المغرب .. سوق الفن

المغرب .. سوق الفن

16 نوفمبر 2017
+ الخط -
تبدأ في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري الدورة 12 لِما صارَ معروفاً في المغرب بـ "ليلة الأروقة"، لنكون أمام ما قد تحمله من إضافاتٍ نوعيةٍ للتجربةِ التشكيليةِ في المغرب، وكذا للمتنِ الفني الإبداعي المغربي، ولفن التعبيرِ بالريشةِ والألوانِ، في منطقتنا وكل العالم.
ولما كانتْ وزارةُ الثقافةِ المغربيةِ تعتبرُ هذه الدورة متميزةً، استناداً إلى "مشاركةِ 120 رواقاً وفضاءً للعرضِ من 40 مدينة تُمثلُ مختلفَ جهاتِ المملكة" كإنجازٍ كمي ملموس، فإن الجوابَ عن سؤالِ: أي تَمَيزٍ على الصعيدِ النوعي قد تحمله هذه الدورة؟ يبقى موضوعاً للمتابعة، في الأفُقِ إلى حينِ عرضِ الأعمال وموعدِ الختم، وما يلي هذا كله.
بيد أنني، كما لو كنتُ، منذ البدْءِ، أجنحً إلى سؤالِ النقد، بل لِما يندرجُ ضمن وظيفةِ نقاد الفن، ومهامهم واختصاصهم... هذا في الوقتِ الذي تَجنحُ فيه المؤسسةُ الثقافية الوصيةُ إلى "تثمين التراكم"، "تسهيل الولوج للعرض"، "ضمان تلاقح التجارب"، "تحريك سوق اللوحة الفنية بالمغرب"، وصَوْنِ استمرارية هذه التجربة، وتيْسير انفتاحها على بعضِ الآفاقِ الإيجابيةِ الممكنة.
لذلك، سأجنحُ أكثر في المسألةِ الموصولةِ بسوقِ اللوحةِ بمغرب 2017 وما بعده، إلى طرحِ سؤالٍ موصولٍ بالسياقِ التجاري؛ أعني بالدورِ الذي يمكن لقطاع الثقافة الرسمي أنْ يلعبه في تيسيرِ اقتناءِ اللوحاتِ المعروضةِ، بما يُسهمُ في تحسين الأوضاع المادية للفنان التشكيلي المغربي، أو على الأقل بما يُساعدُه في استرجاعِ بعضِ مصاريفِ الإطاراتِ والصباغةِ والنقلِ والاستضافاتِ المرتبطةِ بالأعمالِ الفنيةِ وإعدادها للعرض.
لذلك، هل فكرتْ (أو تفكر) وزارة الثقافة المغربية في تحسيسِ ودفعِ قطاعاتٍ حكومية ومؤسساتِ الأبناك والشركات ومكاتبِ الاستثمار والعمالات والولايات والجهات (...)، إلى اقتناء بعض الأعمال المعروضة في معارض 'ليلة الأروقة"، وذلك على الأقل بمعدلِ اقتناءِ ثلاث لوحات لكل عارضٍ/ فنان تشكيلي؟
صحيح أنّ وزارة الثقافة، وهي تواصلُ تنظيم هذه التظاهرة الفنية كل سنةٍ، منذ منتصفِ العقد الماضي، إضافةً إلى فتحِ معارضها على طول العام في وجه ما تيسرَ من فن التشكيل والتشكيليين المغاربة.. صحيح جداً، أنها تقدمُ خدماتٍ جليلةً للمبدعين المغاربة، وللفن التشكيلي المغربي عموماً، وبكل تأكيدٍ؛ إنها بالحرصِ على انتظامِ هذا التقليد واستمراره أيضاً، تعفي الفنان المغربي من مساوماتِ وابتزازاتِ وتلاعباتِ بعض قاعات العرض الخصوصية.
لكن هذه الوزارة، في السياق الذي أخوضُ فيه، قادرة على توقيع شراكات واتفاقيات مع المؤسسات والمراكز والقطاعات والجهات المشار إليها أعلاه، لتشجيعِ الفن التشكيلي المغربي، والأخذِ بيد الفنانين والفنانات وتحفيزِ الجميع من الناحيةِ المادية أيضاً، سيما وأن بعض التشكيليين المغاربة (ربما منهم مَنْ يعرض في هذه الدورة)، لا مدخول لهم إلا مما يرسمون أو يُشَكلُون.
وفي السياقِ نفسه، لماذا لا تُبادر هذه الجهات كلها من تلقاءِ نفسها، وفي مقدمتها مؤسسات البنوك والأعمال، وكذا "الأثرياء" كل في مدينته، بزيارةِ هذه الأروقة واقتناءِ ما تيسر من أعمالِ المبدعين والمبدعات المغاربة، تشجيعاً للثقافةِ والفنون، وتعبيراً عن الذوقِ الرفيعِ، وعما يُشبه التضامن الوطني الراقي؟
محمد الفرسيوي
محمد الفرسيوي
محمد الفرسيوي
كاتب من المغرب.
محمد الفرسيوي