فلكلور القمة العربية

فلكلور القمة العربية

31 مارس 2017
+ الخط -
عندما أُسّست جامعة الدول العربية في 1945، لم يكن يدور في خلد المؤسسين أنها ستصبح في يوم ما عملاً فلكلورياً، مثل حفلات الزواج التي يوجد فيها المدعوون ذرّاً للرماد في العيون، وتأدية للواجب الاجتماعي، على الرغم من ثقله على النفس، وسخافته في أحايين غير قليلة، فكما يلمز الحاضرون، ويهمس المدعوون في حفلات عقد القران، وقد حضروا ليمارسوا الغيبة والنميمة، ويرفعوا الحاجب، منتقدين العريس، ساخرين من العروس، ساخطين من الحفل وفقراته، متأففين من صنوف الطعام وألوانه، آسفين على حضورهم، متوّقعين ما يحدث، كارهين أنفسهم قبل غيرهم، مبرّرين وجودهم بأنه حضورٌ لا مفرّ منه، وواجبٌ لا مناص عنه!
حضر ملوك وأمراء ورؤساء، وهم يضمرون الخصام لبعضهم، حضروا وهم على يقين لا يتزعزع بأنّ ما يفرقهم أكبر بكثير مما يجمعهم.
إذن، لا توجد إرادة حقيقية من المؤتمرين في القمة العربية لإنجاحها، وكيف تنجح وهي جامعة لإرادات الدول العربية، وهي إرادات مبعثرة تائهة، كلّ إرادة تركض لاهثة وراء مصلحتها القُطرية الضيّقة، ولسان حالها يقول: "مصلحتي ومن بعدي الطوفان، أما جامعتكم تلك فهي لا تعدو أن تكون إرثاً قديماً عفا عليه الزمن، مات إكلينيكياً. لذا، لم يكن غريباً أن تعقد القمة في البحر الميت، فالإرادة ميتة والجهود كلّها مستقرّة بعد اثنتين وسبعين سنة في قاع البحر".

لكن، في النهاية وجود قمة عربية أمر ليس سيئاً، لأنّه يصبح عملاً فلكلورياً ونشاطاً دبلوماسياً خطابياً يتدرّب فيه الحاضرون على الإلقاء، مراعين مبادئ قواعد النحو والصرف وفنون الكلام ومواجهة الجماهير.
وإذا كان ذلك كذلك، فدعونا نعترف ونقرّ، ونحن في كامل قوانا العقلية، أنّ لدى العالم العربي موروث شعبي يجب الاهتمام به والحفاظ عليه، حتى لا يندثر، من أبرز مفرداته التنورة والدبكة والتبولة والقمة العربية.
D5C2955D-3637-43C9-BD92-DB9A172AFFDE
D5C2955D-3637-43C9-BD92-DB9A172AFFDE
طارق البرديسي (مصر)
طارق البرديسي (مصر)