الحوار السبيل الوحيد

الحوار السبيل الوحيد

24 يوليو 2017
+ الخط -
نشرت صحيفة ألموندو الإسبانية، يوم 13 يوليو/ تموز الجاري، مقالا بعنوان "التهديد العالمي الذي يمثله التطرف"، موقّعا باسم صديقي سفير المملكة العربية السعودية لدى إسبانيا، منصور بن خالد. بعد قراءته بعناية. ومقتنعا تماما بأننا نأمل، نحن الاثنان، في حل قريب للأزمة الخطيرة التي تهز منطقتنا، أعتقد أن من الضروري إبداء بعض الملاحظات.
أولا، أود أن أشير إلى أن السفير استخدم حرية التعبير الموجودة في إسبانيا لتقديم رؤيته عبر وسيلة إعلام مفتوحة، ولكن قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر جاء مصحوبا بطلب فرض الرقابة على وسائل الإعلام القطرية، ألا يبدو متناقضا سلوك الحكومة السعودية؟ أليس من المفارقات المطالبة بإغلاق قناة الجزيرة؟ لا يمكننا أن نغفل عن ضرورة الدفاع عن حرية التعبير وحرية الديانة، لأنه فقط من خلال الحوار سنصل إلى حلول إيجابية من أجل الجميع. في بلدنا، لا يوجد سجناء رأي، ولم يذهب أحد إلى السجن بسبب كتابة تغريدة.
فيما يتعلق بالحصار القاسي الذي نعانيه، يشير السفير السعودي إلى أنه لا يتسم باللا إنسانية، بل إن الأمر يتعلق بحق سيادي ومشروع. إغلاق الحدود وضع قطر في وضع دقيق للغاية، معوّقا وصول السلع الضرورية، مثل الأغذية والأدوية. وإنني أتساءل عمّا إذا كان عملٌ يتسم بهذه السمات، يمكن أن يوصف بصورة أخرى غير كونه لا إنسانيا. من حسن الطالع أن الإدارة السديدة لحكومتنا، والدعم النزيه من دول صديقة، أديا إلى تفادي أن تكون للحصار عواقب وخيمة.
وفي نص المقال، يشير السفير إلى تصريحاتٍ لرئيس الولايات المتحدة فيما يتعلق بالتمويل المزعوم للإرهاب من قطر. يبدو أنه نسي أنه قبل يومين من نشر مقاله وقّعت الدوحة وواشنطن على مذكّرة تاريخية لمكافحة هذا النوع من التمويل. لم توقّع المملكة العربية السعودية أبدا على اتفاق بهذا الحجم. كذلك يذكر في المقال اتفاقات الرياض، لكنه يتفادى الإشارة إلى أن الأمر لا يتعلق باتفاقياتٍ حصرية مع قطر، وإنما باتفاقياتٍ جماعية. لم ينكث بلدنا أبدا بهذه الاتفاقيات، وكان الذين حثّوا على هذا الحصار هم الذين انتهكوا آلياتها، عندما اتخذوا قرارا أحادي الجانب، من دون اللجوء إلى الحوار بين الحكومات.
ويتفادى السفير أيضا التعرّض للأسباب الحقيقية لهذه الأزمة التي لا علاقة لها بالإرهاب ولا بالتصريحات الكاذبة المنسوبة لأميرنا، والتي، كما تم الكشف عنه، جاءت من عملية قرصنة إلكترونية، جرى تنظيمها من دولة الإمارات العربية المتحدة. السياسة الخارجية لقطر، الحرّة والمستقلة، كانت أحد المسببات الرئيسية. لسنا مستعدّين لأن يتدخل أحد في شؤوننا الداخلية، أو يُسكت الأصوات الناقدة. فيما يتعلق بالدول التي انضمت إلى المقاطعة، لم يشر السفير إلى عددها، ولا إلى مَن هي، وهو الأمر الذي يأتي للتأكيد على فشل المبادرة الهادفة إلى تشكيل تحالف ضد بلدنا.
كسفير لقطر، أود أن أوضح موقفنا فيما يتعلق بالإرهاب. نحن أعضاء في التحالف الدولي ضد الإرهاب، ونستضيف قاعدة عسكرية أميركية ولدينا علاقات فقط مع حكومات رسمية. لسوء الحظ، يأتي كثيرون من أعضاء منظماتٍ، مثل القاعدة والدولة الإسلامية من المملكة العربية السعودية، وكذلك أغلب منفذي هجمات "11 سبتمبر". وكان أسامة بن لادن، الذي ذكره ابن خالد، مواطنا سعوديا، ودفعت بشخصيته قدما الاستخبارات السعودية، قبل أن توجد قناة الجزيرة. كذلك أود أن أسأل صديقي السفير حول عديدين من مواطنيه المشمولين في قوائم أعدّتها الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي. أخيرا، أود إبراز أن قطر لم تشجع أبدا على حربٍ ضد دول مجاورة. ومع ذلك، فمن المحزن التذكير بحقائق درامية للغاية، كالتي يعيشها اليمن حاليا.
أمام الظرف الصعب الذي تعيشه منطقتنا، فإن الهدف الرئيسي الذي يجب أن يجمع دول الخليج وباقي دول العالم هو الكفاح الشديد ضد الإرهاب. لا ينبغي علينا أن نقتصر فقط على اتخاذ إجراءاتٍ ذات طابع عسكري، بل إنه أيضا من الأهمية بمكان الخوض في جذور الإرهاب. فقط عبر إنشاء دول حرة، والرهان على مستقبل الشباب، والكفاح من أجل حصول النساء على المساواة، سيمكننا خلق فضاء نعيش فيه آمنين. آمل وأرجو ألا نكون نتحدّث عن حلم لا سبيل إلى تحقيقه، وإنما عن واقع أقرب إلى التحقيق من أي وقت مضى.
52D265B3-B27C-4198-A6F8-5EA7D9386241
محمد الكواري

سفير دولة قطر في إسبانيا