الثقة بالنفس في هرم النجاح

الثقة بالنفس في هرم النجاح

09 ابريل 2017
+ الخط -
يختلف مفهوم النجاح باختلاف الناس، فهناك من يرى السعادة هي النجاح، في حين يراها بعضهم في الأمن أو المال أو الذرية الصالحة أو الصحة، وهذا الاختلاف طبيعي جدًا ولا غضاضة فيه. وإذا كان النجاح في صورة هرم، فإنّ قاعدة هذا الهرم هي الثقة بالنفس؛ واسمح لنفسك بتدبّر هذه الجزئية قدر المستطاع؛ فإنّك لن تجد أحد القادة أو المفكرين الذين قادوا العالم إلى التقدّم في شتى ميادين الحياة إلا وقد امتلكوا قدرًا كبيرًا من الثقة بالنفس، فالواثق بنفسه يقود غيره ويمتلك جاذبيةً شخصيةً تُضفي عليه هالةً من الجلال والمهابة، في حين أنّ الذين هم في ريبهم يتردّدون غالبًا ما يصبحون لعبةً بأيدي غيرهم، كالزبد تتقاذفه الأمواج أو الريش في مهبّ الريح.

يقوم هرم النجاح يقوم على عدّة درجات كالإرداة القوية والإصرار وتقبُّل الفشل والاستفادة منه والوقوف بعد تلّقي الضربات بعزيمة أكبر على مواصلة طريق النجاح وغيرها من الخطوات المهمة، ولكن الثقة بالنفس هي الدرجة الأولى في هذا الهرم الشاهق الارتفاع، فإذا كنت تخطّط للنجاح في أحدِ جوانب حياتك فعليك تنمية ثقتك بنفسك قدر استطاعتك؛ لتحظى بما تؤمله، وعندها ستجد أنّك أحرزت تقدّمًا ملموسًا في كلّ جوانب حياتِك. واعلم يقينًا أنّ الثقة بالنفس تنقسم إلى ثلاثِة أنواع؛ يمكنك أن تميّز بينها بسهولة، إذا ما اعتبرتها كالمنحنى البياني، تكون فيه النقطة الدنيا هي الثقة المتدنية (المنعدمة)، والنقطة المثلى هي الثقة المثلى (المعتدلة)، في حين أنّ النقطة القصوى هي الثقة المفرطة.
الأمر الذي لا التباس فيه، هو أنّ الثقة المعتدلة هي الأساس القويم للنجاح الذي نصبو إليه، في حين أنّ الثقة المنعدمة أو المهترئة كالعشب والشجيرات الضعيفة الجذور؛ يسهُلُ اقتلاعها من الأرض، وبدون عناءٍ يُذكر، فضلًا عن أنَّ إنتاجها يكونُ هزيلًا. أما الثقة المعتدلة كالأشجار الكبيرة المثمرة، راسخة الجذور، بحيث تعجز الرياح الهوجاء عن اقتلاعها من الأرض؛ لتظلّ هذه الأشجار شامخةً معطاءة، وإلا فكيفَ يثبُتُ أمام الريحِ نبتٌ وجذرُهُ في الثرى موؤود؟!
الثقة المنعدمة يمكنك التعرّف على أصحابها من خلال استسلامهم أوّل عقبةٍ تعترض طريق نجاحهم، ثم يتملكهم التردّد في كلّ قرارتهم المصيرية، فيدورون في حلقةٍ مفرغة من التردّد والاستسلام والعجز عن تحقيق الأهداف الحياتية.
على النقيض، فإنّ الثقة المفرطة مدمرةٌ إلى أبعدِ الحدود، فما كان للسلحفاةِ أن تسبِق الأرنب إلا للثقة المفرطة التي سيطرت على الأرنب، فلم يقدِّر حقيقة الموقف، وخاتله هذا الشعور حتى باء بالخسران. الثقة المفرطة ينزلق صاحبها في شرك التعالي والكِبر والاستخفاف بخصومه، ما يجعله يعمى عن وضع الأمور في نصابها الصحيح؛ فيعضّ على إصبع الندم بعد فوات الأوان. تكون عاقبة الثقة المفرطة شديدة القسوة على صاحبها، ولربما قضت عليه. الثقة المفرطة قاتلة وقد حدث ذلك لكثيرين عبر التاريخ، إلا أنّنا لا نُحسِن قراءة التاريخ بتدبر لنقبِس من مواعظه الخالدة. فاربأ بنفسِك أن تُفرِطَ في ثقتك بها، ولا يخدعك لامِعُها، واعلم أنّ الذبابة تُدمي مُقلة الأسد، ولربما جرحَ البعوضُ الفيلَ.
الثقة المعتدلة هي الركن الركين للتغلّب على عوائق النجاح وعقبات الحياة. استثمرها تاكيو أوساهيرا؛ فنقل اليابان من ذيل قائمة العالم إلى صدارة العالم، وعليها ارتكز توماس إديسون فأنار الدنيا، وبها استعانت أوبرا وينفري، لتصبح من أشهر وجوه الإعلام في العالم. ولولا الثقة بالنفس، ما كان لنا أن نعرف بيل جيتس وستيف جوبز ومايكل جوردن وغيرهم ممن كانت لهم بصمات مؤثرة في حياتنا.
D14DCC9E-4695-4E3F-AF5D-957B3D79F68C
D14DCC9E-4695-4E3F-AF5D-957B3D79F68C
محمد الشبراوي (مصر)
محمد الشبراوي (مصر)