المغرب ومسلسل "سَامِحِينِي"؟

المغرب ومسلسل "سَامِحِينِي"؟

04 ديسمبر 2017
+ الخط -
"السيد رئيس الحكومة، ما رأيكم في مسلسل "سامحيني" الذي عَمرَ سنواتٍ بقناةِ عمومية، نُؤَدي فَاتُورَتَها نحنُ الشعب؟"
سُؤالٌ يطرحه بعضُ المتتبعين في المغرب، ويُطرحُ أيضاً في فضاءاتِ التواصلِ الاجتماعي بصيغٍ مختلفةٍ مِنْ نُشطاءٍ وكتابٍ وصحافيين.. السؤالُ للصحافي عبد الله الشرقاوي في صحيفة العَلَم، لسانُ حزبِ الاستقلال، أعرق حزبٍ في المغرب.
يُعرضُ هذا المسلسلُ التركي على القناةِ الثانية المغربية منذ 2011، وبحسبِ أرقامِ "ماروك ميتري" المُستأثرةِ بقياسِ نسبةِ المشاهدةِ في المغرب، فإن المغاربةِ مدمنون على مشاهدةِ "مسلسل سامحيني"؟. ومنح موقع إلكتروني معروفٌ بتقييماته الأعمال الدرامية التلفزيونية، فقد منح المسلسل نقطة 2،5 مُصنفاً إياه ضمن "الأعمال التلفزية التي تساهم في نشر الغباء".. وفي خانةِ المسلسلات "التي لا تستحق أنْ تُقدمَ للمشاهد".
بِيعَ المسلسل لمختلفِ القنواتِ بأثمنةٍ بَخْسَةٍ جداً، حيث تم استقدامُ بطليْه، منار وزوجها، مع استضافتهما في برنامج "رشيد شُو" على القناة الثانية، وإغراقهما بعروضِ الإشهارِ (الإعلان) وأمواله، في وقتٍ عملتْ فيه دولٌ عديدةٌ على إيقافِ عَرْضِ حلقاته التي تتجاوزُ الألْفَ، مثل لبنان والكويت والجزائر وبلغاريا، وكذا تركيا.
وراء إصرارِ القناة الثانية المغربية على عرضِ هذا المسلسلِ الموصوفِ بنشرِ "التفاهة والغباء" أسرار أقوى مِنْ مجردِ الثمنِ البَخْسِ، أو مِنْ ذريعةِ نُدرةِ الأعمالِ الدراميةِ الراقية أو من شعارِ "ما يريده المشاهدون"، وذلك بحسبِ مُراقبين ومُتتبعين ومُحللين مغاربة وغير مغاربة.
شُرِعَ في عرضِ المسلسلِ قُبَيَلَ ما سُميت ثورات الربيع العربي، الأمرُ الذي اعتبرهُ كثيرون يندرجُ في سياقِ مخططاتِ التضْبيعِ واسْتِبْلادِ الناس، وإعدادِهم لركوبِ موجاتِ ما تنعتُ بالفوضى الخلاقةِ في مشاريعِ الهيمنةِ الثقافيةِ وغيرها، وليبراليةِ سوروس وآل روتشيلد وغيرهما مِنَ عرابي "ديكتاتورية الأسواق" و"شمولية الثقافة الاستهلاكية" وأكذوبةِ "العالم قرية صغيرة"، وهلم جرا.
لا وجود لخطابٍ بريءٍ على الإطلاق. كل خطابٍ، أي خطاب، يتضمنُ رسالةً ما، أفكاراً أو فكرةً معينة، دعوةً إلى سلوكياتٍ وقيمٍ ورؤيةٍ للذاتِ والآخر، وللحياةِ والوجودِ والعالم عموماً. وفي الأعمال الدرامية والسينما مثلاً، تتحولُ قصديةُ الخطابِ بواسطةِ الصورةِ والمكوناتِ الأخرى إلى ما يُشبهُ الأسطورة، وهي تعتمدُ "لغةً خاصةً، تستميلُ المتلقي، تُداهمُ وجدانه، تُوَجههُ وتُؤثرُ في لا شعوره"، كلحظةٍ لغيرِ التأملِ العقلي، تحريضاً على الاندفاعِ الحسّي وحده، نحو السلوكِ والنموذجِ والمثالِ المُبشرِ فيه في النسقِ الإيديولوجي المُتحكمِ في هذا النوعِ مِنَ الخطابات.
هذا ما تُؤكده دراساتٌ عديدةٌ مُتخصصةٌ في المجال، ويبقى السؤال، بخصوصِ هذا المسلسلِ المُتهَمِ بنشرِ التفاهةِ والغباءِ، وكذا أعمال أخرى لا تقل عن مسلسلِ "سامحيني" استهزاءً بذوقِ المغاربةِ والمَرْفَقِ العام"، كالتالي؛ أي ثقافةٍ، أي إنسانٍ، وأي خَلَفٍ أو نموذجٍ تنموي مغربي، أو مشروعٍ مجتمعي يُبشرُ به الإعلامُ المغربي وقنواتُ الاتصالِ السمعي البصري الرسميةِ في المغرب؟.
محمد الفرسيوي
محمد الفرسيوي
محمد الفرسيوي
كاتب من المغرب.
محمد الفرسيوي