سورية... القلق والتنديد

سورية... القلق والتنديد

25 نوفمبر 2016
+ الخط -
ما بين التنديد والمطالبات والتوثيق للمجتمع الدولي والأمم المتحدة بوقف المجازر التي ترتكبها روسيا حليفة الأسد في سورية عموماَ، وحلب خصوصاً، يستمر المسلسل اليومي لعمليات القتل والحصار والتهجير على مناطق سورية عديدة، وذلك كله أمام مرأى العالم وأنظاره، من دون تحرّك جدي لإيقاف المأساة السورية.
في البداية، كانت مدينة الزبداني وقراها المجاورة التي كشفت عن وجه العالم الحقيقي الخالي من المكياجات، جرّاء تخاذله آنذاك أمام ما سمّي محرقة العصر، وما حدث من انتهاك صريح لكلّ قوانين الإنسانية، إذ تحالفت قوى الشر على أبناء منطقة صغيرة لحرقها والنيل من عظمة أهلها بسبب تظاهرهم ورفضهم للظلم ولنظام احترف القتل، لتكون الزبداني الشاهدة والضحية على كلّ التخاذل الذي طالها من الفصائل المدعومة خارجياً، ومن الأمم المتحدة التي تدّعي تطبيق القانون الدولي، ليأتي بعدها دور داريا أسطورة الصمود، إذ أوقفوا عنها كلّ الإمدادات، مستخدمين كلّ الأسلحة المحرّمة دولياً، ليجبروا أهلها على الاستسلام والخروج منها، وذلك كله برعاية روسيا أحد أعضاء مجلس الأمن.
والآن، حلب تنتهك حرمتها وتقتل أطفالها وتهدم حضارتها والعالم يستنكر ويطالب والمنظمات الإنسانية توّثق والإعلام ينشر أخباراً خجولة أمام ما يجري على أرض حلب التي كشفت عورات الإنسانية التي يصطنعها العالم.
وأمام هول ما يرتكب في حلب، اكتفى المتحدّث باسم الأمم المتحدة بالقول "أصابني الهلع من التصعيد العسكري المخيف في حلب"، بينما ذكرت سفيرة الأمم المتحدة في مجلس الأمن، سامانثا باور، إنّ ما ترعاه روسيا وتقوم به ليس محاربة الإرهاب بل هو وحشية، وقالت مستشارة الأمن القومي الأميركي، سوزان رايس، في بيان إنّ بلادها "تدين بشدّة الهجمات الرهيبة ضد منشآت طبية وعمال مساعدات إنسانية، لا عذر لهذه الأفعال الشائنة".
يقال إنّ العالم تعلّم من مأساة رواندا التي وقعت في النصف الأول من تسعينيات القرن الماضي بين قبيلتي التوتسي والهوتو، إلا أنّ ما يجري على أرض سورية يلفت النظر إلى أنّ العالم لم يع جيداً تلك المرحلة، ولم يتعلّم منها أيّ شيء، بينما يقتل مئات الآلاف من الشعب السوري الأعزل بمساعدة دولة عظمى مدججة بالسلاح، وبقوات نظام فاسد وبمشاركة طائفية ومذهبية من إيران على مرأى العالم ومسمعه، ولمدة خمسة أعوام كاملة، ولا أحد يتحرّك فعلياً لإنقاذ الشعب السوري، وتكتفي الأمم المتحدة ببعض البيانات الهزيلة والقلق والأسف، وأميركا التي بيدها أن توقف الحرب نراها لا تحرّك ساكناً، فيما دولنا العربية والإسلامية تكتفي بنشر أخبار ومقالات في الصحف العربية.
ما يحدث في سورية هي إبادة جماعية للمكوّن السني، وتقطيع أوصالهم وكسر صمودهم، عن طريق قتلهم وتهجيرهم من أرضهم بمباركة أممية، وذلك عندما قرّرت الأمم المتحدة غضّ النظر عن الأفعال الإجرامية التي ارتكبها النظام في سورية على مدار ست سنوات، واستخدامه الكيماوي والنابالم الحارق والبراميل المتفجرة، وصولاً إلى التجويع والتهجير.
ولكن، يبقى السؤال الأهم: لماذا كلّ هذا التخاذل من الجانب الأميركي والغربي تجاه الثورة السورية، في وقتٍ تهيمن فيه روسيا وإيران على الساحة السورية، ومن المستفيد من ذلك كله؟
هنا يكون الجواب: لا يريد العالم للثورة السورية أن تنجح خوفاً من تمدّدها إلى بلدان أخرى، وكما أنّ الغرب لا يحرّك ساكناً أمام التطاول الروسي الإيراني في سورية، بغية تنفيذ المشروع الإسرائيلي في تقويض الكيانات العربية واحداً تلو الآخر وإشغالهم بحروب طائفية وعرقية، لكي لا يتسنّى لهم المطالبة بفلسطين المحتلة، ومن سيكون أكثر قدرة على تنفيذ ذاك المشروع، مثل إيران التي تركها العالم تعربد وتقتل في الشعب السوري، كيفما شاءت، ومتى ما تريد من دون أيّ رادع.
1998067C-94BE-48BF-9CDD-353535E7731D
1998067C-94BE-48BF-9CDD-353535E7731D
أحمد سلوم (سورية)
أحمد سلوم (سورية)