من قطر إلى فلسطين.. ثمن الموقف

من قطر إلى فلسطين.. ثمن الموقف

14 يونيو 2017
+ الخط -
قطر دولة خليجية، استقلت عام 1971، ودعمت الحق الفلسطيني من دون مواربة، إذ فتحت مكتب تمثيل لمنظمة التحرير الفلسطينية، واستضافت على ترابها قيادات فلسطينية عدّة، ومنها قيادة حركة المقاومة الإسلامية، حماس، ورئيس مكتبها السياسي السابق، خالد مشعل، وتلا ذلك استقبال محرّرين فلسطينيين أفرج عنهم في صفقة وفاء الأحرار بين المقاومة الفلسطينية ودولة الاحتلال الإسرائيلي.
قدمت قطر مبادراتٍ لرأب الصدع في الخلاف الفلسطيني، واستضافت الفرقاء من حركتي فتح وحماس في عدّة لقاءات، وكانت النتيجة اتفاق الدوحة الذي يحتاج فقط للتطبيق، وهي بذلك مثلت حاضنة لمختلف الفصائل وبديلاً عمّن أراد للانقسام أن يستمر من الدول التي رعت الملف الفلسطيني عقوداً، ثم وضعت عصيّها في دواليب نجاح مبادرات الصلح المختلفة.
تنطلق دولة قطر تجاه الملف الفلسطيني من وجهة نظر مبنية على الإيمان بالحق الفلسطيني المدعم بالقرارات الدولية، وما يميزها في ذلك هو ثبات موقفها تجاه القضية الفلسطينية بصرف النظرعن التغيّرات الإقليمية والدولية، ومن هنا كان الدعم متنوّعاً بين الدعم السياسي والدعم المالي، فقطر وقفت إلى جانب فلسطين في كلّ المحافل الدولية، داعمة كلّ قرار ينصف الشعب الفلسطيني وقضيته، سواء كان ذلك من إعلان دولة فلسطين واعترافها بها دولة، أو الوقوف إلى جانب كل قرار عربي أو دولي يدعم القضية الفلسطينية وشعبها الذي يرزح تحت الاحتلال. من هنا، جاءت زيارة أمير قطر الشيخ حمد لفلسطين عام 1999، حيث استقبله الرئيس الراحل ياسر عرفات في قطاع غزة، وعام 2012 عقب العدوان الذي شنته دولة الاحتلال آنذاك.
حديثاً وقفت قطر إلى جانب الشعب الفلسطيني، وخصوصا بعد الحروب الثلاث التي شُنّت على قطاع غزة في عام 2008 2012 و 2014، وكانت مواقفها فارفة، وعلامة بارزة تميزت بها قطرعن باقي الدول العربية، فقد دعا أمير قطر عام 2008 في أثناء العدوان على قطاع غزة لعقد قمّة عربية طارئة، كانت نتيجتها غياب أغلب القادة العرب، ما جعل الأمير الشيخ حمد يقول: "منذ أن جدّدت قطر الدعوة للقمة الطارئة فوجئنا بأنّه ما أن يكتمل النصاب حتى ينقص، وحسبنا الله ونعم الوكيل".
وعلى خطاه واصل الأمير تميم المسيرة بالسياسة نفسها، وكانت قمة الدعم السياسي والمعنوي بموقف الشيخ تميم في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، في نيويورك في سبتمبر/ أيلول 2014 عقب الحرب الثالثة على قطاع غزة، حيث وجه في كلمته انتقادات واسعة لإسرائيل، متهماً جيشها بارتكاب جرائم حرب وجرائم بحق الإنسانية، كما أشاد بالمقاومة، ودعا إلى إصدار قرار تحت الفصل السابع لإلزام إسرائيل بإنهاء احتلال عام 1967.
وعلى طريق الدعم السياسي، واصلت قطر دعمها المالي والإنساني الإغاثي، ولم يردها عن ذلك سياسة الحصار التي تتفق عليها دول عربية مع دولة الاحتلال. وقدّمت قطر ما بين 2001-2012 ما يقرب من 480 مليون دولار، وواصلت دعمها بعد الحروب المدمرة على قطاع غزة، فبعد أن أُنشىء صندوق لإعمار قطاع غزة بلغت قيمة أمواله المفترضة حوالي خمس مليارات دولار، تنكبت جميع الدول عند التزاماتها، ولم تف بذلك سوى قطر التي زادت من قيمة دفعتها من 250 مليون إلى 400 مليون دولار عقب زيارة أميرها لقطاع غزة.
قدّمت قطر الأموال تلو الأموال لصالح الشعب الفلسطيني، فهي التي ما زالت تدفع ثمن الوقود اللازم لتشغيل محطة الكهرباء الوحيدة في غزة، وهي التي موّلت مشروع استئجار البيوت لمن فقدوها في الحرب، وهي التي بنت مدينة كاملة بعشرة آلاف وحدة سكنية منها ثلاثة آلاف وحدة للأسرى المحرّرين، وهي التي بنت مستشفى الأطراف الصناعية، ومولت راتب شهر كامل للموظفين في غزة، وغير ذلك مساعدات مالية وعينية كثيرة.
وأخيراً، قدمت قطر الدعم الإعلامي للقضية الفلسطينية بصورة عامّة، عبر قناة الجزيرة بصورة أساسية من خلال البرامج المتعددة التي تسلط الضوء على إجراءات الإحتلال وممارساته، عدا عن أرشيفها الزاخر الذي يكشف زيف الرواية الإسرائيلية، إضافة إلى تغطية الفعاليات الفلسطينية السياسية، أو الفعاليات التي تخص المقاومة الفلسطينية في الضفة والقطاع.
من هنا، تواجه قطر اليوم هجمة كبيرة بسبب موقفها العروبي والإسلامي، لا سيما فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، ولدورها في إحراج من تخلّفوا عن الوقوف الصادق إلى جانب القضية الفلسطينية التي تعيش أسوأ أوقاتها.
0D0DAAE2-9C11-45A6-8AFB-12332414478A
0D0DAAE2-9C11-45A6-8AFB-12332414478A
جمال حاج علي (فلسطين)
جمال حاج علي (فلسطين)