المغربُ ورُبُعُ نهايةِ المونديال

المغربُ ورُبُعُ نهايةِ المونديال

29 نوفمبر 2017
+ الخط -
عاشتْ الكرة المغربية، في الأيامِ الماضية، لحظتيْن جميلتيْن بامتياز. فاز الوداد البيضاوي بكأس الأندية الإفريقية، وتأهل المنتخب المغربي لمونديال 2018، فهل نجح المغرب في نقل هذا التتويج القاري، إلى صفة العالمية؟
شارك المغرب أربع مرات في كأس العالم لكرة القدم، حيثُ بلغ الدور 16 في 1986، وكان أولِ منتخبٍ إفريقي وعربي يصلُ إلى هذا الدور، وقد أُقْصي آنذاك من بلوغِ ربع نهايةِ كأس العالم، أمام ألمانيا بنتيجة 0-1.
مرت حوالي ثلاثة عقودٍ ونيفٍ على هذا الإنجازِ الكروي المغربي الإفريقي والعربي المتميز. أجيالُ المغاربةِ الذين تقل أعمارهم عن 30 سنة، كانواْ لا يزالون في حكمِ الغيب، وأجيالٌ كثيرةٌ مِمنْ كانت أعمارهم فوق الثلاثين غادرتْ أو تُغادرُ الدنيا إلى الدار الأخرى. وفي المحصلةِ، أكثر من نصف المغاربة لم يستمتعواْ، في وقته وإبانه، بالأداءِ الوطني الجميلِ والمُشرفِ لنخبتنا الوطنية آنذاك.
لن أُطيلَ أكثر في ذي النوستالجيا الدافئةِ والمُدَفئةِ، حتى لا نسجن أنفسنا في الماضي، مهما كانت بعض لحظاته مُشرقةً أو مفيدةً في التغلبِ على انحساراتِ الحاضر وغيرها. لذلك يصيرُ سؤالُ المستقبلِ سؤالاً واعداً، بكل تأكيد.
أقل من ثمانية أشهر، تفصلنا عن مونديال روسيا، وليس أمام الناخب والمسؤولين وفريقنا الوطني سوى هذه المدة الزمنية الثمينة، للإعدادِ والاستعدادِ لهذا الاستحقاقِ الكروي الذي يهمنا. فما العمل؟
طرحنا هذا السؤال على عينةٍ من مغاربةِ المدن والبوادي والمهجر، أياماً مَعدودةً بعد مباراةِ التأهل الأخيرةِ التي انتصر فيها المغرب على كوت ديفوار (ساحل العاج)، وكانتِ الأجوبةُ واحدةً شبه موحدة، تُلخصها هذه العبارات على لسان نادل مقهى (قاسم فيدا) من مدينة تمارة المجاورة لعاصمةِ المملكة المغربية، إذ قال: "الفريق الوطني ظهر في مباراته الأخيرة مع ساحل العاج بمستوى اِسْتحْسناهُ جميعاً، لقد بدا في حالةِ انسجامٍ لا بأس بها، كما لم تغب الروح الرياضية والوطنية القتالية عن أداء اللاعبين.. لكن وضعية الفريق ومستواه وتشكيلته الحالية غير كافية لمشاركةٍ مغربيةٍ قويةٍ ووازنةٍ في روسيا.. أمام المدربِ والطاقمِ التقني والنفسي للفريق وقت ضيق، ينبغي استغلاله واستثماره من دون أي تكاسلٍ أو تبديدٍ للزمنِ والفرصِ، في معسكراتِ التدريب والمباريات الودية الإعدادية المدروسة بعنايةٍ واحترافية".
محمد الزليلاق، المثقف الفلاح والمعروف بسخريته الأنيقة، يقترحُ على مدرب المنتخب الوطني، لُغُنارْ، قريتَه النائيةَ الواقعةَ في سفوح جبالِ الريف، مُعسكراً للتدريب، ولو أُسبوعاً قبل الذهابِ إلى روسيا. وحين سألناه لماذا؟ أجاب ضاحكاً وحازماً؛ "أغلب لاعبي المنتخب في فرقِ بلدان الدول الأوربية، لا يلتقون فيما بينهم إلا في معسكرات التدريب المحدودة والمباريات الودية أو الرسمية.. هنا سيلتقون فيما بينهم بين دفء البسطاء، سيتعلمون الحب الجماعي من الناس..".
عموماً، لا تنحو آراء الشارع المغربي ومواقفه حتى الآن منحى النقد والعتاب الكبير للنخبة الوطنية أو المدرب مثلاً، فمعظم الاستجواباتِ تركز على استحقاقات من هذا القبيل؛ "اللعب الجماعي"، "الروح الرياضية العالية"، اللياقة البدنية والروحية"، "حب الوطن"، وضرورة مواصلةِ الإعدادِ والاستعدادِ الجدي والتنقيبِ المستمر على لاعبين جدد، وكذا عدم إضاعةِ ثانيةٍ من الوقت قبل الذهاب إلى روسيا، ويُجمعون على أنْ لا نرضى بأقل من بُلوغِ ربع نهاية هذا المونديال، ويتمنون لمنتخبات تونس ومصر والسعودية كل التوفيق.
محمد الفرسيوي
محمد الفرسيوي
محمد الفرسيوي
كاتب من المغرب.
محمد الفرسيوي