القضاء.. لعبة المحتل القذرة

القضاء.. لعبة المحتل القذرة

10 أكتوبر 2017
+ الخط -
شاهدتُ بالمصادفة البحتة مشاهد من فيلم جميلة بوحيرد، ومرّ أمامي بشكل عابر مشهد يتحاور فيه قادة جيش فرنسا آنذاك في الجزائر، وهم يتباحثون فيما يجب أن يفعلوه بالمناضلة بوحيرد، فاقترح بعضهم قتلها، لكن الأكثر دهاءً منهم اقترح إعدامها وقتلها بواسطة القضاء.
وهنا انتبهتُ من غفلتي، وجال بخاطري كيف أنّ المحتل، ومن بعده الطغاة والجيوش، يسيرون بخطى ثابتة في الطريق ذاته لإذلال الشعوب، وإخضاعها لسلطان هؤلاء المحتلين. ثم جاء الطغاة الذين خلَفوا المحتل في نهب الثروات، والعمل على تجهيل الشعوب، وإفقارها، وتسليط كل وسائل التأثير عليها، بهدف تضليل الشعوب وتخويفهم من أجل ثنيهم عن مجرّد التفكير فيما يدور من حولهم، ويستميتون في وضع أغشية سميكة على أعين هذه الشعوب، وآذانها وقلوبها، حتى يفعلوا بهم الأفاعيل، وهم صامتون، بل ويهلّلون لهؤلاء الطغاة، ويرفعون أحذيتهم فوق رؤوسهم.
وتوصلت إلى فكرة قديمة سبق إثارتها، أنّ ذاكرة الشعوب تشبه ذاكرة الذباب، فهم ينسون ويتناسون كلّ ما يحدث معهم، في حين أنّ الطغاة وجيوشهم لا ينسون الأساليب الفعالة التي تمكنهم من السيطرة التامة على هذه الشعوب، وأنّ أكثر هذه الأساليب فاعلية هو القضاء، حيث يستخدمه هؤلاء وسيلة للقتل والسجن وتكميم الأفواه عن ممارساتهم وفسادهم وإفسادهم.
وهنا تتضح الصورة كاملة، فيتذكّر الإنسان الشعارات الرنانة من أمثلة: لا تعليق على أحكام القضاء، والحكم عنوان الحقيقة، ووجوب الانصياع لكل ما يقوله أو يفعله القضاء.. كلّ هذه الشعارات وغيرها تمهيد لما هو قادم، بحيث إذا استخدم الطغاة القضاء في إذلال الشعوب لا تستطيع هذه الشعوب أن تنبس ببنت شفة، وإلا سوف تحاكم بتهمة إهانة القضاء.
EF50226D-AEBC-4A71-ABA8-CF2F2F729A39
EF50226D-AEBC-4A71-ABA8-CF2F2F729A39
عبداللاه يوسف حسين (مصر)
عبداللاه يوسف حسين (مصر)