على هامش التمكين؟

على هامش التمكين؟

01 ديسمبر 2017
+ الخط -
منذ اقترنت الوطنية بحيازة السلاح لمقاومة المحتل، أضحى المساس بسلاح المقاومة طعنة في الظهر للوطنية الفلسطينية.
ولم يكن يتخيل أحد أن أصحاب شعار الرصاصة الأولى قد ينحدرون من قمة الهرم الثوري إلى مربع التعاون الأمني مع العدو.
ومع هذا، وعلى الرغم من نجاح السلطة التي أنجبتها اتفاقات أوسلو في احتواء سلاح ثوار الانتفاضة في الضفة الغربية عبر الترهيب والترغيب، وكأنهم وضعوا للوطن ثمنا يتقاضاه عبر الصراف الآلي، فما أسوأ أن تكون ثورة حتى آخر الشهر.
عجبا كيف يطالب من يعيش تحت بساطير الاحتلال في الضفة كما يقول الرئيس محمود عباس بالتمكين الانفرادي في غزة.
يبدو أنّ سيطرة العقل الأحادي على حركة فتح بقيادة عباس قد أصابت بالعدوى كل الفريق العامل معه من سياسيين وإعلاميين ومفاوضين وغيرهم، فباتوا يتهمون الآخرين بما هم غارقين فيه.
تدرك حركة حماس، ومعها كل قوى وفصائل المقاومة، أن تحقيق المصالحة مع فريق يعتبر رئيسه التنسيق الأمني مع العدو مقدسا قد يكون مستحيلا، إلا أنها تدرك أيضا أن هذا ممرا إجباريا، وأن سلوك الممرات الأخرى ربما يكون أكثر مرارة وألما.
أدمنت حركة فتح التفكير الأحادي، ولم يعد في قدرتها السماح لأي فصيل وازن في الساحة مشاركتها ما تعتبره إرثا حصريا لها، فلا هي سمحت لحركة حماس بممارسة طقوس الحكم في أعقاب فوزها في انتخابات 2006، وأشغلتها حتى اليوم برقصة الخمسة بلدي التي وعد بها دحلان. ولا هي تسمح لأي فصيل آخر ممارسة سلوك طريق آخر غير المفاوضات لتحرير الوطن وإقامة الدولة، ونصبت نفسها حاميةً على حدود العدو، بحجة حماية المشروع الوطني.
أما قصة الخطوط الحمراء في المسيرة الفلسطينية فموضوع ذو شجون. .. كانت فلسطين من البحر إلى النهر خطا أحمر، ثم تسلل هذا الخط خلسة من القيادة الفريدة للثورة لتصبح فلسطين تقع فجأة على حدود الرابع من يونيو/ حزيران 1967.
كانت حياة الرئيس ياسر عرفات خطا أحمر يعتبر أن المساس بها سيشعل بركان الثائر الفلسطيني، ليأكل إسرائيل بدون ملح، ثم وفي غفلة من هذا الثائر قتل ياسر عرفات، وأضحى التنسيق الأمني مع العدو مقدسا، وأصبحت مقاومة العدو خطا أحمر وتخريب للمشروع الوطني. ما أسرع تراجع الخطوط الحمراء في الثورة الفلسطينية وكأنها في مذمار للسباق العكسي.
استوطنت سيمفونية رفع الحصار عن غزة حناجر كل ساكني المقاطعة في رام الله 11 سنة، ثم اكتشف شعبنا الطيب المغيب أن فتح الفصيل الأكبر والحزب الحاكم ورواد الثورة.. هم من يفرض الحصار على غزة حامية الثورة ورافعة المشروع الوطني... ما أقصر حبال الكذب وإن استمرت 11 سنة.
ما أشد الألم حين ينطق الأخ والشقيق بلسان الخصم والعدو، سلاح المقاومة الذي مرغ أنف العدو تحت بساطير القسام، تضعه فتح في سوق المساومة، فإما حصار وتجويع وإما السلاح، هذا هو المعنى الأوضح لمصطلح "تمكين" الذي اخترعته حركة فتح. وتهديد القيادي في حركة حماس، خليل الحية، بنقل هذا السلاح إلى الضفة المحتلة لمقاومة العدو، هو المشهد الذي لم تراه فتح في أشد كوابيسها رعبا. فإذا انتقل هذا السلاح إلى الضفة، فإن الوظيفة الأمنية للسلطة في الضفة سوف تصبح مهددة، وستصبح السلطة بلا قيمة، ولن يتردد الاحتلال بالتضحية بها عند أقرب مفرق طرق.
التهديد بنقل السلاح للضفة هو الأشد وقعا على حركة فتح من عشرات جولات المصالحة، فإما أن تأتي "فتح" إلى المصالحة على قاعدة الشراكة في المشروع الوطني كله، وإما ستعمل "حماس" على تمكين سلاحها في مدن الضفة الغربية لتبدأ صفحة جديدة من الجهاد والمقاومة.
9197D8CA-12AD-4FAB-B5E0-F801DF74A0B9
9197D8CA-12AD-4FAB-B5E0-F801DF74A0B9
عماد عفانة (فلسطين)
عماد عفانة (فلسطين)