تقدم رجعي

تقدم رجعي

19 ابريل 2017
+ الخط -
بالعودة إلى مطلع القرن العشرين ونهاية القرن التاسع عشر، ومرورا بمنتصفه ونصفه الثاني، نتبين تطوّر شأن المرأة في مجتمعاتنا، الحق بالخروج من المنزل، التعليم، التعبير، التحرّر من التشيؤ ظاهرياً، العمل، الظهور الاجتماعي، تقلّد المناصب..
ولكن وبعد دخولنا في العقد الثاني، في الألفية الثانية للميلاد، وبعد ما كان وما جرى وما يجري، وبعد العبث والزيف الذي خالط سحاب السماء، وبعد كتم الصراخ الفارغ حول التقدم، والمناداة به حتى تمزّق الحناجر، وبالنظر قليلاً، يتضح ما خلف الغبار، ووراء الضجيج. نلاحظ تجليات قبيحة، لأياد ما زالت تحكم عقالاً ولجاماً حول رقبة المرأة الخاصة بهؤلاء، وهي في حكم المحظية في أحسن أحوالها بالنسبة لهم، ملكية ومتاعاً وشيئاً حقير القدر. والأمثلة أكثر من أن تحصى وتُحصر، تعلمت المرأة وخرجت من المنزل، وعبرت عن ذاتها وعملت وتقلّدت المناصب، بل وعالت رجلها العتيد وأسرتها وذويها، ولم تزل تطلب الإذن لمزاولة إنسانيتها وكينونتها وكسر شأنها المنحط كشيء وكمتعة وكملكية خاصة لذويها.
كان رب الأسرة وفحلها يحمي ويعيل نساءه وبقية فحول العائلة إن عجز أو مات، وصارت المرأة اليوم تحمي وتعيل نفسها وأسرتها ورجالها، وما زالت عنوان شرفهم، مسخرّة لذلك بجدارة، ولا صوت لها بكل ما تبذل في حضرة شرفهم، فالشرف كان يوما إعالة وحماية، والعار كلّ العار في التقصير فيه واليوم صار في نقض ما صيّروها إليه، من معيلة لنفسها ولهم وحامية لنفسها ولهم من الفاقة، وتبعيتها وملكيتها وشيئيتها لهم.
53079356-34B3-4372-98AF-99453BD230E5
53079356-34B3-4372-98AF-99453BD230E5
نزار الدقر (سورية)
نزار الدقر (سورية)