ضرورة النقد

ضرورة النقد

12 يناير 2017
+ الخط -
تعتبر ثورة يناير نقطة تحول تاريخية في وعي الشعب المصري، وفِي طريقه إلى التحرر الكامل من قيود القهر والاستعباد والاستبداد، وكلّ ما جرى فيها من سلبيات وإيجابيات، هو حق للأجيال القادمة. ولذلك، تلزم أمانة النقل كلّ من عايش هذه الفترة واشترك في أحداثها وتأثر بها سلباً أو إيجاباً.
يجد المتابع لما يكتب عن أحداث هذه الثورة أنّ الناس يتمترسون حول الدفاع عن مواقفهم الشخصية، أو انتماءاتهم الفكرية أو مواقف أشخاصٍ يدينون لهم بالفضل والولاء. وآخر مهاجم يرى كلّ ما حدث أخطاء لأنّها خرجت فقط من خصومة، فكرياً أو سياسياً، والتبرير جاهز لكلّ حدث، كيف حدث وأنّه كان يجب أن يحدث، وأنّه ليس أمامنا إلا هذا الطريق، وأنّنا سنصل إلى النتائج نفسها، حتى لو غيّرنا كلّ المقدمات في مخالفة لقواعد العقل والمنطق، وأجدني ألاحظ أنّ النفسية والعقلية نفسها التي كتبت أحداث الخمسينات هي من تكتب الآن، فالحديث عن الثبات والصبر ومواجهة المِحنة، وإن كانت من لوازم النصر، ومن أهم أسباب مواصلة السير، إلا أنّها لا تعفي من نكأ جراح الأخطاء والتجاوزات والغوص في تفاصيل المشهد والتعرّض لآليات الانقلاب، وكيف استطاعت الأجهزه تشتيت الوحدة وتحويل عناصر الثورة من حالة التوافق والإتلاف إلى التنافر والاختلاف، وكيف مكرت بالجميع، حتى تشرذم الجمع الذي أجبر العسكر على الانصياع، وكيف أصبح أداة بيد العسكر يواجه بها بعضهم بعضاً، وهل هناك تشابه لما حدث في 1954 وما حدث في 2013؟ وإذا كان نعم، كيف بلغنا الطعم وشربنا السم؟ وكيف تمّ خداع الشعب، حتى حمل بيادات العسكر على راْسه؟ ثم كيف أدار الإسلاميون مؤسساتهم الحزبية والمؤسسات العامة التي أداروها، وواجه النجاح والفشل؟ وكيف تعامل الليبراليون مع الحرية المطلقة ومع حالة التنافس الحر؟ وكيف ارتضوا بالتحالف مع العسكر ضد ديمقراطية وليدة؟ وهل إيمانهم بالحريات والديمقراطية أقل من أن يقبلوا بوجود خصومهم في الحكم؟ وهل سيطرة العسكر وحكم القهر أحب لديهم من ديمقراطية تهميشهم بإرادة الناخب؟ وأين وقفت كل مكونات المجتمع؟
الوقت الآن هو المناسب والمناسب جداً لأن يدوّن كلّ إنسانٍ إيجابيةً عاشها أو سلبية رآها أو وقع فيها من دون تعريض أو تجريح أو الخوض في معارك جانبية تجرّنا إلى الدفاع عن النفس، والتمترس حول المواقف الشخصية؟ إنّها أمانة الوقت وواجبه الذي إن ضيّعناه نكون أضعنا ثورة وأضعنا فرصة الاستفادة منها والتعلّم من الأخطاء فيها.
ببساطة، يبقى الرهان على كيف نقوم بعمل وندوّن وقائع ونحلّلها، لكي نضمن في المستقبل للأجيال القادمة عدم الوقوع في الأخطاء نفسها، وأن لا يكرّروا التجربة نفسها من المحاولة الفاشلة، ومن يقول ليست هناك أخطاء، وأنّ الجميع قام بأفضل ما لديه، فقل إنّا لله وإنّا اليه راجعون، وهنيئاً للعسكر في عالمنا التعيس بِنَا.
المخاطب بهذه الأمانة الجميع، كلّ من لديه تجربة، والهدف أن تكون يناير خطوة وتجربة يُبنى عليها نهضة أمة في القريب العاجل.
F15576CA-C027-4153-9AED-97B150E3B3AA
F15576CA-C027-4153-9AED-97B150E3B3AA
يحيى عقيل (مصر)
يحيى عقيل (مصر)