هذه الغزوة

على بعد أمتار قليلةٍ من مدرسة يوسف بن تاشفين، توجد بناية فخمة ذات شكلٍ لم يكن معهوداً في مدن الصحراء، الشكل الجديد يحمل جديداً للساكنة وللمدينة، طبيعة مدنية غربية جاءت لاكتساح نمط عيشي تقليدي.
ماكدونالدز، سلسلة المقاهي والمطاعم الأميركية تفتح أبوابها بالعيون حاضرة الصحراء. عنوان دخول ماركة جديدة ليس للمنافسة لانعدام وجود تنافسية حقيقية في مدينةٍ يغلب على مزاجها الاقتصادي نمط ريعي. وجود هذه الماركة سيفتح المجال أمام خطوات عملية نحو غزوة ثقافية غربية. أكل وشرب غربي، كوكاكولا، مأكولات سريعة ومشروبات خفيفة، علماً أنّ المشترك هنا هو سرعة الإنجاز، وبالتالي سرعة الأكل.
السرعة مقابل روتين يومي، معروف بالبطء، حياة بسيطة وهادئة مقابل حياة ترف، تغدق المال بلا حسيب ولا رقيب. الحياة الغربية الأميركية مقابل حياة أناس كانوا بالأمس القريب حديثي المدنية.
غزوة ماكدونالدز فتح غربي، وانتشار لعيش مختلف، تفكير مادي ليبرالي. كل هذا أعرفه في المنحى العام لتطوّر اﻷحداث. ولكن، باختصار شديد إنّ ما يجري هو الانتحار بعينه، وذلك تمهيداً لمجيء المُخَلّصْ، وطبعاً؛ ﻻ أتحدث عن المخلصْ هنا بصفتهِ عيسى المسيح، ثمة مُخَلّصٍ من نوعٍ أخرَ، إنه باختصار شديد، بشار وجحافله التي ﻻ يُشَقُّ لها غبار. مع طبيعة وافدة وهوية عولمية زاحفة؟
إنه الزحف الأميركي الذي يحمل على أكتاف البقر، فهو يستعد للدخول إلى كلّ البيوت والخيم، فلا أحد يقدر على مواجهته، لأن من لا يملك أدلوجة تحميه سيصبح لقمة سائغة لقوة خارقة، نجحت في اكتساح بلاد التنين الأحمر، فكيف بصحارى تنبعث منها رائحة التقليد والرغبة في المضي نحو عالم أرحب من عالم الخيم الضيقة.