أكل التمر في عهد السيسي

أكل التمر في عهد السيسي

16 يونيو 2016
+ الخط -
تروي شهرزاد هانم في "ألف ليلة وليلة" حكاية اسمها حكاية التاجر والعفريت، للسيد الرئيس شهريار، وفيها يأكل التاجر التمر ويلفظ نواها، فيظهر له من سراب الصحراء عفريتٌ رأسه كالمذاري، ويداه كالصواري، ويقول متهماً: قتلت ابني يا مجرم! وبقية الحكاية معروفة ...
تروي السيدة حكاية ابنها شادي، عمره خمس عشرة سنة، وهو من هواة التصوير، وله صفحة علي الفيس باسم مستعار هو: سلاش بورغ، الاحتياط واجب في مملكة مارك الزرقاء، أرض الجن والملائكة و.. الألغام. خرج اليوم الساعة السادسة صباحاً، ليقوم بجولةٍ لتصوير ما تيسّر من طبيعة صامتة خرساء: وردة، شجرة، صخرة ... فاستهوت عين الفنان فيه سيارة وحيدة، موحشة، مطلقة، أو أرملة، في أرضٍ خاليةٍ في منطقة الملاحة، فخرج عليه ثلاثة عفاريت بشرية في زي القوات البحرية مع كبسة زر الكاميرا. وأحدهم بملابس مدنية. فانتشروا ورفعوا السلاح في وجه الولد الفنان الذي أخذه الرعب كل مأخذ، عصبوا عينيه، وسحلوه إلى مكتبٍ يحرسُه عفاريت وجنود، واستجوبوه عن سبب تصويره هذه المركبة الفضائية "الرميم" التي بدت للولد أنها كمين من أفلام الخيال العلمي. فتشوا مخازن صور كاميرته، وهي صور بعضها خاص، لا يجوز لأحدٍ رؤيتها، إلا بإذن صاحبها، وإذن النيابة العامة.. فحذفوها من ذاكرة الكاميرا، اتصلوا بقريبته، وأبلغوها أن "شادي" محتجز. فتركت سريرها في المشفى، وهي تعاني من آلام جراحة حديثة، واصطحبت أمه المكلومة التي رقعت بالصوت عند سماع خبر احتجاز ابنها، فالمحتجز في السجون المصرية مفقودٌ في عهد محاربة الإرهاب بالأباتشي والرز.
وكان حظهم حسناً أنهم ظفروا برؤيته مذعوراً قد تحوّل لونه إلى الأصفر .. و"الواد" يدافع عن نفسه: السيارة قديمة مصدية، وليست مركبة حربية، وإيه اللي جايب الناس دول هنا.. مش القوات البحرية يبقى مكانها في البحر، وليس في البر. لم تستطع قريبته أن تقول له سوى أنّ الدولة جنّت، وتخاف الشباب هواة التصوير، فالثورة سببها الصور يا ولداه. ما دخل الضابط في السؤال عن الكاميرا وسعرها: غالية إزاي اشتريتها؟.. فقال الولد المذعور إنّ الوالد جاء بها هدية عند نجاحه. فنصحه الضابط: سافر بره مصر علشان تعرف تصور صور لا تضرُّ بأمن الوطن... يبدو أنه اقترب من السيارة المحرّمة، ولازم يغادر الجنة.. اهبطوا منها جميعاً.
قبل مدة، قرأت خبراً عن مصريين، جاء لهم الجرسون بالشاي، فقال له أحدهم متأثراً بالمسلسلات التاريخية شاكراً: جزاك الله خيرا، فاتصل بالمخابرات، فاعتقلوهم بتهمة الإرهاب. سيادة الرئيس خائف من لغة عمر بن الخطاب وخالد بن الوليد.
هناك قصة سورية معروفة حوّلها ياسر العظمة إلى لوحةٍ تمثيلية، عن صاحب بستانٍ رأى مسافرين يقيلون في ظل شجرة، فحمل إليهم من ثمار بستانه مما لذَّ وطاب تفضلاً، فاستحلى الصياد الأكبر الثمار، وطلب منه أن يبيعه البستان فرفض، فحجز عنه المياه، فبارت وأجدبت الأرض، واضطر أن يبيعها له بسعر نوى التمر. ومنذ قليل، قرأت نعوة سوريٍّ قضى في سجن تدمر اثنتي عشرة سنة، كانت معه زوجته قبل اثنتي عشرة سنة، فاستحلاها أحد العفاريت البشرية الذين لهم حق الفيتو على الشعب السوري، ليس فيتو الرفض، وإنما فيتو النهب والغصب، فطلب يد الزوجة من زوجها فرفض. وللعاشق الراغب في الزواج من زوجته الحسناء أخ يعمل رئيس فرع أمن، فاتهمه بأنه من الإخوان آكلة التمر، فصادر الزوجة مع حملها، وكانت حاملاً ببنت.
مصري رأى ابنه في التلفزيون، يعترف بحيازة أسلحة، فأقسم الأب مكلوماً أنّ ابنه عيّل، وكان يفصفص اللب في الشارع، فخطفته العفاريت.
لو يتركونا نأكل التمر على الحدود مع العدو الإسرائيلي الحبيب، ونقصفه بمنجنيقات نوى التمر، كنّا حرّرنا بيت المقدس.
بيت القصيد وقمقم الحكاية: خذوا حذركم، وأنتم تأكلون ثمار عمتكم النخلة، أو حتى البطيخ، أو البذر.. كلوه مع النوى، أو القشر، أجلّكم الله.
683A43FF-D735-4EBA-B187-3AC9E42FAE32
أحمد عمر

كائن يظنُّ أن أصله طير، من برج الميزان حسب التقديرات وطلاسم الكفّ ووحل الفنجان.. في بكرة الصبا أوعشية الشباب، انتبه إلى أنّ كفة الميزان مثقوبة، وأنّ فريق شطرنج الحكومة "أصحاب فيل"، وأنّ فريق الشعب أعزل، ولم يكن لديه سوى القلم الذي به أقسم" فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا..."