ملابسات استشهاد سمير القنطار

ملابسات استشهاد سمير القنطار

02 يناير 2016

سمير القنطار والشيخ أحمد شلاش

+ الخط -

فَنَّدَ الشيخ أحمد شلاش، وهو من أبرز المحللين العابرين للقارات الموالين للسيد الرئيس بشار الأسد، في رسالةٍ نشرها على صفحته الفيسبوكية، الطريقةَ الخبيثة التي لجأ إليها الصهاينة في أثناء اغتيال المناضل الشريف الكبير الأستاذ سمير القنطار، في مدينة جرمانا الملاصقة للقسم الجنوبي من مدينة دمشق؛ وهي أنهم، أي الصهاينة، صبغوا القسم الأمامي من طائرتهم المُجرمة التي اخترقت الأجواء السيادية السورية بألوان العَلَم الروسي، فظنتها رادارات الدفاع الجوي العربي السوري طائرةً صديقة، وتركتْها بشأنها، وإذا بها تفعل ما فعلت.. لعنها الله.

أغلب الظن أن الرادارات المناضلة لم تتمكن من إنعام النظر طويلاً في تركيبة الطائرة المعادية، بسبب سرعتها الفائقة، ولم تنجح في تصوير جسمها بالكامل، وبالأخص مؤخرتها، إذ لا شك أن الطيار شالوم كتب عليها عبارات من قبيل: يا ناظرني نظرة حَسَدْ - أشكيك لواحد أَحَدْ.. ولا تلحقني مخطوبة.. والـ إف 16 تتكلمْ والسيخوي تتألمْ.. والله معك أبو الشلم.. إلى آخر ما هنالك من العبارات اعتاد السائقون كتابتَها على مؤخرات آلياتهم.

لا يمتلك الشيخ أحمد شلاش وقتاً فائضاً ليضيعه في المزاح، أو الدعابة، أو التنكيت، وهذا يعني أنه كان في قمة الجد، والانسجام مع الذات، حينما تحدث، قبل مدة بسيطة، عن بوكسيْن أصعب من فراق الوالدين، وجّههما إلى وجه ملاكم عالمي، يحمل عدة ميداليات ذهبية وفضية وبرونزية في الملاكمة، لأن ذلك الملاكم قد تطاول على سيادة الرئيس الممانع بشار بن حافظ الأسد، فانصرعَ الملاكم، وغامتْ عيناه، لأن البوكسيْن جاءا على حين غرّة. وعندما صحا من غيبوبته، ظهرتْ على محياه الدهشةُ، وقال للشيخ أحمد: لماذا هذان البوكسان اللئيمان يا مستر شلاش؟ فقال: لكي تتذكرني حينما يخطر ببالك التطاول على أسيادك يا سافل! فلما سأله: (What is the meaning of safel?‎)، رد عليه، بقسوة: لا وقت لديّ للشرح. راجع محرك البحث (Google)!   

الحقيقة أنني، كاتب هذه الأسطر، أصبحتُ أنظر إلى السيد الرئيس بشار الأسد بعين الغيرة والحسد، لوجود مثل هؤلاء المحبين في فريقه، وبرأيي الشخصي إن توجيه لكمة مباغتة لملاكم عالمي شهير، أو توجيه نظرات نارية لمصارع عالمي، أو مجادلة عالم فيزياء في ظواهر الطبيعة، هي تصرفات تحتاج إلى شجاعةٍ تصل إلى حدود التهوّر.

ولأن الشيء بالشيء يذكر، أقول إنني شاهدتُ، قبل يومين، تحليلاً سياسياً استراتيجياً لواحد من الفريق المُمَانع نفسه، ينفي اختراق إسرائيل السيادة الوطنية السورية، بالمطلق، بدليل أن كل أجهزة الرادار، وخصوصاً شاشات رادار الـ(S400) الروسية، رصدتْ،‏ يوم السبت 20 ديسمبر/ كانون الأول 2015‏، دخولَ طائرات أميركية، وكندية، وبريطانية، وفرنسية، وإماراتية، وألمانية، وقَطَرية، وإيطالية، إضافة إلى الطائرات الروسية الصديقة، لكنها لم ترصد دخول طائرة إسرائيلية واحدة؛ سواء أكانت مموّهة بالعلم الروسي أم لا. ولئلا يظهر هذا المحللُ بمظهر مَنْ يُكَذِّبُ زميلَه، قال: ومع احترامي للشيخ أحمد، فهو بشر، والبشر يصيب ويخطئ، وإنني أذكِّرُكم بقول سيدنا ابن الخطاب: أخطأ عمر وأصابت امرأة.

وكان المذيع الذي يدير تلك الحلقة التلفزيونية، من النوع الملحاح. لذلك قال للمحلل: هل هذا يعني، برأيكم، أن إسرائيل بريئة من دم الشهيد المناضل سمير القنطار؟ فغضب المحلل، وقال: كيف تكون بريئة سيدي، وقد أكد لنا سيدُ المقاومة حسن نصر الله أن إسرائيل هي الوحيدة التي يهمّها التخلّص منه؟ يا سيدي الكريم، القصة وما فيها أن الطائرة الإسرائيلية كانت قادمة باتجاه سورية، بسرعة فائقة، وعند الحدود السورية تماماً، ضغط ربانُها على المكابح، بقوة، وكبس زر الإطلاق، فاندفع الصاروخ بفعل القوة النابذة، حتى وصل إلى جرمانا، ونزل فوق المبنى الذي يسكنه المناضل القنطار، وبذلك تكون إسرائيل قد اغتالته، من دون أن تخترق السيادة السورية.

أي نعم. 

خطيب بدلة
خطيب بدلة
قاص وسيناريست وصحفي سوري، له 22 كتاباً مطبوعاً وأعمال تلفزيونية وإذاعية عديدة؛ المشرف على مدوّنة " إمتاع ومؤانسة"... كما يعرف بنفسه: كاتب عادي، يسعى، منذ أربعين عاماً، أن يكتسب شيئاً من الأهمية. أصدر، لأجل ذلك كتباً، وألف تمثيليات تلفزيونية وإذاعية، وكتب المئات من المقالات الصحفية، دون جدوى...