خيار الشارع الفسطيني

خيار الشارع الفسطيني

23 فبراير 2017
+ الخط -
يبدو أنّ الدعم الكبير غير المسبوق لحجم المساعدات الذي قدمه الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، لم يشفع له بنظر الإسرائيليين، فوفق استطلاع للرأي أجراه أخيرا موقع بانلس بوليتيكس الإسرائيلي، المتخصّص بأبحاث المرشحين، ظهر أوباما أسوأ رئيس داعم لإسرائيل منذ 30 عاماً.
تختلف هذه النظرة "الناكرة للجميل" عما هو متوّقع من الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب، الذي يحظى بشعبية سياسية في كيان الاحتلال، وهو محطّ أطماع نتنياهو للتوّسع الاستيطاني، وطمس مفهوم حلّ الدولتين، فترامب لم يخيّب أمل "المتطرفين في حكومة نتنياهو" بإلغاء هذا المفهوم، ما يشكل ضغطاً على نتنياهو في المستقبل القريب الذي كان يلعب دور الحكيم المتروي (وهو ضغط تستهويه نواياه) للمضي في الاستيطان في الضفة الغربية، والقدس خصوصا.
موقف ترامب، وإن كانت وضّحته في اليوم التالي السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة، نيكي هايلي، عبر التأكيد أنّ سياسة بلادها هي "دولتان لشعبين"، لم يمنع صحيفة فايننشال تايمز من أن تصف هذا التصريح أنّه "نحّى جانباً عقدين من سياسة الولايات المتحدة والسياسة الدولية بشأن النزاع الإسرائيلي الفلسطيني"، حيث اعتبرت الصحيفة أنّ المقاربة الصحيحة ستكون بإحياء خطة السلام العربية المطروحة منذ العام 2002.
ووفق المعلن من سياسة ترامب ونتنياهو، فإنّ السياسة الجديدة يغلب عليها إلغاء حق الفلسطينيين بدولة فلسطينية، بغطاء عربي تحت مسمّى خطة السلام العربية، عبر إشراك العرب "السنة" في ملف التسوية، والمردود الوحيد في هذا الإطار هو مزيد من التشدّد، وبعث حلف عربي إقليمي بإشراك الكيان الإسرائيلي وبقيادة الولايات المتحدة لمواجهة إيران، وهذا ما ينظّر له دينيس روس في مقال له في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى بعنوان "الطريق إلى السلام"، حيث تشكل مواجهة إيران الحافز لغطاء عربي للسير في السياسة الإسرائيلية الأميركية الجديدة.
أمام هذه السياسة، تخرج السلطة الفلسطينية بخفي حنين، فحلم الدولة الفلسطينية لن يحقّقه إصرار الأوروبيين عليه، فأميركا وبخلفها العرب (وفق ما هو مخطط) لم يعد يعنيهم هذا الأمر، والمعروض إسرائيليا، بكلّ بساطة، هو أن تصبح السلطة مسيّرة للشؤون المدنية للفلسطينيين، مع الموافقة على البناء في الضفة الغربية وإعطاء حوافز اقتصادية، إذا هو سلام اقتصادي محكوم بالقبضة الإسرائيلية.
والأسئلة التي تطرح نفسها في المقابل، أين أنتم من الخيارات الشعبية؟ ما هي استراتيجية السلطة الفلسطينية في المرحلة المقبلة؟ هل ينفع التنسيق الأمني المقدس، أم التوّجه الى محكمة الجنايات الدولية، أم التوّجه الى مجلس الأمن لمطالبته بتنفيذ القرار 2334، أم ماذا؟
اتفاق أوسلو مشؤوم حتى بنظر الإسرائيليين، حيث اعتبر البروفيسور إفرايم كارش من مركز بيغن السادات أنّه كارثة بحق الطرفين، فهو لم يعد الجهة الصالحة للاتفاق على أساسه، إلا إذا كنّا أمام سلطة مهما كلف الثمن، فهل نحن كذلك؟
هي أسئلة منذ أكثر من سنة يجيب عليها الشارع الفلسطيني، واختار استراتيجيته التالية بوضوح، وعبّر عنها بعمليات متعدّدة وقعت في الضفة الغربية، في القدس ومناطق الـ 48. الجواب واضح، ألغوا اتفاق أوسلو، واسحبوا الاعتراف بإسرائيل، وأعلنوا مرحلة التحرّر الوطني بإشراك الجميع.
F4F14766-7D2F-4617-9AFB-878AF02EAFEE
F4F14766-7D2F-4617-9AFB-878AF02EAFEE
أحمد الصباهي (فلسطين)
أحمد الصباهي (فلسطين)