في تذكّر ويني مانديلا

في تذكّر ويني مانديلا

10 فبراير 2017

ويني مانديلا.. رمز نضالي وطني ونسائي (28/6/2013/Getty)

+ الخط -
تأتي ذكرى إطلاق سراح المناضل الجنوب أفريقي، نيلسون مانديلا، السابعة والعشرون، في الحادي عشر من فبراير/شباط الحالي من سجنه في ظل نظام الأبارتهايد، ليصبح بعد إطلاق سراحه أول رئيس أسود لدولة جنوب أفريقيا بعد زمن طويل ومُظلم من حكم الأقلية البيضاء في هذا البلد الأفريقي الذي عانى، كما عانت بلدان أفريقيا السوداء، من العنصرية المتوحشة للمستعمرين الأوروبيين. وإذا كانت قوى اليسار العالمي في دول الغرب ومنظمات حقوق الإنسان والقوى المناهضة للعنصرية قد أعطت الكثير من جهدها، من أجل القضاء على نظام الأبارتهايد، وصار نيلسون مانديلا رمزاً عالمياً للحرية والعدالة والمساواة في أثناء سجنه، واستحق ذلك بجدارة المناضل الصلب الذي لم ينس بعد تحرّره الوقوف مع الشعوب المضطهدة في أفريقيا والعالم الثالث، خصوصاً الشعب الفلسطيني الذي كان له حيّزٌ دافئ في قلبه وعلاقته الوطيدة بالرئيس الفلسطيني الراحل، ياسر عرفات، وقد بادله الشعب الفلسطيني تلك المحبة، وأقام له الفلسطينيون تمثالاً عملاقاً في رام الله، تعبيراً عن كفاحه في الأسر، تماهياً مع أسراهم الذين مضى على بعضهم سنوات تفوق سنوات سجن مانديلا، وهم في السجون الإسرائيلية.
ونحن نتذكّر هذا الرجل اليوم، في ذكرى تحرّره من السجن، نتذكّر المرأة التي وقفت إلى جانبه في سجنه، وانخرطت في نضال شعبها ضد النظام العنصري، وتعرّضت للاعتقال والتوقيف الإداري والعزل، وإلى تشويه السمعة، وهي التي لم تكتف بدور الزوجة والأم لسجينٍ رمز، بل كانت من الأعضاء النشطين في المؤتمر الوطني الأفريقي الذي قاد النضال المرير من أجل تحرر الأغلبية السوداء من طغيان الأقلية البيضاء، المدعومة من القوى الإمبريالية والصهيونية. نتذكر اليوم ويني مانديلا التي تبلغ الواحد والثمانين من عمرها في سبتمبر/أيلول المقبل. كانت الزوجة الثانية لنيلسون مانديلا الذي كان عندما التقاها أول مرة متزوجاً وله أربعة أطفال، ولكنه، كما ذكر، خطفه الحبّ عندما وقعت عيناه عليها، وهي صبية في العشرين من عمرها، وكان يكبرها بستة عشر عاماً. كانت ويني عاملة اجتماعية ومنخرطة في النضال الوطني، من خلال عملها في الأحياء الفقيرة والمهملة التي يعيش فيها شعبها. وبعد عام من ذلك اللقاء، تزوجها نيلسون، ولكن ظروف النضال وملاحقة الشرطة له لم يسمحا له بالاستمرار في الحياة الزوجية العادية، فقد تم اعتقاله عام 1964، وحُكم بالمؤبد، ليطلق سراحه في 11 فبراير/شباط عام 1990.
خلال أعوام السجن الطويلة، أصبحت ويني مانديلا رمزاً نضالياً وطنياً ونسائياً، مشاركة نيلسون اسمه ورمزيته، حتى أصبحت تلقب "أم الأمة"، ووصلت إلى عضوية اللجنة التنفيذية الوطنية للمؤتمر الوطني الأفريقي، ما ضاعف من اضطهاد النظام العنصري لها وسجنها انفرادياً عام 1969. وقد تميزت بين رفاقها بالعلاقة مع الطبقات المسحوقة في معازل الفصل العنصري، ما جعلها أكثر شعبية منهم. وفي تلك المناطق، تم اتهامها، فيما بعد، بالمشاركة في جرائم قتل ضد بعض من كان يُعتقد أنهم كانوا يعملون مخبرين لدى أجهزة الأمن العنصرية. وبعد خروج نيلسون مانديلا من السجن، كانت الخلافات قد نشبت بين الزوجين، في الوقت الذي كانت شعبية ويني تتصاعد، وقد اتهمها نيلسون بإقامة علاقة زنا، وتم طلاقهما عام 1996، ليتزوّج فيما بعد أرملة الرئيس الموزمبيقي، السيدة غراسا ماشال. عندما كان نيلسون على فراش الموت، كانت ويني وغراسا المرأتان اللتان أحبهما إلى جانبه، تستمعان الى آخر أنفاسه قبل أن يرحل.
ويني مانديلا التي قالت عن نفسها إنها نتاج الجماهير والنضال من أجلها و"نتاج العدو الذي اضطهدنا" تعيش اليوم بطموح سياسيّ أقل، في منزلها على تلة تشرف على سويتو، أحد معازل العنصرية في عهد الأبارتهايد.
8FEA7E0E-EB59-44E6-A118-ECD857E16E1C
نصري حجاج

كاتب ومخرج سينمائي فلسطيني، ولد في 1951، كتب في صحف في بريطانيا ولبنان والإمارات وفلسطين، أخرج عدة أفلام وثائقية، حاز بعضها على جوائز في مهرجانات دولية. نشرت له مجموعة قصص قصيرة في رام الله، وترجم بعضها إلى الانكليزية.