الفصائل الفلسطينية ولقاؤها المرتقب

الفصائل الفلسطينية ولقاؤها المرتقب

20 نوفمبر 2017
+ الخط -
أعلنت الفصائل الفلسطينية عن استجابتها لعقد اجتماع لها في القاهرة، بدعوة من المخابرات المصرية، غدا (21/ 11/ 2017). هل سيكون اللقاء المرتقب محطة على طريق استكمال السلطة الوطنية الفلسطينية بسط سيطرتها على قطاع غزة التي فقدتها منذ حوالي عشر سنوات، ولتستعيد كل المسؤوليات فيه، فتتركز أجندة اللقاء على ما يدعم ما تم إنجازه على هذا الصعيد، ومعالجة القضايا المؤجلة وحلها، مثل قضيتي الأمن والموظفين، وصولاً إلى ما تطالب به القيادة الرسمية في رام الله: سلطة واحدة، قيادة واحدة، سلاح واحد. فقد صرح رئيس الوزراء، رامي الحمد الله، أخيرا، بأن موضوع الأمن لم يُحل بعد في قطاع غزة، على الرغم من استلام الحكومة المعابر بموجب اتفاق المصالحة.
وحسب عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، جمال محيسن، سيتصدر ملف الانتخابات والمجلس الوطني القضايا المطروحة للبحث بين الأطراف الفلسطينية. وقال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، إن حركته ستشارك في اللقاء دعماً لجهود المصالحة وإطلاق الحوار الفلسطيني الشامل، بما يخدم معالجة كل القضايا التي تهم الفلسطينيين. وحسب مصدر مسؤول في الجبهة الديمقراطية، فإن الدعوة جاءت لمناقشة قضايا إنهاء الانقسام، واستعادة الوحدة الداخلية، وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني، بمؤسساته التشريعية والتنفيذية وبرنامجه السياسي، وبما يوفر الأدوات والإمكانات لمواجهة الاستحقاقات السياسية المقبلة.
توالت هذه التصريحات، فيما لا يدعو ما أعقب تنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق حركتي فتح وحماس في الشهرين الماضيين، في تسليم المعابر والوزارات واستلامها، من تصريحات وممارسات من مسؤولين في السلطة الفلسطينية، لا يدعو إلى التفاؤل أو الارتياح لمسار المصالحة، بعد أن تجاوز عقبات كانت تشكل شروطاً بالنسبة للسلطة في رام الله، ما يعود إلى تريثها في تنفيذ الخطوات المطلوبة منها من دون أي سبب مقنع. وما نفذ من خطوات عملية إلى الآن لإنهاء الانقسام هو من حركة حماس وحدها. ومن جهة أخرى، يتصرف مسؤولون في مواقع متعددة في أجهزة السلطة التنفيذية والسياسية كمنتصرين، ويطالبون "حماس"
بالاستسلام، لقناعتهم بأن الإجراءات التي أقدم عليها الرئيس محمود عباس في الأشهر الماضية بخصوص قطاع غزة ضيقت الخناق عليها، ما أجبرها على ما تقوم به من خطوات لتسليم القطاع، وهذا لا يساعد على إتمام الخطوات المطلوبة لإنهاء الانقسام.
بعيداً عن دوافع حركتي فتح وحماس من المصالحة التي يجري تنفيذها منذ شهرين، وبعيداً عن دوافع المخابرات المصرية، يلقي اللقاء المرتقب للفصائل في القاهرة مسؤولية خاصة عليها، وإنْ لا علاقة لها بما اتفقت عليه المخابرات المصرية مع حركتي فتح وحماس لمعالجة وضع قطاع غزة.
والآمال المعقودة على الاتفاق الذي بُدئ في تنفيذه أنه سينهي مرحلة سوداء في تاريخ الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية، غير أن عقبات كبيرة تعترضه، وسيبقى معرّضاً للفشل أو التراجع عنه، إذا بقي في الإطار الذي هو عليه، أي بين المخابرات المصرية وحركتي فتح وحماس. وما يدعمه ويقويه ويمضي به إلى الأمام لتتحقق الآمال المرجوة منه، تحوله إلى اتفاق وطني، يشمل كل القوى الفاعلة والمؤثرة في الشأن الفلسطيني. ويوفر لقاء القاهرة المرتقب فرصة لهذه القوى على هذا الصعيد.
استمرار بعض القائمين على ملف المصالحة والمعنيين بها من سلطة رام الله بنهجهم في التعاطي معه من موقع المنتصر على حركة حماس، وهي في وضع المهزوم، وحصره بما يعيد إليها قطاع غزة وإنهاء سلطة حماس عليه سلطة موازية يخرجه من المصلحة الوطنية. فطالما دعيت الفصائل إلى الاجتماع في القاهرة، فيمكنها أن تقوم بدور إيجابي، لتدعيم هذه المصالحة لتكون وطنية، بإخراجها من السياق الذي جاءت من خلاله أو هي فيه، ونقلها إلى أن تكون الأرضية التي يؤسس عليها لتنفيذ اتفاقية الوفاق الوطني الفلسطيني الذي وقعت عليه الفصائل في القاهرة نهاية عام 2011، ومعالجة المواضيع المؤجلة بناءً على هذه الرؤية.
يحتاج الوضع السياسي الفلسطيني من يعيده إلى مساره الوطني الذي حاد عنه منذ اتفاق أوسلو عام 1993. ولعل انسداد الآفاق لما كان يأمله أصحاب هذا الاتفاق من الوصول إليه من خلاله بعد ما يقرب من ربع قرن من المفاوضات، بتحقيق إنجاز وطني تاريخي بإقامة دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس على الأرض الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل عام 1967 يساعد في ذلك. فقد خطت الفصائل الفلسطينية مجتمعةً خطوات مهمة لإعادة الوضع الفلسطيني إلى مساره الوطني، عبر الحوار في ما بينها الذي توج باتفاقية الوفاق الوطني التي حظيت بدعم كل القوى السياسية والمجتمعية الفلسطينية.