جولة نتنياهو الإفريقية

جولة نتنياهو الإفريقية

10 يوليو 2016
+ الخط -
تكتسي جولة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في أربع دول إفريقية، أهمية بالغة لعدة أسباب، حيث إنها الزيارة الأولى لأرفع مسؤول إسرائيلي للمنطقة منذ فترة طويلة، إضافة إلى أن وفد نتنياهو يضم 80 رجل أعمال يمثلون 50 شركة إسرائيلية، وهذا يدل على سعيه إلى تعزيز التبادل التجاري ومزيد من التغلغل في القارة السمراء.
العلاقات الإسرائيلية الإفريقية قديمة، وليست طارئة، وللكيان الإسرائيلي تمثيل دبلوماسي رفيع في منطقة القرن الإفريقي، عدا السودان التي يعتبرها دولة معادية بسبب مواقفها الداعمة للمقاومة الفلسطينية، ويؤكد متانة هذه العلاقات حجم الاستثمارات الإسرائيلية في إثيوبيا وكينيا التي تقدر بمليارات الدولارات، كما أن تل أبيب أهّلت عدد من اليهود الإثيوبيين (الفلاشا)، وضمتهم إلى سلكها الدبلوماسي والقنصلي، منهم مديرة الإدارة الإفريقية في الخارجية الإسرائيلية، بلاينش زفاديا، التي تم تعيينها أخيراً، لتكون سفيرة لدى أديس أبابا.
استهل نتنياهو جولته من أوغندا، حيث أحيا فيها الذكرى الـ 40 لعملية تحرير رهائن إسرائيليين (بينهم شقيقه)، ويرى دبلوماسيون أنه يسعى، من هذه الجولة، إلى إنعاش علاقات بلاده مع القارة الإفريقية لضمان دعم دول القارة السمراء تل أبيب في المؤسسات الدولية، إذ أنها تتعرض لانتقادات مستمرة، وحالة من العزلة بسبب احتلالها للأراضي الفلسطينية وممارساتها على الأرض، إلى جانب أنشطتها النووية المثيرة للجدل. ولا يغيب عن المتابع العربي تأثيرات زيارة نتنياهو للدول الأربع المعروفة بأنها (دول حوض النيل)، لذلك تتخوف السودان ومصر من مآلات الزيارة، نسبة للعلاقات والتعاون الإسرائيلي مع إثيوبيا في مجال المياه والسدود، ويعتقد مراقبون أن إسرائيل تهدف إلى ضمان توفير المياه على المدى الطويل عن طريق المساهمة في تمويل بناء السدود على نهر النيل، وهو ما ترحب به دول الحوض.
يحمل نتنياهو في جولته محفزات وإغراءات للجانب الإفريقي، منها موافقة الحكومة التي يرأسها على افتتاح مكاتب للوكالة الإسرائيلية للتنمية الدولية في الأقطار الأربع التي تشملها زيارته. وتتبع هذه الوكالة بشكل مباشر وزارة الخارجية الإسرائيلية، وتُعنى بتقديم خبرات تكنولوجية وفنية للدول المستهدفة حسب الاتفاقيات.
وخصصت الحكومة الإسرائيلية ميزانية بقيمة 13 مليون دولار لتعزيز العلاقات الاقتصادية والتعاون مع هذه الدول في مجالي الأمن والصحة، ويهدف نتنياهو من اصطحابه لـ 80 من رجال الأعمال الإسرائيليين إلى زيادة حجم الاستثمارات، خاصة في قطاع الاتصالات والزراعة والسدود (بحسب خبراء).
لن يستطيع أحد توجيه اللوم للدول الإفريقية على تعزيز علاقاتها مع إسرائيل، إذ تتغلب لغة المصالح المشتركة على العواطف في عالمنا اليوم، يعضد ذلك الرأي إقامة دول عربية علاقات دبلوماسية وتوقيعها معاهدات مع إسرائيل.. ومما يدل على أهمية الزيارة مشاركة عدة رؤساء أفارقة في استقبال نتنياهو في أولى محطاته، وهم الرئيس الكيني أوهورو كينيات، الرواندي بول كاغامي، رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت، وزامبيا إدغار لونغو، ورئيس الوزراء الإثيوبي هايلي مريام ديسالين، إضافة إلى رئيس الدولة المستضيفة يوري موسفيني.
يحدث هذا الاختراق الإسرائيلي، للأسف، والدول العربية تظل غائبة من إفريقيا، على الرغم من قربها منها جغرافيا، لإنشغال العرب بأزماتهم المتمثلة في الملفات الشائكة (السوري، اليمني، الليبي، العراقي)، إلى جانب مواجهة تنظيم داعش، مع أن الدور الإسرائيلي لا يقل خطورةً عن هذه الملفات، بالنظر إلى أهمية القارة السمراء، استراتيجيا.
71F29908-DD1C-4C71-A77C-041E103F4213
71F29908-DD1C-4C71-A77C-041E103F4213
محمد مصطفى جامع
كاتب سوداني.
محمد مصطفى جامع