوة قطر فاصمتوا ولا تكونوا سيوفًا علينا.
01913200-4687-4F7C-BB30-5AB64DE8293C
01913200-4687-4F7C-BB30-5AB64DE8293C
مصطفى مطر (فلسطين)
مصطفى مطر (فلسطين)