الخطوط الجوية العاطفية

الخطوط الجوية العاطفية

07 ابريل 2016
+ الخط -
كنت أنتوي، نية الرئيس الراحل حسني مبارك، الكتابةَ عن وجوه الشبه بين مقتل الطبيب البريطاني عباس خان ومقتل الإيطالي جوليو ريجيني، فكلاهما قُتل في بلاد الطغاة. اتهمت أسرة خان الحكومةَ البريطانية بالتقاعس في نجدة عباس من سجون الأسد، بينما كانت الحكومة الإيطالية أفضل مع مواطنها المغدور ريجيني، وكلتا الأمّين الثكلاوين، أم عباس وأم جوليو، تناضلان. كانت أم عباس تسهر الأيام والليالي بجانب قاعات المؤتمرات في جنيف، وتتظاهر وحدها ضد الوفد السوري الرسمي، ثأراً لدم ولدها، فهي تعرف مزاح حكومتها، وقرّرت أن تناضل وحدها. عباس باكستاني الأصل، وليس أنكلو ساكسونيا. لعلها أدركت أنّ مصالح الحكومة البريطانية متشابكة مع حكومة الأسد التي تحارب عدو بريطانيا، وهو الإرهاب "الستريتش".
حتى فرنسا لم تغضب الغضب المنتظر عند مقتل المصور الفرنسي، ريمي أوشليك، أو الصحفي جيل جاكيه، ومثلهما الحكومة الأميركية مع مواطنتها ماري كولفن، وهي صحافية أميركية تعمل لحساب صحيفة صنداي تايمز البريطانية، قُتلت في حمص في حي بابا عمرو.
كانت تلك نيتي التي أنتويتها، لولا فيلم خطف الطائرة المصرية على يد خاطف طائرات العذراى، الذي كسر شباك تذاكر الأخبار، وذكّرنا بمسلسل "سفينة الحب" الأميركي. نشال الطائرات يستحق أن يمنح الحزام الوردي، فقد أثبت عكس قول المتنبي، فيمكن أن يسعى المرء إلَى الهَيجَا بغَيرِ سِلاَحِ، وأن يَنْهَضُ البَازِي بِغَيرِ جَنَاحِ وأن يطهو الهرُّ اللحم في الأفراح.
كنت أنتوي أن أكتب عن هؤلاء، لولا فيلم "ردّ قلبي" في الطائرة. استضافت قناة النيل لواء أركان حرب، حتى يحلل فيلم الخطف، مؤكداً أمراً مهماً، هو أنّ الحب وراء الخطف، لا السياسة، وهو سبب كل علّة، فالشعب المصري راضٍ وسعيد، فكان المذيعان، وهما ثنائي عاطفي، ذكر وأنثى، يردّدان وراء لواء أركان حرب مثل الجوقة: صحيح.. أكّد لواء أركان فنكوش أنّ الخاطف مختلٌّ اختلالاً ثلاثياً، وأّن الخطف تمّ على طريقة الجيل الرابع، بشوية أشرطة وكابلات، وأنّ السياحة بخير وتتعافى، فقد قدّم عبد العاطي صباع كفتة لأبي الهول، فتحسنت صحة السياحة، وكان لواء أركان كفتة (وهو لقب طويل يذكّر بمعمر القذافي) يؤكد، في كل جملتين، أنّ إدارة الأزمة تمت بنجاح، وأنّ الخطف كان مفيداً جداً، لأنه أظهر عافية مصر الأمنية. الخطف تاجٌ على رؤوس السياح، لا يراه إلا العسكر.
وطبعا لن أضيف أمراً إلى الطُرَف التي قالها مصريون، فهم سادة الفكاهة والنكتة، وكان منها حساب منسوب إلى جمال مبارك الذي صار مناضلاً، مثل باقي الشعب في حومات "فيسبوك" الزرقاء، قال: "اوعى ينسيك خطف الطائرة جزمة ميسي، واوعى جزمة ميسي تنسيك جنينة، واوعى عزل جنينة ينسيك ريجيني، واوعى ينسيك ريجيني أن الدولار بقى 10 جنيه و.... الحسابة بتحسب".
وأثنى لواء أركان رز على الخاطف العاشق الذي نبّه الحكومة الرشيدة إلى أن تعمل على تأليف إدارة أزمة في كل الوزارات المأزومة. وكان يؤكد، في كل جملة، أنّ السيد الرئيس أدار الأزمة شخصياً، ثم يقدم معلومة مهمة، ذاكراً اسم الرئيس: السيد رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي؛ وكأنه مبني للمجهول، أو مضاف إليه، أو مجرور.. أو أنه يخشى من أن نخلط بينه وبين مرسي، أو كأنه يُرسل رسالةً كالتي كنا نرسلها، عندما نطلب من برنامج ما يطلبه الجمهور أغنيةً، ثم نسمع أسماءنا في أغنية أخرى.
رأينا الخاطف العاشق يرفع إشارة النصر بأصبعيه، السبابة والوسطى، في بلاد الإغريق، وتلك علامة سياسية وحربية، وليست عاطفية، فهو نشّال أركان حب.
روى المغربي أحمد المرزوقي الذي مكث في زنزانة السجن 18 سنة أنّ زوجة أميركية لأحد المسجونين كانت سبباً في تحريرهم، فعسى أن يكون ريجيني سبباً في نجاة الأمة من المحيط إلى الخليج، أما الخاطف فنجا وأيم الحق.
وكما قال المونولجست المعشوق: "أنتو الأمل كلو"...

683A43FF-D735-4EBA-B187-3AC9E42FAE32
أحمد عمر

كائن يظنُّ أن أصله طير، من برج الميزان حسب التقديرات وطلاسم الكفّ ووحل الفنجان.. في بكرة الصبا أوعشية الشباب، انتبه إلى أنّ كفة الميزان مثقوبة، وأنّ فريق شطرنج الحكومة "أصحاب فيل"، وأنّ فريق الشعب أعزل، ولم يكن لديه سوى القلم الذي به أقسم" فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا..."