أزمة النظام في مصر

أزمة النظام في مصر

16 مايو 2017
+ الخط -
هناك أزماتٌ كثيرة يتعرّض لها النظام في مصر، لكن الأزمة الأكبر التي يعانيها النظام هي ما تعرف في الطب النفسي بالإنكار. الأزمة الحقيقية هي إصرار النظام على عدم وجود أزمة لديه، وأنّ المشكلات كلّها سببها الشعب! الشعب الذي لا يعرف الحقائق، والذي عليه أن يصبر ويتحمّل ولا يطالب بشيء، أما النظام نفسه فلا مشكلة لديه.
وكما ذكرت، فهذه الحالة هي ما تعرف في الطب النفسي بالإنكار، وهي من وسائل الدفاع النفسي التي يلجأ إليها الشخص ليعيش في سلام نفسي وراحة وطمأنينة، وهناك قاعدة تعلمناها من أساتذة الطب النفسي "لا تعالج مريضا لا يعترف بمرضه"، وإذا كان من الجائز أن يهرب شخص إلى الإنكار، فهل من المقبول أن يلجأ إليه نظام يحكم دولة؟
النظام لا يعترف بمرضه (فشله في علاج الأزمات التي يعاني منها الشعب)، ولا بحاجته إلى علاج (إعادة تقويم سياساته) ويصرّ أنّه على صواب (اسمعوني أنا فقط، اصبروا ستة أشهر كمان....إلخ). هكذا يؤكد النظام أنّ المشكلة دائما في الشعب، ولم يحاول مرة واحدة إعادة تقويم أو تغيير سياسته أو الاستماع إلى نصائح الآخرين.
منذ تفويض الإرهاب في يوليو/ تموز 2013 إلى اصبروا كمان ستة أشهر منذ أيام، والنظام يسير في الاتجاه الخاطئ نفسه من كذب وغش وخداع ومشاريع وهمية وأحلام وردية يدغدغ بها المشاعر ولا تحقّق شيئاً، وقد يكون ذلك كله مقبولا (من وجهة نظر بعضهم) لأنّه في حدود السلطة التنفيذية للنظام، وهي حق أصيل له، ولكنه بدأ الآن في التغوّل على السلطات الأخرى التشريعية والقضائية، فأصدر قانون الهيئات القضائية، وفي الطريق قانون الأزهر والنقابات.. وذلك كله ليثبت ألا مشكلة لديه، وأنّ المشكلة كلها في الآخر، فضلاً عن انتهاج هذه القوانين سياسة "ذهب المعز وسيفه" التي يعمل النظام على تطبيقها، فالقضاء الذي حكم بمصرية جزيرتي تيران وصنافير يجب أن يعاقب وتحجب امتيازاته، والأزهر الذي رفض توجيهات النظام (بالطلاق الشفهي وغيره) يجب أن يعاقب، وزادت الأمراض النفسية للنظام، فأضاف إلى الإنكار النرجسية والشيفونية (وحده من يحب مصر)، وأصبح وحده من يدرك كل شيء، ويعلم كل شيء ويقرّر كل شيء.
النهاية الطبيعية لكل هذه الأمراض هو الانهيار، وليس الانهيار للنظام فقط، بل للبلد والوطن، فهل يمكن أن ينتهي الطريق الذي بدأ في يناير/ كانون الثاني 2011 إلى هذه النهاية؟ هل يقبل هذا أحد؟
عاد بالأمس المناضل الثوري الناصري (كما يدعي)، حمدين صباحي، إلى الظهور مرة أخرى، وليته لم يفعل وقال "إن التفويض في يوليو 2013 هو بداية الردة على ثورة يناير".
لا يا عزيزي، إنّ بداية الردة كانت في جبهة الدمار (الإنقاذ سابقا) التي مهدت الطريق لمصيبة 3 يوليو وما تلاها من كوارث، والتي كنتَ أحد منظريها وقادتها، ولن يغفر لك الشعب ذلك، فإن أردت التوبة، فالتوبة تستدعي الاعتراف بالذنب كاملاً، ولا تحاول خداع الشعب مرة أخرى.
795B9830-8541-444B-B4A4-35AB0D11D51C
795B9830-8541-444B-B4A4-35AB0D11D51C
محمد لطفي (مصر)
محمد لطفي (مصر)