الأسلحة المهملة

الأسلحة المهملة

18 نوفمبر 2017
+ الخط -
على من يتبنى منهج المقاومة أن يمتلك كل أوراق القوة، أو على الأقل أن يجتهد في امتلاكها، وأن يضع خطة محكمة لتوظيف أوراق القوة هذه في إطار المعركة المستمرة لنيل الحقوق الثابتة.
ومن أوراق القوة الرأي العام العالمي كحاضنة أممية، إضافة للحاضنات الداخلية والإقليمية، كما أن من بينها أيضا نقاط ضعف عدوك، فأي نقطة ضعف في صف العدو هي نقطة قوة تضاف لرصيد المقاومة.
وسنضع بين يدي صناع القرار والمخططين الاستراتيجيين عدد من أوراق القوة، على أمل أن يتغير الخطاب السياسي لقادتنا، المقاومين منهم والمسالمين، وطريقة عملهم تجاه الساحات الأوروبية والأميركية، وأن يعملوا على تعزيز نقاط ضعف العدو والنفاذ منها تجاه تفكيكه من الداخل.
أولا، القضية الفلسطينية ذات بعد إسلامي بامتياز إضافة إلى أنها ذات بعد قومي عروبي، وها هم المسلمون حول العالم يقومون بإحداث تحول ديمغرافي في قلب أوروبا، تلك القارة العجوز التي صنعت "إسرائيل". ففي روسيا، وكما تشير الأرقام الاحصائية المذهلة فان واحدا من بين خمسة مواطنين هو مواطن مسلم. وفي بريطانيا صاحبة وعد بلفور المشؤوم ها هو عدد المسلمين فيها يتضاعف ثلاثين مرة في الربع الأخير من هذا القرن، وفي هولندا المستقرة سيُصبِح أكثر من نصف السكان مسلمين خلال العشرين سنة المقبلة. وهكذا تتضاعف الأرقام في باقي الدول الأوروبية، لتخلص إلى أنه وفي أقل من خمسين عاما سيكون نصف سكان القارة الأوروبية مسلمين.
ثانيا، لذا لا عجب أن نرى في قلب لندن مظاهرة حاشدة بعشرات الآلاف ضد وعد بلفور الذي قالت رئيسة وزرائها، تيريزا ماي، أنها ستحتفل به بكل فخر، في مخالفة فجة للمزاج العام في بريطانيا بل وفي أوروبا بأسرها.
عدد المؤسسات الأوروبية الداعمة للحق الفلسطينية، وحجم المقاطعة التي تفرضها مؤسسات أوروبية منها جامعات ونقابات، تعلن للجميع أن أغلبية ساحقة من شعوب أوروبا أصبحت تؤيد الرواية والحقوق الفلسطينية.
ثالثا، المجتمع الصهيوني داخل الكيان الصهيوني هو كوكتيل من عرقيات وجنسيات وإثنيات مختلفة، بات تبرز داخله نعرات التفكك، ما دفع الرئيس الصهيوني إلى التحذير من ذلك في كلمته أمام مؤتمر هرتسليا العام الماضي.
وهذا ما عبر عنه حزب ميرتس اليساري الذي شطب من برنامجه السياسي هذا العام كلمة "الصهيونية"، دليلا فجا على أن الصهيونية لم تعد القاسم المشترك بين تلك القبائل المكونة للمجتمع الصهيوني.
فإذا علمنا أنّ الكيان العبري قام أساسا على فكرة الصهيونية، فإن حزب ميرتس والمزاج العام في الكيان ينسف الفكرة الأساس التي قام عليها كيان العدو، ما ينذر بسرعة تفكك الكيان فيما لو عملت مقاومتنا بذكاء على إذكاء نار الخلاف والشقاق بينهم بطرق إبداعية.
وما يشّجع ذلك الهجرة العكسية الصهيونية التي باتت في تزايد مستمر، حيث تفيد الإحصاءات بأن حوالي مليون ونصف مليون صهيوني باتوا يعيشون في الخارج، وأغلبهم لم يعد إلى الكيان منذ عشر سنوات، وربعهم لا يفكر بالعودة مطلقا، فيما يسعى الثلثان منهم إلى الحصول على جنسية ثانية.
تيشر جميع هذه المعطيات الإيجابية بتحول الرأي العام العالمي الشعبي، وشبه الرسمي، ممثلا بالأحزاب والاتحادات والنقابات والجامعات، وهذا يجب أن يدفع أصحاب القرار إلى الإيعاز لمفوضي العلاقات الدولية، بتنظيم كادر بشري لتوظيف هذا التحول، ضمن خطةٍ تراعي التنوع والاختلاف بين شعوب الدول الأوروبية، لصناعة خطاب قادر على قطف ثمار هذا التحول قرارات وإجراءات تعيد الحق إلى أصحابه، وتعزل الكيان الصهيوني وتحاصره وصولا إلى إنهائه.
إضافة إلى أنّ نذر تفكك الكيان من الداخل يجب أن تشجعنا على صياغة خطاب يساهم في إذكاء الخلاف والفرقة بين القبائل المكونة للكيان، وإبراز كل مثالب الكيان، مثل تمييزه العنصري بين يهودي وآخر.
9197D8CA-12AD-4FAB-B5E0-F801DF74A0B9
9197D8CA-12AD-4FAB-B5E0-F801DF74A0B9
عماد عفانة (فلسطين)
عماد عفانة (فلسطين)