دعوة ميركل إلى حلف الفضول

دعوة ميركل إلى حلف الفضول

27 ابريل 2017

ميركل.. إشادة بالمتطوعين الداعمين للاجئين (7/7/2017/Getty)

+ الخط -
جلستُ والسانشو نوري نسجل أسماء المدعوين إلى "العشاء الأول" في ألمانيا، وكان أول سؤال ضربه في وجهي هو عن المناسبة؟ فقلت: مناسبة جلاء الاستعمار الفرنسي عن بلادنا التي كفّت عن العطاء بعد الجلاء. فنغص العيش علي، وما أرى العيش إلا مثل طَرَفة كنزاً ناقصاً، فحلّفني: خال يدي على راسك، ألست نادماً على الجلاء؟ أما يجب أن نجعل يوم الجلاء يوم نكسة وحزن على رحيل الاستعمار؟ وَحَسْبُ البلايا أنْ يكُنّ أمانِيَا، ثم قال: ثم إننا صرنا في نهاية نيسان يا خال، فقال له الخال: هذا صحيح، يا سبعي المصفّد بالأغلال، سنجعله حفلة بمناسبة جلائنا عن الوطن، ووصولنا بالسلامة إلى المنافي السعيدة، سنخترع مناسبةً، ثم نترجم لهم بعض الطرائف السورية، ثم نهجم على المائدة هجوم يأجوج ومأجوج. جلسنا نتجادل في المائدة، فاقترحَ أن يكون العشاء "بيتزا" سورية: أي صفيحةٍ، أي لحم العجين بنوعيه: بدبس رمان، ولحم وخضرة. قلت: هذا صعب، يا سبعي، سنعدُّ لهم وجبةً سهلة، وهي الثريد، لقد نويت شراء كبش مذبوح على الشريعة اليهودية، وفي نيتي أن أعذّبه على النار عذاباً نُكراً، حتى ينضح وينال العظم استقلاله عن اللحم، وينزح الشحم عن اللحم في عيد الجلاء، أُعِيذُها نَظَراتٍ مِنْكَ صادِقَةً، أن تحسَبَ الشّحمَ في من شحمهُ وَرَمُ، ثم نصبّ الإدام فوق رقائق خبز الصاج المدوّرة كتروس المقاتلين، في صحونٍ مفردةٍ أو قصعاتٍ كبيرة، والأكل باليد وليس من مقبلات سوى اللبن المشنون، ثم نقدّم لهم شاياً بعد الثريد، يطرد فلول آثار استعمار الدسم، ويكون "درده" بقلبه، والدرد هو الهمّ بالكردية والهندية.. وليس أهمّ من السكر، وسنرى بعدها الألمان سكارى، وما هم بسكارى.
قال: خال، أقترح أن نزوّد لحم الكبش بكتائب من الخضار، مثل الجزر والبامياء والفاصولياء والزيتون والزبيب..
قلت: هكذا سيتحول الثريد إلى طاجن مغربي، يا سبعي، وستضيع طائفة اللحم، ويختلط بدين النبات، ونحن في عصر الطوائف، بعد أن تخطينا عصر القوميات.
فوافقني، وبدأ يتلمّظ وسأل: ومن أين لنا خبز الصاج؟
قلت: ذلك مقدورٌ عليه.
استمر في التنكيد: ومن أين نأتي بقدرٍ يسع كبشاً في هذه البلاد الفدرالية؟
فقلت: من عند عبد الله بن جدعان، وكانت له جفنةٌ يأكل منها الراكب على بعيره.
سأل: وهل تعرف عنوان عبد الله بن جدعان؟
قلت: عنوانه بعيد، لكني أعرف جاراً باكستانياً عنده جفنةٌ كبيرة، سنستعيرها منه، وعنده أيضاً إبريقٌ كبير تنوء به العصبة أولو القوة.
وطفقنا نسجل أسماء المدعوين: فبدأنا بالجيران جاراً جاراً: جارنا ذو الشعر الطويل الذي يعيش وحيداً ساشا، وجارتنا السيدة بيرتا؛ وهي وحيدةٌ وعانس ويائس، وجارنا ساسي.. ونوري يسجل، والأصدقاء: واكيم وريشار ونيكول زوجته، والهاوس مايستر بالدور.. وبعد أن سجلنا عشرين اسماً، تذكّرتُ موظفةً في البريد، فطلبت تسجيلها ودعوتها، ليس ألطف منها على وجه الأرض، وموظفة البلدية البدينة، وهي سيدة ٌرقيقةٌ، وموظفة الآليات وتسجيل السيارات، وهي كريمةٌ رائعةٌ. اعترض نوري: هذا كبشٌ من الأرض وليس من الجنة، هل تنوي أن تدعو الشعب الألماني كله؟! نسيتَ أسماء المدعوين المغاربة، والمجموعة السورية المتحدة: "حمقاء اليمامة"، وعدد أعضائها ثلاثة عشر فرداً، وسيحضر كل فرد معه صديق، وسيحضر أبو الشكر معه صديقته الأميركية، وكذلك أبو الفوارس وصاحبته الفرنسية، السوريون يصطحبون الصديقات ويدّخرون الزوجات للجنّة، صار العدد خمسين مدعواً، أرى أن نذبح جملاً، لن يكفي الكبش؟
قلت وقد حصرني في خانة "اليك": قررتُ ترفيع رتبة الوليمة من كبشٍ أقرن إلى عجل مشير.
قال جاداً: لا تنسَ أن تدعو عبد الله بن جدعان خال، ويفضّل أن ندعو العمّة ميركل أيضاً؟
قلت مبتسماً: أحْلَلْتُ رَحْلي في دار مِركل... إنّ الكَرِيمَ للكَرِيمِ مَحَل، سجل الاسمين، يا سبعي.
683A43FF-D735-4EBA-B187-3AC9E42FAE32
أحمد عمر

كائن يظنُّ أن أصله طير، من برج الميزان حسب التقديرات وطلاسم الكفّ ووحل الفنجان.. في بكرة الصبا أوعشية الشباب، انتبه إلى أنّ كفة الميزان مثقوبة، وأنّ فريق شطرنج الحكومة "أصحاب فيل"، وأنّ فريق الشعب أعزل، ولم يكن لديه سوى القلم الذي به أقسم" فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا..."