نظرة على الحافة

نظرة على الحافة

05 أكتوبر 2017
+ الخط -
على مقربة من الحافّة، حيث نقف جميعاً، نهمس في آذان بعضنا: حذار من السقوط. نستنشق رائحة شيء من الحريق في كلّ الأمكنة، نتحسّس الفشل العام للمنظومة الأخلاقية حيث تتهاوى القيم، وتتصاعد أصوات النشاز والحقد .
في وطني، لا شيء يعجبنا، بدءاً بالسياسات، مروراً بالاقتصاد، وصولاً إلى الثقافة فالرياضة.. وقس على ذلك كل شيء. نغيّر البقعة إلى أخرى، فنجد أشقاءنا يعيشون أسوأ منا بكثير، نغيّر اتجاه البوصلة إلى الشمال، حيث الغرب مرادف الحضارة والثقافة، فنجد الأمر أسوأ كذلك، فعلى الأقل نحن نمارس الديمقراطية بالشكل الذي يوافقنا، بينما هم يستحوذون عليها فيمنعون عنّا هواءها، تحت مسميات من قبيل الفيتو و..
في وطني، لا شيء يعجبنا، تتكاثر التساؤلات وتتعالى الصيحات، تتناسل الويلات، تقل مشاعر الإنسان، حيث لا صوت فوق صوت الدماء ولوبيات السلاح والمال، نسائل البشرية حيناً، ونشتاق للإنسان فينا كلّ لحظة، الأخير التائه وسط مخططات المتحكمين في مصير العالم .
في وطني، لا شيء يعجبنا، بينما نحن علّة كلّ شيء، نرتكب الأخطاء ونتهم الآخرين، نشارك في جريمة قتل البسمة، حيث تتعالى أصوات وصحون الأول في السماء، ونسكت عن اختراق الثاني الديمقراطية التي بها نحلم، بإجهازه على القانون وتشبثه بالكرسي للمرة الثالثة، برؤية شعبوية فضفاضة، كما سرواله القندريسي، بينما نرقب سائق جرار بعجلات معطوبة يوهم الملأ بعلاقته غير الشرعية بـ "المحيط " الأقوى من المحيط الأطلسي بذاته، ولا يغيب عنّا تمادي الرابع في تقمّص دور الحمامة المسالمة، وهو الناهب خيرات وطن جريح، أما الخامس فاختار أن يغيّر وردته لصبارٍٍ يصيب شوكه كلّ الفرقاء، ليغتال في مناضلي الأمس شرف انتمائهم.
في وطني، لا شيء يعجبنا، حيث استقالت النخبة عن القرار تاركة مصيرنا منذورا لليتم والبشاعة القصوى، لبشر مفرغين من الحس الإنساني. إنهم المتلاعبون بمصير وطن، المسيطرون على القرار، الطاردون كلّ من له نخوة، الجامعون قطيع الرعاع المهلّل بزعامات صنعت للعب دور كومبارس في مسلسل ذلقراطي.
في وطني، لا شيء يعجبنا، فالكل يقترح وصفاتٍ لإسعاف تعليم أرادوه في مؤخرة الركب، بتقارير دولية وهمية مسيّسة، وبمساومات مشروطة ظاهرها جرعات دعم وباطنها حقنات سم.
في وطني، لا شيء يعجبنا، الكثير من مشرعينا ليسوا كالمشرعين، فلا هم من الدارسين، ولا هم من الوطنيين، فقط هم صنيعة صناديق ديمقراطية حربائية، استغلت فقر بعضهم، فدست أيادي الشر للعبث بمستقبل وطن يتطلع للخير. ويصير الأسف خانقا حين نجد برلمانيين لا يفرقون بين مشاريع القوانين ووصفات زيجاتهم لصنع الكيك .
في وطني، لا شيء يعجبنا، وقد بعنا وطننا لبعضهم ليعيث فيه فساداً، بينما خيراتنا تتقاسمها جهات أخرى، كرها لا طواعية، حيث تختلط الميزانية العامة بميزانيات مجهولة النسب، فنبتسم ببلاهة علّنا ننجو من جبروت قوى الظلام.
في وطني، لا شيء يعجبنا، حيث تكريس الجهل بكل مكان ومَأْسَسَتُهُ، يحتفون بالتفاهة، وينبذون الغيورين الحاملين لِهَمِّ مشروع وطني، الحالمين بوطن في منأى عن تهديد الحافة.
C68656A4-1B0D-41A4-AB73-FEA781884796
C68656A4-1B0D-41A4-AB73-FEA781884796
المصطفى أسعد (المغرب)
المصطفى أسعد (المغرب)