النساء وقانون محاكمة الرجال

النساء وقانون محاكمة الرجال

28 ابريل 2017
+ الخط -
لا أدري لماذا تفاعلت الفتيات العربيات مع القانون الذي أصدرته ولاية ساوث كارولينا الأميركية، القاضي بعقوبة قد تصل إلى سنة سجن للرجال فوق الستة عشر عاما الذين يخلفون وعودهم بالزواج، وكأنّ الخيانة ومخالفة وعود الزواج جريمة لا يرتكبها إلا الرجال.
جاء هذا القانون تطبيقا لمقولة الكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمى، التي فتحت بها كتابها (نسيان)، فهي تدعو النساء إلى الحب كما تحب النساء، وللنسيان كما ينسى الرجال، وكأنّنا نحن معشر الرجال لم يخلق بداخلنا قلب يحب ويعشق ويتألم ويتوجع بسبب اللهث وراء نعمة النسيان.
كانت مدرسة أحلام مستغانمي ومقرّراتها الدراسية التي يتصدرها كتابها (نسيان)، بداية لنا ومنطلقاً للدعوة إلى بناء تيار ينادي بالعدالة في الحب والنسيان بيننا وبينهن، وهو الهدف الذي ما نزال نرنو إليه، وندعو الغيورين على العالم الرجولي للانخراط المكثف في هذا التيار، والعمل المكثف لاستعادة حقوق الرجل المنهوبة وراء شعارات المرأة المخطّط لها مسبقاً.
تقاطرت تعاليق تلك الفتيات العربيات على القانون، إثر صدوره، في وسائل التواصل الاجتماعي، وهنّ يطالبن بتطبيقه في الدول العربية، وإنزاله من موطنه الأميركي، كما نستورد كلّ المخططات الفاشلة، لنبحث لها بعد ذلك عن حلول في أوطاننا، وهنّ بهذا القرار المشحون بعاطفةٍ نسائية، قد تجاوزن الحالات الكثيرة في مستعجلات النسيان الذكورية.
فإذا كانت النساء بهذه الدرجة يسمحن في وعود قديمة، من أجل بطل جديد في مسرحيتهن العاطفية، فمن حقنا أن ندافع عن أنفسنا، ونطالب بالمساواة أمام القانون، لعلنا نحصل على قانونٍ ينص على سجن كلّ فتاةٍ قصفت علاقة عاطفية في قلب رجل بريء. ومن حقنا أن نرفع السقف السياسي، لنطالب بإعدام كل امرأة خائنة، بعد استغلالها رجلاً كما فعلت بأجدادنا الدول الإمبريالية.
تطبيق القانون الأخير، سوف يكون في مصلحة النساء، خصوصا عندما يتعلّق الأمر بالإعدام، لأنّه حل وسبيل لإعادة التوازن بين الرجال والنساء في الأرض، فالنساء، بعد الإحصاءات الأخيرة التي تشير إلى أنّ عددهن يفوق عدد الرجال بكثير، قد سارعن لاختيار الرجال، قبل نفاذ الرصيد المتوفر، ولأنّ كل واحدة منهن قد اختارت رجلاً فعليها الحفاظ عليه، والاستناد إلى قانون يضمن لها حق الزواج به.
ثم إنّ الاستناد إلى هذا القانون نابع من عدم خضوعهن للقانون الشرعي الأول، الذي يجعل الزواج بداية العلاقات العاطفية، ولم يأمرنا لاعتبار العلاقات العاطفية أساساً نبحث له بعد ذلك عن دليل وسبب لنجاحه، وهذا ما تحتاج إليه الفتيات العربيات قبل تفكيرهن في تطبيق قانون غربي على شعوب تؤمن بالله وبالحب كأساس من أسس الأسرة المسلمة.
والحق إنّ هذه القضية علامة على ضعف نظرية النسيان الأنثوية، كما صوّرتها ونظّرت لها السيدة أحلام، فنحن معشر الرجال لم نكن بعد في الحاجة لقانون يضمن لنا وعد إحداهن ولا حبّها، ولن نخف كذلك من تطبيق هذا القانون، ما دمنا نؤمن بأنّ الخيانة أصيلة في النساء وعلامة من علاماتها المميزة.
مصطفى العادل
مصطفى العادل
مصطفى العادل
باحث في اللسانيات العامة بكلية الآداب، جامعة محمد الأول-المغرب. باحث بمركز ابن غازي للأبحاث والدراسات الاستراتيجية. الأمين العام للمركز العربي للبحوث والدراسات المعاصرة. رئيس قسم الأدب واللسانيات البينية بمركز مفاد.صدر له كتاب "المدارس اللسانية وأثرها في الدرس اللساني بالمغرب". يعرّف عن نفسه بالقول "كل لحظة تأتيك فكرة، يلهمك الله نورا لتعبر به عن معنى، فكن دوما مستعدا بسيف القلم كي لا تهزم في معركة الإبداع".
مصطفى العادل