قانون الجرائم الالكترونية الفلسطيني

قانون الجرائم الالكترونية الفلسطيني

25 يوليو 2017
+ الخط -
صادق الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، قبل أيام، علي القرار بقانون بشأن الجرائم الإلكترونية، وهو القرار الذي أعده مجلس وزراء حكومة رامي الحمد الله ورفعه إلى الرئيس عباس للمصادقة عليه.
أولاً، المتفحص للجانب القانوني يجد أنّ المجلس التشريعي الفلسطيني هو الجهة المسؤولة عن إصدار التشريعات، وإصدار محمود عباس هذا القرار يعدّ باطلاً من الناحية القانونية، لأن عباس انتهت ولايته في 9/1/2009. استناداً للقانون الأساسي الفلسطيني، فإن المادة 43 نصت على "عدم جواز إصدار الرئيس لقرارات بقانون إلا في حالات الضرورة القصوى التي لا تحتمل تأجيل أو تأخير على أن يتم عرضها على المجلس التشريعي في أول جلسة له". وبناء على ما سبق، يتضح لنا أن القرار بشأن قانون الجرائم الالكترونية الصادر عن عباس باطل قانونياً.
ثانياً، مضمون المواد والنصوص الواردة في القرار شمل مواد تشمل خطورة تخالف القانون الأساسي، وتخالف قوانين حرية التعبير، وتمس بحرية الرأي. والخطورة أنّ هذا القرار بقانون تم بدون إشراك أي جهة في المجتمع المدني، أو هيئات حقوقية أو نقابية، فعند تفحص المواد الواردة في القرار نجد، في ثناياها، التلبيس والتدليس واعتماد الحجج الملتوية وكبح للحرية الرأي والتعبير ضمن سلسلة من المواد التي تفرض الوصاية على الحريات ومصادرة للحقوق، يهدفون من ذلك إلى ترسيخ مغالطات السلطة التنفيذية، وتغولها على السلطات الأخرى في انزلاقات تضليلية وتمويهية، هدفها السيطرة وقمع الحريات وتعزيز الصوت الواحد للسلطة التنفيذية والأجهزة الأمنية.
ويتضمن القرار بقانون بشأن الجرائم الالكترونية أحكاما تنطوي على خطورة على الحريات، في إطلاق العنان للأجهزة الأمنية بإغلاق المواقع الالكترونية التي تتبنى روايتهم ورؤيتهم، اضافة إلى حبس المعارضين، وتغريمهم مالياً، وفق ما نص عليه القرار من أحكام وعقوبات.
ثالثاً، يسمح هذا القرار للسلطات الأمنية تقييد حرية حق وصول الجماهير إلى المعلومات، من خلال اعتماد مصطلحات فضفاضة، مثل تهديد الأمن العام، تهديد سلامة الدولة، إضعاف الشعور الوطني. وهذه كلها مسميّات واسعة تحتمل التأويلات والتفسيرات المختلفة، إذ يمكن أن يؤول أي لفظ لمعنى مخالف للمقصد الأساسي له، وكذلك إلباس الحق صفة الباطل، وأن تعتمد التفسير السيء، وتعاقب على ذلك كل من يختلف مع الجهات الرسمية والأجهزة الأمنية.
رابعاً، ستترتب على هذا القرار بقانون آثار أمنية واقتصادية تضر بالدولة. بداية، فإنّ التشديد والترهيب الذي تحمله مواد هذا القرار ستدفع الجمهور إلى العزوف عن الاشتراك في الشركات الفلسطينية للأنترنت وتكنولوجيا المعلومات ومزودي الأنترنت الفلسطينيين، لأنّ هذا القرار يستوجب على هذه الجهات تقديم معلوماتٍ عن مستخدميهم للجهات الأمنية، وكذلك السماح للأجهزة الأمنية بمتابعة معلومات وخصوصيات الجمهور عبر شبكة الانترنت، ما سيؤدي إلى لجوء الجمهور إلى الشركات التابعة لدولة الاحتلال، للاستفادة من خدماتها. وهنا يبرز الخطر الأمني حيث يصبح المستخدم الفلسطيني لدى شركات دولة الاحتلال الإلكترونية صيدا سهلا وهدفا للإسقاط والمتابعة الأمنية. وإضافة إلى ما سبق، هنالك أثر مالي واقتصادي سيء لعزوف الجمهور الفلسطيني عن استخدام الشركات الوطنية الفلسطينية.
خامساً، حق الحصول والوصول إلى المعلومات أصيل، ويعد أهم ركائز الحرية في الدول الديمقراطية، فكيف لنا أن نفسر ونتفهم هذا القرار الذي يحمل في ثناياه مواد تعارض هذا الحق. ومن أمثلة ذلك إعلاق سلطة رام الله مواقع ومنصات إعلامية وطنية وحجبها في الضفة الغربية واعتقال صحفيين وإعلاميين في الضفة الغربية بحجج واهنة، وترهيبهم بالقبضة الأمنية.
سادساً، ينبغي على المؤسسات الحقوقية والنقابية وهيئات المجتمع المدني الاعتراض على قرار الرئيس عباس بشأن الجرائم الإلكترونية، باعتباره باطلا قانوناً ويصادر الحريات شكلاً ومضموناً. وكذلك ضرورة العمل على تعطيل تطبيقه لمخالفته للقانون الأساسي الفلسطيني، وباعتباره باطلا قانوناً، ولأنه يحمل مواد مموهة عديدة تحتمل التدليس والتأويل وفق رغبة السلطات، وفي ذلك مغالطات عظيمة ومصادرة للحريات.
88B8E719-0723-4D79-A724-A85E364EB044
88B8E719-0723-4D79-A724-A85E364EB044
محمد مصطفى شاهين (فلسطين)
محمد مصطفى شاهين (فلسطين)