alaraby-search
  • الرئيسية
  • أخبار متفرقة
  • سياسة
    • سياسة - الرئيسية
    • أخبار
    • تقارير - عربي
    • تقارير - دولي
    • تحليلات
    • سيرة سياسية
    • ضيوف - مقابلات خاصة
    • إضاءات صحفية
    • قضية ورأي
  • اقتصاد
    • اقتصاد - الرئيسية
    • اقتصاد الناس
    • اقتصاد عالمي
    • اقتصاد عربي
    • أسواق
    • طاقة
    • مصارف
    • عقارات
    • إضاءات صحفية
    • إنفوغراف
    • فيديو
    • مواقف
  • مجتمع
    • مجتمع - الرئيسية
    • الخطوط الساخنة
    • شباب
    • المرأة والمجتمع
    • جامعات وطلاب
    • لجوء واغتراب
    • البيئة والناس
    • تعليق
    • الصحة والمجتمع
    • الجريمة والعقاب
    • تربية وتعليم
  • ميديا
    • ميديا - الرئيسية
    • حريات
    • رصد
    • تغريد
    • تكنولوجيا و موبايل
    • وقفة
  • تحقيقات
  • ثقافة
    • ثقافة - الرئيسية
    • آداب وأفكار
    • كتب
    • نصوص
    • وقفات
    • مفكرة المترجم
    • أصدقاء لغتنا
    • من وإلى
    • مواقف
    • مشهديات
    • سينما
    • مرئيات
    • سماعيات
    • أخبار الثقافة
  • رياضة
    • رياضة - الرئيسية
    • كرة عربية
    • كرة عالمية
    • رياضات اخرى
    • بعيدا عن الملاعب
  • منوعات
    • منوعات - الرئيسية
    • حدث
    • حول العالم
    • أفلام ومسلسلات
    • لايف ستايل
    • نجوم وفن
    • مواقف
  • مقالات
    • مقالات - الرئيسية
    • آراء
    • زوايا
    • قضايا
    • فضاء مفتوح
  • كاريكاتير
  • ملفات خاصة
  • صفحات متخصصة
    • ملحق فلسطين
    • جاليات
  • المدوّنات
    • جميع المدوّنات
    • امتاع ومؤانسة
    • مدوّنات مصورة
  • مرايا
  • English
  • ضفة ثالثة
  • android App
  • apple App
  • login
  • fullscreen
  • PDF
  • email
  • media
  • alaraby-Weather
  • facebook
  • twitter
  • youtube
  • google plus
  • instgram
  • rss
  • English
  • ضفة ثالثة
العربي الجديد
alaraby-widgeticon
alaraby-menubg
  • alaraby-logo
  • الرئيسية
  • سياسة
      • النظام يدك اليرموك لهدمه... ويضغط على ريف حمص للاستسلام

        النظام يدك اليرموك لهدمه... ويضغط على ريف حمص للاستسلام

      • غياب حفتر يسهّل توافقات ليبية على تعديل الاتفاق السياسي

        غياب حفتر يسهّل توافقات ليبية على تعديل الاتفاق السياسي

      • أزمة اتحاد الشغل والحكومة التونسية إلى جولة حاسمة... لإسقاطها

        أزمة اتحاد الشغل والحكومة التونسية إلى جولة حاسمة... لإسقاطها

      • أخبار
      • تقارير - عربي
      • تقارير - دولي
      • تحليلات
      • سيرة سياسية
      • ضيوف - مقابلات خاصة
      • إضاءات صحفية
      • قضية ورأي
  • اقتصاد
      • الحكومة المصرية ترفض زيادة سعر توريد القمح

        الحكومة المصرية ترفض زيادة سعر توريد القمح

      • رئيس برلمان السيسي يدعو إلى تقليص عدد موظفي الحكومة

        رئيس برلمان السيسي يدعو إلى تقليص عدد موظفي الحكومة

      • مخاوف دنماركية من هيمنة الصين على جزيرة غرينلاند

        مخاوف دنماركية من هيمنة الصين على جزيرة غرينلاند

      • اقتصاد الناس
      • اقتصاد عالمي
      • اقتصاد عربي
      • أسواق
      • طاقة
      • مصارف
      • عقارات
      • إضاءات صحفية
      • إنفوغراف
      • فيديو
      • مواقف
  • مجتمع
      • الملاريا الفتاكة... هل نحن مستعدون لدحر المرض؟

        الملاريا الفتاكة... هل نحن مستعدون لدحر المرض؟

      • المناضلة الصِّدامية سيلفانا اللقيس

        المناضلة الصِّدامية سيلفانا اللقيس

      • شقق القاهرة تمنع الزواج

        شقق القاهرة تمنع الزواج

      • الخطوط الساخنة
      • شباب
      • المرأة والمجتمع
      • جامعات وطلاب
      • لجوء واغتراب
      • البيئة والناس
      • تعليق
      • الصحة والمجتمع
      • الجريمة والعقاب
      • تربية وتعليم
  • ميديا
      • "تويتر" يعلّق حساب نائب إسرائيلي حرّض على عهد التميمي

        "تويتر" يعلّق حساب نائب إسرائيلي حرّض على عهد التميمي

      • باحث "كامبريدج أناليتكا": بيانات "فيسبوك" لم تساعد حملة ترامب

        باحث "كامبريدج أناليتكا": بيانات "فيسبوك" لم تساعد حملة ترامب

      • أوروبا نحو ميثاق لمحاربة الأخبار الكاذبة

        أوروبا نحو ميثاق لمحاربة الأخبار الكاذبة

      • حريات
      • رصد
      • تغريد
      • تكنولوجيا و موبايل
      • وقفة
  • تحقيقات
  • ثقافة
      • متاهة "مرسال الغرام"

        متاهة "مرسال الغرام"

      • "بانيبال" 61: الرواية العراقية اليوم

        "بانيبال" 61: الرواية العراقية اليوم

      • لسعد مطوي.. مسارات "الريشة الثملة"

        لسعد مطوي.. مسارات "الريشة الثملة"

      • آداب وأفكار
      • كتب
      • نصوص
      • وقفات
      • مفكرة المترجم
      • أصدقاء لغتنا
      • من وإلى
      • مواقف
      • مشهديات
      • سينما
      • مرئيات
      • سماعيات
      • أخبار الثقافة
  • رياضة
      • بأرقامه التاريخية..صلاح يهزم "أساطير كرة القدم العالمية..رونالدو وإيتو وماجر!

        بأرقامه التاريخية..صلاح يهزم "أساطير كرة القدم العالمية..رونالدو وإيتو وماجر!

      • هدف صلاح يبهر المعلقين في القنوات الأوروبية

        هدف صلاح يبهر المعلقين في القنوات الأوروبية

      • الجماهير تهاجم اللاعبين في جنوب أفريقيا‍

        الجماهير تهاجم اللاعبين في جنوب أفريقيا‍

      • كرة عربية
      • كرة عالمية
      • رياضات اخرى
      • بعيدا عن الملاعب
  • منوعات
      • ترامب يقطع خطابه ليمسح "قشرة رأس" عن كتف ماكرون

        ترامب يقطع خطابه ليمسح "قشرة رأس" عن كتف ماكرون

      • 42 فيلماً تتنافس على جوائز مهرجان "رؤى" للفيلم القصير

        42 فيلماً تتنافس على جوائز مهرجان "رؤى" للفيلم القصير

      • هكذا تؤثر اللغة بقدرة الإنسان على تمييز الألوان

        هكذا تؤثر اللغة بقدرة الإنسان على تمييز الألوان

      • حدث
      • حول العالم
      • أفلام ومسلسلات
      • لايف ستايل
      • نجوم وفن
      • مواقف
  • مقالات
      • "النمر الأسود" في السعودية

        "النمر الأسود" في السعودية

      • في ضرورة ذهاب ماكرون إلى طهران

        في ضرورة ذهاب ماكرون إلى طهران

      • عجز الحيلة الأميركية في سورية

        عجز الحيلة الأميركية في سورية

      • آراء
      • زوايا
      • قضايا
      • فضاء مفتوح
  • كاريكاتير
  • ملفات خاصة
  • صفحات متخصصة
      • ملحق فلسطين
      • جاليات
  • ملفات خاصة
  • المدوّنات
      • جميع المدوّنات
      • امتاع ومؤانسة
      • مدوّنات مصورة
  • مرايا
alaraby-search
الأحد 25/12/2016 م (آخر تحديث) الساعة 01:42 بتوقيت القدس 23:42 (غرينتش)
الطقس
errors

أخبار متفرقة

    • آراء

      زوايا

      قضايا

      فضاء مفتوح

    1. الصفحة الرئيسية :
    2. مقالات :
    3. قضايا :
  • ...
    • 0
    • 0
    • مشاركة
    • السابق

      التالي

وزراء خارجية روسيا وإيران وتركيا في موسكو(20/12/2016/الأناضول) طريق موسكو لإخماد نيران الحرب السورية

طريق موسكو لإخماد نيران الحرب السورية

برهان غليون
25 ديسمبر 2016
برهان غليون
برهان غليون
أكاديمي سوري، أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة السوربون في باريس، أول رئيس للمجلس الوطني السوري المعارض، من مؤلفاته: "بيان من أجل الديمقراطية" و"اغتيال العقل" و"مجتمع النخبة".
  • أخبار مرتبطة

  • أهم الأخبار

  • 2018-4-24 الرباط ــ حسن الأشرف، طرابلس ــ عبد الله الشريف
    غياب حفتر يسهّل توافقات ليبية على تعديل الاتفاق السياسي

    غياب حفتر يسهّل توافقات ليبية على تعديل الاتفاق السياسي

    2018-4-24 عبسي سميسم
    النظام يدك اليرموك لهدمه... ويضغط على ريف حمص للاستسلام

    النظام يدك اليرموك لهدمه... ويضغط على ريف حمص للاستسلام

    2018-4-24 تونس ــ وليد التليلي
    أزمة اتحاد الشغل والحكومة التونسية إلى جولة حاسمة... لإسقاطها

    أزمة اتحاد الشغل والحكومة التونسية إلى جولة حاسمة... لإسقاطها

الأكثر مشاهدة

  • الأكثر مشاهدة

    مشاهدة تعليقاً إرسالاً
ليس هناك صورة تعبر عن مأساة الحرب السورية أفضل من المفارقة التي أظهرت سعادة النازحين، لحظة خروجهم من حصار الجوع والموت، بينما كانوا على طريق الموت الآخر الذي ينتظرهم في مخيمات التشرد واللجوء وعواصف الثلج على حدود بلدهم. أمام هذا المشهد، تظهر محدودية ما حصل في الأيام الأخيرة من "مكتسبات"، سواء أتجسد في اتفاق وقف إطلاق النار، أو إعلان موسكو الذي يشير إلى بداية تفاهم روسي تركي إيراني، أو تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة على آليةٍ لتوثيق جرائم الحرب وملاحقة المسؤولين عنها. ومع ذلك، ما من شك في أن هذه المكتسبات الصغيرة بدأت تثير آمال سوريين كثيرين سئموا الموت، وأصبحوا، مثل إخوانهم الذين وجدوا أنفسهم فرحين بخروجهم من تحت الحصار والقصف، مع معرفة ما ينتظرهم في حياة التشرّد من عذاب وضياع، كالمستجير من الرمضاء بالنار. فهل تنجح موسكو في إخماد نيران الحرب التي ساهمت في تمديد أجلها، وتحصد ثمار جهودها، أم سوف تغرق في وحولها، كما يتمنى لها منافسوها، ليس في الغرب فحسب، ولكن في منطقة الشرق الأوسط أيضا؟

سورية بين التسوية الروسية والحرب الدائمة الإيرانية
نجحت موسكو في فرض نفسها على جميع الأطراف المنافسة لها في سورية، وهي تتصرّف تجاههم، كما لو كانت قوة انتداب رسمية حاصلة على تفويض دولي لإدارة الأزمة السورية، وإيجاد مخرج لها. وقد عزّز موقفها في الأشهر الأخيرة نجاحها في إسقاط حلب بالتاكيد، لكن أيضاً، من طرف آخر إجبار حليفها الايراني على قبول وقف النار وفتح المعابر للنازحين، وتمريرها يوم 19 من ديسمبر/ كانون الأول الجاري قرار مجلس الأمن القاضي بإرسال قوات مراقبة دولية إلى حلب، وإعلانها أخيراً عما يشبه خطة طريق، حتى لو كانت تبسيطية، لإطلاق عملية مفاوضاتٍ تبدأ بوقف شاملٍ لإطلاق النار على كامل الأراضي السورية، قبل إطلاق مفاوضاتٍ تهدف إلى التوصل إلى تسويةٍ سياسية في ظل بقاء الأسد ومشاركة المعارضة، في إطار تعديلٍ متفق عليه للدستور وإصلاح تدريجي في بنية السلطة وأساليب الحكم.
على الرغم من تواضعه، يتعارض هذا المشروع، مع مخططات طهران بشكل قاطع. فليس
لطهران أي مصلحةٍ بوقف الحرب السورية. وبينما تريد موسكو استثمار سقوط حلب لتعزيز فرص إيقاف الحرب، تطمح طهران إلى تحويل سقوط حلب إلى فرصة لانقلابٍ شاملٍ في علاقتها بسورية والمنطقة، وتحويل سورية إلى عراقٍ ثانٍ تتحكّم به مليشياتها وحرسها الثوري. وهذا ما أكّده سعي هذه المليشيات، حتى اللحظة الأخيرة، إلى تعطيل الاتفاق في حلب، على أمل إفشال الخطط الروسية بأكملها. ما حدا بموسكو إلى مراجعة خططها، ودعوة طهران إلى لقاء ثلاثي بحضور أنقرة، ومع استبعاد الأطراف الأخرى، بما فيها الولايات المتحدة الأميركية، والمملكة العربية السعودية، الطرف العربي الرئيسي المنخرط منذ البداية في المسألة السورية.
مشكلة طهران أنها، وهي الطرف الذي استثمر أكثر من أي طرف آخر في الحرب ضد الثورة السورية، وبذل المال والسلاح، وخسر سياسياً وأخلاقياً كما لم تخسر أي دولة أخرى، لا تزال بعد مرور ست سنوات على الحرب الطرف الأكثر افتقاراً من أي طرف آخر متورّط فيها لقاعدةٍ قانونية أو سياسيةٍ، تضمن لها الحفاظ على نفوذها وتوسيعه في المستقبل. رهانها الوحيد هو على توسيع دائرة قاعدتها الطائفية أو المذهبية، وهذا ما لا يزال يحتاج إلى عمل وتحضيرات طويلة. لذلك، تشعر طهران أن دخول النظام السوري، أو إدخاله، في المفاوضات الآن، وبرعاية روسية يصعب تحدّيها، يجري على حسابها، وهو يهدّد بأن يسحب منها القرار السوري الداخلي، ويهدر استثماراتها الطويلة، ويدين سياسة المرشد الأعلى السورية بالفشل والإفلاس السياسي والأخلاقي الذي لا يعادله سوى الإفلاس الذي عرفته سياسة ألمانيا النازية المجنونة في الحرب العالمية الثانية.
لذلك، ليس لطهران، التي تراهن على إبقاء سورية جزءا عضويا من إمبرطوريتها، بعد تمويل حربٍ وحشيةٍ لكسر إرادة شعبها، خيار أفضل من استمرار الحرب، وتوسيع دائرة الفوضى والخراب، كما هو الحال في العراق، حتى تحصل على الوقت الضروري لبناء قواعد نفوذها، سواء بتغيير النسيج السكاني جزئياً، أو بالتحكّم بمؤسسات الدولة وأجهزتها، على مستوى أوسع مما حققته حتى الآن. وهي تراهن من أجل البقاء في سورية، وإبقائها رهينةً لها، على تجنيد مجموعاتٍ مرتبطة بها، مذهبياً واجتماعيا، مستفيدةً من الأقليات المذهبية المحلية القريبة منها، ومن الجاليات الجديدة التي تريد توطينها في المواقع الاستراتيجية حول حلب ودمشق وحمص، كما تراهن على التعطيل المديد لعمل الدولة، وإلغاء أي احتمالٍ لإعادة بنائها، في ما يشبه نموذج عمل الحركة الحوثية في اليمن، ما يفتح أمامها إمكانية العمل بهدوء وحرية على تغيير الوقائع الاجتماعية والديمغرافية والمذهببية.
لم تكن التسوية السياسية، أو وقف النار، هما ما كانت تنتظره طهران من سقوط حلب أو
إسقاطها، وإنما تكريس الانتصار الكامل، وإلغاء فكرة التسوية نفسها التي لا ترى مكاناً لها مع معارضةٍ تصف جميع منتسبيها بالإرهابيين، وفي أحسن الأحوال، بالصهيو أميركيين. ومهما حاولت موسكو أن تطمئنها، ستظل طهران تشعر بأن القوة الروسية التي أنقذت مشروعها من الهزيمة، عندما تدخلت عسكرياً لصالحها وصالح الأسد عام 2015، هي التي تسرق الانتصار منها، وتحرمها من رسملة استثماراتها وتحول بينها وابتلاع فريستها المستحقة، كما كانت تنتظر بثقةٍ كاملة. تشعر طهران، من دون شك، كما لو أن موسكو، بقصد أو من دون قصد، تحاول أن تخطف اللقمة من فمها. وما يؤرقها أكثر أن الوقت يداهمها، ولم يعد لديها فرصٌ كثيرةٌ للمناورة قبل قدوم الإدارة الجديدة، التي يتميز عديدون من شخصياتها، إن لم يكن معظمهم، بمعاداتهم الشديدة سياسات النظام الإيراني. ومن المفترض أن يعزّز التفاهم الأميركي الروسي المحتمل موقف موسكو، ويجعلها أكثر قدرةً على الوقوف في وجه المشاريع الإيرانية في سورية.
هناك أكثر من عاملٍ يدعو إلى التصادم بين السياستين، الروسية والإيرانية، في سورية. أولها اختلاف الأجندات. فبينما تعتقد موسكو أنها في أفضل وضع لحصاد ما زرعته، وإن أي إضاعةٍ للوقت يهدّد مكاسبها، تشعر طهران بأنها بالكاد انتهت من نصب الفخ للطريدة، فكل ما فعلته، في السنوات السابقة، كان تمهيداً لحل عرى المجتمع وتفكيكه وتدمير الدولة. والآن، جاء أوان الزرع ووضع البذار، أي العمل على شرعنة المليشيات، وتشييع جزءٍ من المشرّدين والمحتاجين وقلب المجتمع رأساً على عقب. ولذلك، هي بحاجة إلى أكثر ما يمكن من الوقت لتحقيق أهدافها وتكريس مكاسبها. وثانيها الهدف، فبينما تنتظر روسيا من مناورتها السورية تغيير نوعية علاقتها المختلة مع الغرب، وإعادة موضعة نفسها قوةً أو قطباً رئيسياً في صياغة أجندة السياسة الدولية. وبالتالي، اكتساب اعتراف الغرب وشراكته. وتريد أن تنجح في تقديم نفسها دولةً قادرةً على المساهمة في حل الأزمات الدولية. وتنظر إيران إلى سورية فريسة تريد ابتلاعها، لتكبير نفسها وتعظيم قوتها وتحسين فرص صراعها الوجودي مع الغرب في المشرق وفي ما وراءه. وثالثها الاستراتيجية. فما تطمح إليه موسكو هو استخدام نجاحها في سورية، بحسم الحرب عسكرياً أو ما يشبه حسمها لصالح النظام، ودفع الأطراف إلى القدوم إلى طاولة المفاوضات، وربما التوصل إلى تسويةٍ تنهي الثورة والنزاع معا، إلى إعادة بناء الدولة التي أصبحت أكبر قاعدةٍ عسكريةٍ وسياسيةٍ لها خارج روسيا، وتأمين إدارتها السياسية. وتراهن ايران، بالعكس، على خراب سورية والشرق الأوسط بأكمله، ونشر الفوضى والفراغ الاستراتيجي فيه، لترويع الغرب وتهديده وانتزاع اعترافه بنظامها ومكتسباتها، وهيمنتها الإقليمية.

مأزق الاحتلال الإيراني
لا يعني هذا أن التحالف الروسي الإيراني مهدّد بالتفكّك، فليس هناك أي مصلحة لطهران أو
موسكو في إنهاء تحالفهما المفيد من نواحٍ عديدة أخرى. فموسكو لاتزال تحتاج إلى القوة البرية الإيرانية لإحكام قبضتها على سورية، تماما كما تحتاج طهران إلى المظلة الجوية والسياسية الروسية، للتمكّن من البقاء، وترسيخ حضورها في سورية الآن، وفي أي تسوية قادمة. لكن الحفاظ على التحالف أو السعي للحفاظ عليه لا يلغي الخلاف في المصالح، ولا يعني انتفاء التنازع على الأولويات. وهذا هو الحال في ما يتعلق بتصوّر صيغة الخروج من الحرب المدمرة السورية والمهدّدة لجميع الأطراف، باستثناء طهران التي تحرّك الخيوط من بعيد، وتراهن على قوى محلية وإقليمية أكثر مما تزجّ نفسها في المعارك اليومية. ولا علاقة لما تخشاه طهران بروسيا، أو بمصالحها المباشرة مع روسيا، ولكن بمشروع روسيا في سورية. فمصلحة روسيا تقتضي التوصل إلى حل سياسي للازمة، أو على الأقل إظهار قدرتها وإرادتها على إيجاده، يعزّز ما تطمح إلى تكريسه دوراً إقليمياً ودولياً، ويضاعف نفوذها في المشرق وفي دول الخليج العربي أيضاً، ولا مصلحة لها بالاصطفاف وراء إيران أو الالتصاق بها. وهذا يتطلب منها أن لا تسمح لطهران بأن تكون الرابح الأول أو الأكبر في سورية، بل أن تسعى، بالعكس، إلى الحد ما أمكن من أطماعها للحفاظ على علاقاتها الإقليمية، واكتساب موقع الدولة العالمية.
في المقابل، تطمح طهران إلى أن تحول نهاية المواجهة في سورية انتصاراً تاريخياً على الغرب من خلال انتصارها على العرب ودول المنطقة القريبة منه أو المحسوبة عليه، وأن تجعل من إلحاقها سورية بها غنيمة حرب، تحتكر فيها وحدها النفوذ والسيطرة والقرار. سورية المحرّرة من شعبها الثائر هي، في نظر طهران الخامنئية، خط دفاع استراتيجي عن أمن إيران القومي، لا يهم من يسكنها، وما مصير شعبها، تماماً كما هو الحال في العراق ولبنان.
بعبارةٍ أخرى، يستند نجاح موسكو، في تحقيق أهدافها في الاعتراف الإقليمي والدولي بها، قوةً عالميةً إيجابية، وترسيخ وجودها، ليس في سورية فحسب، وإنما في المشرق والشرق الأوسط كله، بوصفها قوة استقرار وأمن وسلام، يمكن الاعتماد عليها، والارتقاء بنفسها إلى مصافّ الدولة العالمية الحضور، كما كانت في العهد السوفييتي السابق، على قدرتها على وقف الحرب. ولا يمكن تحقيق ذلك من دون تسويةٍ سياسية، وتفاهمٍ بين السوريين، حتى لو ربحت عسكرياً. فالنظام السوري لم يعد موجودا بالفعل، ولا بد من إيجاد بديلٍ له، والطغمة التي قادت الدولة إلى الهلاك لا يمكن أن تكون هي نفسها البديل، ولا سبيل لتحقيق الحد الأدنى من التفاهم السوري السوري من دون إجراء تعديلاتٍ دستوريةٍ وإصلاحات سياسية ومشاركة لجميع الأطراف في الحكم الجديد. أما طهران التي تعرف أن نظام الأسد قد انهار وتفكّك، ولم يبق منه شيء، فهي تريد أن تعد نفسها ومليشياتها لتكون النظام الوريث، أي أن تبني نظاماً يستند كليا إليها، وتحرّكه روح التبشير المذهبي والعداء لشعوب الإقليم ذاته الذي يحرّكها، وهي لا تتمسك بالأسد إلا قناعاً تخفي به نظام الاستعمار والإحلال الحقيقي الذي تسعى إلى إقامته بديلاً لنظامه .
من هنا، يبدو لي أن من الصعب أن تتجنب طهران الصدام مع ما لا ينبغي وصفه بأكثر من 
مشروع التهدئة الروسية في سورية، ما لم تقبل بتخفيض سقف توقعاتها وإعادة تعريف مصالحها وأهدافها التي دفعتها إلى غزو سورية، تحت قناع الدفاع عن نظام الأسد، أو النجاح في إثارة نزاعات أو صراعات جانبية، وربما مع تركيا بشكل رئيسي، لإجهاض العملية السياسية. وهي لم تصرّ على حضور اللقاء الثلاثي في موسكو، وتوقع على بيانه، إلا كي تتمكّن من الانقضاض عليه في مرحلة تالية وتعطيل أي تسوية سورية.
على الرغم من شراكتها الكاملة في تحطيم آمال السوريين، ومن تواطؤها مع الأسد وطهران، لحرمانهم من حقهم في تقرير مصيرهم، أي من الحرية والكرامة والسيادة والاستقلال، ما زال من الممكن لموسكو أن تلعب دوراً في مساعدة السوريين على الخروج من المحنة. ولا يمكن أن يتجسّد هذا الدور في المساهمة في التغيير السياسي، وبناء النظام الجديد الديمقراطي الذي ينشده السوريون، فهو ليس من أهدافها، ولا من أولوياتها، وليست قادرة عليه، وإنما في العمل على وضع حدٍّ للحرب التي كانت طهران، ولا تزال، الواقد الرئيسي والأول في نارها.
ساهمت كل الأطراف التي انخرطت في الأزمة السورية، بشكل أو آخر، في إطالة معاناة السوريين، بعضها بسبب تآمره، وبعضها بسبب تجاهله وتخاذله، وبعضها بسبب أخطائه وسوء إدارته وبعضها لقلة حيلته، وبعضها، كما هو الحال بالنسبة للمعارضة السورية، لضعف تنظيمه وانقسامه وتنازعه. لكن، ما كان لهذه المأساة أن تصل إلى ما وصلت إليه من الوحشية وزرع الشر والدمار، ولا أن تدوم هذه السنوات الطويلة، من دون إرادة الهيمنة المرضية التي تتغذّى من مشاعر التفوق العنصري، وروح الانتقام من العرب والغرب التي تحرّك النخبة التيوقراطية الإيرانية الحاكمة اليوم. ولا أعتقد أن من الممكن إنقاذ المشرق من محنة الحرب الدائمة التي تدفعه إليها طهران من دون لجم هذه الإرادة، ووضع حد لنظام السلطة الأبوية والبابوية "الصليبية" التي تخضع لها الدولة الايرانية، والتي تفرض على الشعب الإيراني الضحية طريقاً واحداً لتحقيق ذاته وتطلعاته: هو طريق الحرب والتوسع والجهاد الطائفي. ما تطمح إليه طهران الخامنئية، باسم نشر الثورة الإسلامية، هو فتح مضاد يلغي نتائج الفتوح العربية الإسلامية، ويعيد إلى الامبرطورية البائدة مجدها وهيمنتها. لكن، لن تكون عواقب هذه السياسة، في نهاية المطاف، سوى انهيار إيران وخراب الإسلام دينا ودنيا في الوقت نفسه.
هل تنجح موسكو في كبح جماح الهيمنة الإيرانية، واحتواء وحش التوسعية القومية والمذهبية المتعطش لمزيدٍ من الدماء والعظمة والانتصارات؟
في الإجابة الإيجابية عن السؤال تكمن مهمة روسيا التاريخية وفرصة موسكو الوحيدة للنجاح في وضع نهايةٍ للحرب السورية، وللحروب العديدة الأخرى التي ولدت من صلبها، وعلى هامشها، بما فيها الحروب الداعشية، وهذا بصرف النظر عن طبيعة النظام السياسي الذي سوف ينجم عن السلام.
  • مشاركة
  • 0
  • 0
  • 0
  • print
دلالات: الانتقال السياسي الديمقراطية بشار الأسد التمدد الإيراني الطائفية العودة إلى القسم

مقالات أخرى للكاتب

خيارات السوريين أمام حرب الإبادة وخوار العالم
28 فبراير 2018 | وسط تخاذل العالم كله، وعجز الأمم المتحدة عن إيقاف المذبحة بحق الشعب السوري، نكون أمام أسئلة: أين أخطأت المعارضة السورية؟ وما هي خياراتها اليوم؟ يدعو المفكر برهان غليون السوريين، في مقاله، إلى الاعتماد على أنفسهم لفرض الحل الذي يريدون.
معركة المصير السوري
19 فبراير 2018 | لم ينته النزاع على سورية وفيها بعد، لكنه ينحو اليوم أكثر فأكثر إلى أن يتحول إلى صراع على رسم الدول الخمس الرئيسية مستقبل سورية، بعد أن كان صراعا سياسيا من أجل تغيير نظام الحكم، وتكريس سيادة السوريين على أنفسهم ووطنهم.
المحنة السورية: حروب متعدّدة لشعب واحد
28 يناير 2018 | باتت الحرب السورية تخفي بين طياتها حروباً وصراعات كثيرة، تبدأ من الصراع الإقليمي الموزع بين وأد الثورات في مهدها واستعادة المجد الإمبراطوري، ولا تنتهي عند الصراع على قيادة العالم. يقرأ برهان غليون، في مطالعته هذه، في هذه الحروب والصراعات.
إيران والعرب ... الحرب ليست قدراً
18 يناير 2018 | تعيد الاحتجاجات الإيرانية اليوم طرح سؤال: العرب وإيران.. إلى أين؟ يضيء المفكر برهان غليون على هذه العلاقة منذ انتصار الثورة الإيرانية التي احتفى بها الجميع قبل أن يصدموا بتحولاتها وسياستها التي ساهمت في تدمير إيران وجوارها أيضاً.
المزيد

التعليقات

شكراً لك ،
إغلاق
التعليقات الواردة من القراء تعبر عن آرائهم فقط، دون تحمل أي مسؤولية من قبل موقع "العربي الجديد" الالكتروني
alaraby-commentsloading

التعليقات ()

    المزيد

    انشر تعليقك عن طريق

    • زائر
    • فيسبوك alaraby - facebook - comment tabs loding
    • تويتر alaraby - Twitter - comment tabs loding
    تبقى لديك 500 حرف
    الحقول المعلّمة بـ ( * ) إلزامية
    إرسالك التعليق تعني موافقتك على اتفاقية استخدام الموقع
    أرسل
    برهان غليون
    برهان غليون
    كاتب
    برهان غليون
    طريق موسكو لإخماد نيران الحرب السورية
    وزراء خارجية روسيا وإيران وتركيا في موسكو(20/12/2016/الأناضول) طريق موسكو لإخماد نيران الحرب السورية
    برهان غليون
    قضايا
    0
    25 ديسمبر 2016
    ليس هناك صورة تعبر عن مأساة الحرب السورية أفضل من المفارقة التي أظهرت سعادة النازحين، لحظة خروجهم من حصار الجوع والموت، بينما كانوا على طريق الموت الآخر الذي ينتظرهم في مخيمات التشرد واللجوء وعواصف الثلج على حدود بلدهم. أمام هذا المشهد، تظهر محدودية ما حصل في الأيام الأخيرة من "مكتسبات"، سواء أتجسد في اتفاق وقف إطلاق النار، أو إعلان موسكو الذي يشير إلى بداية تفاهم روسي تركي إيراني، أو تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة على آليةٍ لتوثيق جرائم الحرب وملاحقة المسؤولين عنها. ومع ذلك، ما من شك في أن هذه المكتسبات الصغيرة بدأت تثير آمال سوريين كثيرين سئموا الموت، وأصبحوا، مثل إخوانهم الذين وجدوا أنفسهم فرحين بخروجهم من تحت الحصار والقصف، مع معرفة ما ينتظرهم في حياة التشرّد من عذاب وضياع، كالمستجير من الرمضاء بالنار. فهل تنجح موسكو في إخماد نيران الحرب التي ساهمت في تمديد أجلها، وتحصد ثمار جهودها، أم سوف تغرق في وحولها، كما يتمنى لها منافسوها، ليس في الغرب فحسب، ولكن في منطقة الشرق الأوسط أيضا؟

    سورية بين التسوية الروسية والحرب الدائمة الإيرانية
    نجحت موسكو في فرض نفسها على جميع الأطراف المنافسة لها في سورية، وهي تتصرّف تجاههم، كما لو كانت قوة انتداب رسمية حاصلة على تفويض دولي لإدارة الأزمة السورية، وإيجاد مخرج لها. وقد عزّز موقفها في الأشهر الأخيرة نجاحها في إسقاط حلب بالتاكيد، لكن أيضاً، من طرف آخر إجبار حليفها الايراني على قبول وقف النار وفتح المعابر للنازحين، وتمريرها يوم 19 من ديسمبر/ كانون الأول الجاري قرار مجلس الأمن القاضي بإرسال قوات مراقبة دولية إلى حلب، وإعلانها أخيراً عما يشبه خطة طريق، حتى لو كانت تبسيطية، لإطلاق عملية مفاوضاتٍ تبدأ بوقف شاملٍ لإطلاق النار على كامل الأراضي السورية، قبل إطلاق مفاوضاتٍ تهدف إلى التوصل إلى تسويةٍ سياسية في ظل بقاء الأسد ومشاركة المعارضة، في إطار تعديلٍ متفق عليه للدستور وإصلاح تدريجي في بنية السلطة وأساليب الحكم.
    على الرغم من تواضعه، يتعارض هذا المشروع، مع مخططات طهران بشكل قاطع. فليس
    لطهران أي مصلحةٍ بوقف الحرب السورية. وبينما تريد موسكو استثمار سقوط حلب لتعزيز فرص إيقاف الحرب، تطمح طهران إلى تحويل سقوط حلب إلى فرصة لانقلابٍ شاملٍ في علاقتها بسورية والمنطقة، وتحويل سورية إلى عراقٍ ثانٍ تتحكّم به مليشياتها وحرسها الثوري. وهذا ما أكّده سعي هذه المليشيات، حتى اللحظة الأخيرة، إلى تعطيل الاتفاق في حلب، على أمل إفشال الخطط الروسية بأكملها. ما حدا بموسكو إلى مراجعة خططها، ودعوة طهران إلى لقاء ثلاثي بحضور أنقرة، ومع استبعاد الأطراف الأخرى، بما فيها الولايات المتحدة الأميركية، والمملكة العربية السعودية، الطرف العربي الرئيسي المنخرط منذ البداية في المسألة السورية.
    مشكلة طهران أنها، وهي الطرف الذي استثمر أكثر من أي طرف آخر في الحرب ضد الثورة السورية، وبذل المال والسلاح، وخسر سياسياً وأخلاقياً كما لم تخسر أي دولة أخرى، لا تزال بعد مرور ست سنوات على الحرب الطرف الأكثر افتقاراً من أي طرف آخر متورّط فيها لقاعدةٍ قانونية أو سياسيةٍ، تضمن لها الحفاظ على نفوذها وتوسيعه في المستقبل. رهانها الوحيد هو على توسيع دائرة قاعدتها الطائفية أو المذهبية، وهذا ما لا يزال يحتاج إلى عمل وتحضيرات طويلة. لذلك، تشعر طهران أن دخول النظام السوري، أو إدخاله، في المفاوضات الآن، وبرعاية روسية يصعب تحدّيها، يجري على حسابها، وهو يهدّد بأن يسحب منها القرار السوري الداخلي، ويهدر استثماراتها الطويلة، ويدين سياسة المرشد الأعلى السورية بالفشل والإفلاس السياسي والأخلاقي الذي لا يعادله سوى الإفلاس الذي عرفته سياسة ألمانيا النازية المجنونة في الحرب العالمية الثانية.
    لذلك، ليس لطهران، التي تراهن على إبقاء سورية جزءا عضويا من إمبرطوريتها، بعد تمويل حربٍ وحشيةٍ لكسر إرادة شعبها، خيار أفضل من استمرار الحرب، وتوسيع دائرة الفوضى والخراب، كما هو الحال في العراق، حتى تحصل على الوقت الضروري لبناء قواعد نفوذها، سواء بتغيير النسيج السكاني جزئياً، أو بالتحكّم بمؤسسات الدولة وأجهزتها، على مستوى أوسع مما حققته حتى الآن. وهي تراهن من أجل البقاء في سورية، وإبقائها رهينةً لها، على تجنيد مجموعاتٍ مرتبطة بها، مذهبياً واجتماعيا، مستفيدةً من الأقليات المذهبية المحلية القريبة منها، ومن الجاليات الجديدة التي تريد توطينها في المواقع الاستراتيجية حول حلب ودمشق وحمص، كما تراهن على التعطيل المديد لعمل الدولة، وإلغاء أي احتمالٍ لإعادة بنائها، في ما يشبه نموذج عمل الحركة الحوثية في اليمن، ما يفتح أمامها إمكانية العمل بهدوء وحرية على تغيير الوقائع الاجتماعية والديمغرافية والمذهببية.
    لم تكن التسوية السياسية، أو وقف النار، هما ما كانت تنتظره طهران من سقوط حلب أو
    إسقاطها، وإنما تكريس الانتصار الكامل، وإلغاء فكرة التسوية نفسها التي لا ترى مكاناً لها مع معارضةٍ تصف جميع منتسبيها بالإرهابيين، وفي أحسن الأحوال، بالصهيو أميركيين. ومهما حاولت موسكو أن تطمئنها، ستظل طهران تشعر بأن القوة الروسية التي أنقذت مشروعها من الهزيمة، عندما تدخلت عسكرياً لصالحها وصالح الأسد عام 2015، هي التي تسرق الانتصار منها، وتحرمها من رسملة استثماراتها وتحول بينها وابتلاع فريستها المستحقة، كما كانت تنتظر بثقةٍ كاملة. تشعر طهران، من دون شك، كما لو أن موسكو، بقصد أو من دون قصد، تحاول أن تخطف اللقمة من فمها. وما يؤرقها أكثر أن الوقت يداهمها، ولم يعد لديها فرصٌ كثيرةٌ للمناورة قبل قدوم الإدارة الجديدة، التي يتميز عديدون من شخصياتها، إن لم يكن معظمهم، بمعاداتهم الشديدة سياسات النظام الإيراني. ومن المفترض أن يعزّز التفاهم الأميركي الروسي المحتمل موقف موسكو، ويجعلها أكثر قدرةً على الوقوف في وجه المشاريع الإيرانية في سورية.
    هناك أكثر من عاملٍ يدعو إلى التصادم بين السياستين، الروسية والإيرانية، في سورية. أولها اختلاف الأجندات. فبينما تعتقد موسكو أنها في أفضل وضع لحصاد ما زرعته، وإن أي إضاعةٍ للوقت يهدّد مكاسبها، تشعر طهران بأنها بالكاد انتهت من نصب الفخ للطريدة، فكل ما فعلته، في السنوات السابقة، كان تمهيداً لحل عرى المجتمع وتفكيكه وتدمير الدولة. والآن، جاء أوان الزرع ووضع البذار، أي العمل على شرعنة المليشيات، وتشييع جزءٍ من المشرّدين والمحتاجين وقلب المجتمع رأساً على عقب. ولذلك، هي بحاجة إلى أكثر ما يمكن من الوقت لتحقيق أهدافها وتكريس مكاسبها. وثانيها الهدف، فبينما تنتظر روسيا من مناورتها السورية تغيير نوعية علاقتها المختلة مع الغرب، وإعادة موضعة نفسها قوةً أو قطباً رئيسياً في صياغة أجندة السياسة الدولية. وبالتالي، اكتساب اعتراف الغرب وشراكته. وتريد أن تنجح في تقديم نفسها دولةً قادرةً على المساهمة في حل الأزمات الدولية. وتنظر إيران إلى سورية فريسة تريد ابتلاعها، لتكبير نفسها وتعظيم قوتها وتحسين فرص صراعها الوجودي مع الغرب في المشرق وفي ما وراءه. وثالثها الاستراتيجية. فما تطمح إليه موسكو هو استخدام نجاحها في سورية، بحسم الحرب عسكرياً أو ما يشبه حسمها لصالح النظام، ودفع الأطراف إلى القدوم إلى طاولة المفاوضات، وربما التوصل إلى تسويةٍ تنهي الثورة والنزاع معا، إلى إعادة بناء الدولة التي أصبحت أكبر قاعدةٍ عسكريةٍ وسياسيةٍ لها خارج روسيا، وتأمين إدارتها السياسية. وتراهن ايران، بالعكس، على خراب سورية والشرق الأوسط بأكمله، ونشر الفوضى والفراغ الاستراتيجي فيه، لترويع الغرب وتهديده وانتزاع اعترافه بنظامها ومكتسباتها، وهيمنتها الإقليمية.

    مأزق الاحتلال الإيراني
    لا يعني هذا أن التحالف الروسي الإيراني مهدّد بالتفكّك، فليس هناك أي مصلحة لطهران أو
    موسكو في إنهاء تحالفهما المفيد من نواحٍ عديدة أخرى. فموسكو لاتزال تحتاج إلى القوة البرية الإيرانية لإحكام قبضتها على سورية، تماما كما تحتاج طهران إلى المظلة الجوية والسياسية الروسية، للتمكّن من البقاء، وترسيخ حضورها في سورية الآن، وفي أي تسوية قادمة. لكن الحفاظ على التحالف أو السعي للحفاظ عليه لا يلغي الخلاف في المصالح، ولا يعني انتفاء التنازع على الأولويات. وهذا هو الحال في ما يتعلق بتصوّر صيغة الخروج من الحرب المدمرة السورية والمهدّدة لجميع الأطراف، باستثناء طهران التي تحرّك الخيوط من بعيد، وتراهن على قوى محلية وإقليمية أكثر مما تزجّ نفسها في المعارك اليومية. ولا علاقة لما تخشاه طهران بروسيا، أو بمصالحها المباشرة مع روسيا، ولكن بمشروع روسيا في سورية. فمصلحة روسيا تقتضي التوصل إلى حل سياسي للازمة، أو على الأقل إظهار قدرتها وإرادتها على إيجاده، يعزّز ما تطمح إلى تكريسه دوراً إقليمياً ودولياً، ويضاعف نفوذها في المشرق وفي دول الخليج العربي أيضاً، ولا مصلحة لها بالاصطفاف وراء إيران أو الالتصاق بها. وهذا يتطلب منها أن لا تسمح لطهران بأن تكون الرابح الأول أو الأكبر في سورية، بل أن تسعى، بالعكس، إلى الحد ما أمكن من أطماعها للحفاظ على علاقاتها الإقليمية، واكتساب موقع الدولة العالمية.
    في المقابل، تطمح طهران إلى أن تحول نهاية المواجهة في سورية انتصاراً تاريخياً على الغرب من خلال انتصارها على العرب ودول المنطقة القريبة منه أو المحسوبة عليه، وأن تجعل من إلحاقها سورية بها غنيمة حرب، تحتكر فيها وحدها النفوذ والسيطرة والقرار. سورية المحرّرة من شعبها الثائر هي، في نظر طهران الخامنئية، خط دفاع استراتيجي عن أمن إيران القومي، لا يهم من يسكنها، وما مصير شعبها، تماماً كما هو الحال في العراق ولبنان.
    بعبارةٍ أخرى، يستند نجاح موسكو، في تحقيق أهدافها في الاعتراف الإقليمي والدولي بها، قوةً عالميةً إيجابية، وترسيخ وجودها، ليس في سورية فحسب، وإنما في المشرق والشرق الأوسط كله، بوصفها قوة استقرار وأمن وسلام، يمكن الاعتماد عليها، والارتقاء بنفسها إلى مصافّ الدولة العالمية الحضور، كما كانت في العهد السوفييتي السابق، على قدرتها على وقف الحرب. ولا يمكن تحقيق ذلك من دون تسويةٍ سياسية، وتفاهمٍ بين السوريين، حتى لو ربحت عسكرياً. فالنظام السوري لم يعد موجودا بالفعل، ولا بد من إيجاد بديلٍ له، والطغمة التي قادت الدولة إلى الهلاك لا يمكن أن تكون هي نفسها البديل، ولا سبيل لتحقيق الحد الأدنى من التفاهم السوري السوري من دون إجراء تعديلاتٍ دستوريةٍ وإصلاحات سياسية ومشاركة لجميع الأطراف في الحكم الجديد. أما طهران التي تعرف أن نظام الأسد قد انهار وتفكّك، ولم يبق منه شيء، فهي تريد أن تعد نفسها ومليشياتها لتكون النظام الوريث، أي أن تبني نظاماً يستند كليا إليها، وتحرّكه روح التبشير المذهبي والعداء لشعوب الإقليم ذاته الذي يحرّكها، وهي لا تتمسك بالأسد إلا قناعاً تخفي به نظام الاستعمار والإحلال الحقيقي الذي تسعى إلى إقامته بديلاً لنظامه .
    من هنا، يبدو لي أن من الصعب أن تتجنب طهران الصدام مع ما لا ينبغي وصفه بأكثر من 
    مشروع التهدئة الروسية في سورية، ما لم تقبل بتخفيض سقف توقعاتها وإعادة تعريف مصالحها وأهدافها التي دفعتها إلى غزو سورية، تحت قناع الدفاع عن نظام الأسد، أو النجاح في إثارة نزاعات أو صراعات جانبية، وربما مع تركيا بشكل رئيسي، لإجهاض العملية السياسية. وهي لم تصرّ على حضور اللقاء الثلاثي في موسكو، وتوقع على بيانه، إلا كي تتمكّن من الانقضاض عليه في مرحلة تالية وتعطيل أي تسوية سورية.
    على الرغم من شراكتها الكاملة في تحطيم آمال السوريين، ومن تواطؤها مع الأسد وطهران، لحرمانهم من حقهم في تقرير مصيرهم، أي من الحرية والكرامة والسيادة والاستقلال، ما زال من الممكن لموسكو أن تلعب دوراً في مساعدة السوريين على الخروج من المحنة. ولا يمكن أن يتجسّد هذا الدور في المساهمة في التغيير السياسي، وبناء النظام الجديد الديمقراطي الذي ينشده السوريون، فهو ليس من أهدافها، ولا من أولوياتها، وليست قادرة عليه، وإنما في العمل على وضع حدٍّ للحرب التي كانت طهران، ولا تزال، الواقد الرئيسي والأول في نارها.
    ساهمت كل الأطراف التي انخرطت في الأزمة السورية، بشكل أو آخر، في إطالة معاناة السوريين، بعضها بسبب تآمره، وبعضها بسبب تجاهله وتخاذله، وبعضها بسبب أخطائه وسوء إدارته وبعضها لقلة حيلته، وبعضها، كما هو الحال بالنسبة للمعارضة السورية، لضعف تنظيمه وانقسامه وتنازعه. لكن، ما كان لهذه المأساة أن تصل إلى ما وصلت إليه من الوحشية وزرع الشر والدمار، ولا أن تدوم هذه السنوات الطويلة، من دون إرادة الهيمنة المرضية التي تتغذّى من مشاعر التفوق العنصري، وروح الانتقام من العرب والغرب التي تحرّك النخبة التيوقراطية الإيرانية الحاكمة اليوم. ولا أعتقد أن من الممكن إنقاذ المشرق من محنة الحرب الدائمة التي تدفعه إليها طهران من دون لجم هذه الإرادة، ووضع حد لنظام السلطة الأبوية والبابوية "الصليبية" التي تخضع لها الدولة الايرانية، والتي تفرض على الشعب الإيراني الضحية طريقاً واحداً لتحقيق ذاته وتطلعاته: هو طريق الحرب والتوسع والجهاد الطائفي. ما تطمح إليه طهران الخامنئية، باسم نشر الثورة الإسلامية، هو فتح مضاد يلغي نتائج الفتوح العربية الإسلامية، ويعيد إلى الامبرطورية البائدة مجدها وهيمنتها. لكن، لن تكون عواقب هذه السياسة، في نهاية المطاف، سوى انهيار إيران وخراب الإسلام دينا ودنيا في الوقت نفسه.
    هل تنجح موسكو في كبح جماح الهيمنة الإيرانية، واحتواء وحش التوسعية القومية والمذهبية المتعطش لمزيدٍ من الدماء والعظمة والانتصارات؟
    في الإجابة الإيجابية عن السؤال تكمن مهمة روسيا التاريخية وفرصة موسكو الوحيدة للنجاح في وضع نهايةٍ للحرب السورية، وللحروب العديدة الأخرى التي ولدت من صلبها، وعلى هامشها، بما فيها الحروب الداعشية، وهذا بصرف النظر عن طبيعة النظام السياسي الذي سوف ينجم عن السلام.
    0

    الأكثر مشاهدة

    • الأكثر مشاهدة

      مشاهدة تعليقاً إرسالاً

    مقالات أخرى للكاتب

    خيارات السوريين أمام حرب الإبادة وخوار العالم
    28 فبراير 2018 | وسط تخاذل العالم كله، وعجز الأمم المتحدة عن إيقاف المذبحة بحق الشعب السوري، نكون أمام أسئلة: أين أخطأت المعارضة السورية؟ وما هي خياراتها اليوم؟ يدعو المفكر برهان غليون السوريين، في مقاله، إلى الاعتماد على أنفسهم لفرض الحل الذي يريدون.
    معركة المصير السوري
    19 فبراير 2018 | لم ينته النزاع على سورية وفيها بعد، لكنه ينحو اليوم أكثر فأكثر إلى أن يتحول إلى صراع على رسم الدول الخمس الرئيسية مستقبل سورية، بعد أن كان صراعا سياسيا من أجل تغيير نظام الحكم، وتكريس سيادة السوريين على أنفسهم ووطنهم.
    المحنة السورية: حروب متعدّدة لشعب واحد
    28 يناير 2018 | باتت الحرب السورية تخفي بين طياتها حروباً وصراعات كثيرة، تبدأ من الصراع الإقليمي الموزع بين وأد الثورات في مهدها واستعادة المجد الإمبراطوري، ولا تنتهي عند الصراع على قيادة العالم. يقرأ برهان غليون، في مطالعته هذه، في هذه الحروب والصراعات.
    إيران والعرب ... الحرب ليست قدراً
    18 يناير 2018 | تعيد الاحتجاجات الإيرانية اليوم طرح سؤال: العرب وإيران.. إلى أين؟ يضيء المفكر برهان غليون على هذه العلاقة منذ انتصار الثورة الإيرانية التي احتفى بها الجميع قبل أن يصدموا بتحولاتها وسياستها التي ساهمت في تدمير إيران وجوارها أيضاً.
    المزيد

    أخبار مرتبطة

      ...تحميل المقال التالي Loading
      • من نحن
        • النشرة الدورية
        • خريطة الموقع
        • مرايا
        • اتصل بنا
        • وظائف شاغرة
      • الجريدة المطبوعة
        • الاشتراكات
        • الإعلانات
        • الأرشيف
      • تواصلوا معنا
        • فيسبوك
        • يوتيوب
        • تويتر
        • جوجل بلس
        • انستغرام
        • RSS
      • تطبيقاتنا
        • android
        • apple
      • تابعنا
        • Follow @alaraby_ar
      • روابط اخرى
        • النشرة الدورية
        • أسئلة متكررة
        • الارشيف
        • العاب
      • الرئيسية
      • |
      • سياسة
      • |
      • اقتصاد
      • |
      • مجتمع
      • |
      • ميديا
      • |
      • تحقيقات
      • |
      • ثقافة
      • |
      • رياضة
      • |
      • منوعات
      • |
      • مقالات
      • |
      • كاريكاتير
      • |
      • ملفات خاصة
      جميع حقوق النشر محفوظة 2018 | اتفاقية استخدام الموقع
      أعلى الصفحة
      وظائف
      اتصل بنا
      النشرة الدورية
      • android App
      • apple App
      • facebook
      • twitter
      • youtube
      • instgram
      جميع حقوق النشر محفوظة 2018 | اتفاقية استخدام الموقع
      النسخة الكاملة للموقع
      مواضيع قد تهمك
      • السابق

        التالي