كثير من الخوف

كثير من الخوف

21 مايو 2017
+ الخط -
كلما اقتربت الانتخابات الرئاسية في مصر نفاجأ، بين حين وآخر، بنبأ اعتقال لسياسي أو ناشط، حتى ولو كان منتمياً لحزب سياسي مصرّح به، وتشمل الاعتقالات الجميع، من التيارات الإسلامية وغيرها.
من الواضح أن تلك السياسة (سياسة الاعتقالات للجميع) هدفها التخويف وإرهاب كل من تسوّل له نفسه عمل أي تحرّكات سياسية، تهدف للدعاية لأي مرشح آخر غير مرشح الحكم العسكرى في مصر، ألا وهو عبد الفتاح السيسي.
من ضمن الاتهامات التي وجهت لأحد المقبوض عليهم، وهو عضو في حزب الدستور في مصر بأنّه يدعو إلى مبادئ البرادعي، فعن أي ديمقراطية نتحدّث إذا؟
ما أعرفه أنّ هناك ما يسمّى بالصمت الانتخابي، قبيل إجراء الانتخابات بمدة قصيرة، ولكن ما يحدث هو إخراس انتخابي، فمن الواضح أن النظام العسكرى يدخل فى عناد مع الجميع، أي أنهم يريدون الانتخابات، كما تمت فى الانتخابات الرئاسية السابقة، مجرّد اثنان من المرشحين، أحدهما معروفٌ أنّه لن يفوز مسبقاً، أي أنهم يريدون انتخاباتٍ تكون نتيجتها معروفة مسبقاً، ولا يريدون أي مفاجآت في النتيجة الانتخابية. ومن هنا، بدأت سياسة التخويف للجميع، فلا دعاية أو ترويج لأي مبادىء للمرشحين أو حتى الدعاية لهم.
والحديث عن الانتخابات الرئاسية التي تعقد في 2018 من الآن ونحن في 2017، هي دليل ومؤشر على عدم الرضا الشعبي في مصر عن الآداء الرئاسي للسيسي.
الجميع يعلم أنّ الشعب صامد وصابر على هذا الآداء حتى تحين الانتخابات الرئاسية أملا في إجراء انتخابات رئاسية نزيهة وديمقراطية تتيح للجميع فرصة متكافئة يحكم من خلالها الشعب على المرشحين من خلال برامجهم الانتخابية وليس أقوالهم المعسولة التي انخدعوا بها في السابق.
استمرار النظام الحالي لمدة رئاسية جديدة معناه الاضطرابات التي سوف تحدث، لأن لا أحد يستطيع أن يصبر مدة جديدة، ما سيدفعهم إلى التحرّك خارج الإطار السياسي، والنزول للشارع للتعبير عن رفضهم النظام، ورفضهم تولية مدة جديدة.
ما يحدث يذكّرنى بأحداث فيلم "شيء من الخوف"، للكاتب ثروت أباظة، ولكن ما يحدث ليس شيئا من الخوف، بل كثير من الخوف، إذ إنّ ما يحدث يفوق ما فعله الفنان محمود مرسي (عتريس) في الفيلم من إرهاب واضطهاد لأهالي القرية، حتى يسيطر عليهم وعلى القرية، حتى تصل ذروة الأحداث بإرغام أهالي القرية على سكوتهم على زواجه من الفنانة شادية (فؤادة) فتتعالى صيحات أهالى القرية: "جواز عتريس من فؤادة باطل باطل".
وأخشى أن تكون نهاية الفيلم هي النهاية نفسها التي سيواجهها السيسي، حيث سيواجه النيران وحده بعد أن تخلّى عنه رفاقة وأغلقوا باب الغرفة عليه.
بدأت تتعالى النداءات بالعودة إلى الميدان، والبعض الآخر بالدعوة إلى الذهاب إلى الاتحادية مباشرة، كرد فعل على ما يواجهه أفراد الشعب من اعتقالاتٍ ظالمة، بتهم غاية فى السذاجة، بالإضافة إلى ما يرونه من ضعفٍ فى إدارة البلاد، ناهيك عن السلبيات التي يشعرون بها في الجانب السياسي.
السياسة التي ينتهجها النظام العسكرى الحاكم في مصر الآن لا تختلف كثيراً عن سياسة الإرهاب التي ينتهجها بعضهم، فالإرهاب ليس بالعنف فقط أو بالقنابل، بل يكون أيضا إرهاب المعتقلات والسجن والاضطهاد السياسي.
دعوات العودة إلى التظاهرات والثورة مرة أخرى، يجعلنا نعود إلى الخلف، إذ لا حلّ سوى إقامة انتخابات ديمقراطية حرّة ونزيهة، تكفل تكافؤ الفرص للجميع (مع الحياد التام للجيش وقواته المسلحة، كما دعا إلى ذلك عصام حجي عالم الفضاء المصري، ورئيس مبادرة الفريق الرئاسي)، انتخابات يحق فيها الترشح والدعاية الانتخابية لأي شخصٍ يريد أن يترشح للانتخابات، من دون أن يمارس النظام الممارسات القمعية عليه، أو تهديده، مع حق الشعب في اختيار مرشحه الرئاسي من دون العبث بنتيجة الانتخابات، مهما كانت نتيجتها مع عدم استعمال سياسة كثير من الخوف.
00E43190-D9AC-46AA-9B17-3A7BAFFC964E
00E43190-D9AC-46AA-9B17-3A7BAFFC964E
حسام السندنهوري (مصر)
حسام السندنهوري (مصر)