فدوى وإسرائيل.. حقد أم تعايش؟

فدوى وإسرائيل.. حقد أم تعايش؟

13 اغسطس 2015

فدوى طوقان: ألف غمد تحت جلدي

+ الخط -
بين يدي كتاب "حوارات فدوى طوقان"، وأنا أحب فدوى، سيرة وشعرا، إنسانة وشاعرة. ولا أظن أن هناك فرق كبير بين الإثنين، لكن الشعر أوسع إضاءة على الحياة. ولهذا، تعودت أن أقرأ الشاعر عادة، من خلال قصيدته، أكثر مما أقرأه من خلال سيرته، كما كتبها هو أو  الآخرون أو من حواراته، أو حتى من معرفته الشخصية. صحيح أنني لا أوفق دائما في تلك القراءات، وأحيانا أشعر بخذلان في المقارنات، لكنني ما زلت مؤمنة أن القصيدة أصدق من شاعرها.

أعود إلى فدوى طوقان، الشاعرة التي تضاعف حبي لها بعد أن قرأت كتابيها الجميلين؛ (رحلة جبلية رحلة صعبة)، و(الرحلة الأصعب)، فقد فتح لي الكتابان اللذان سجلت فيها الشاعرة سيرتها في الشعر والحياة بوابة الشاعرة المفتوحة باتجاه آفاق غير الشعر الذي لم يكن محطة أثيرة بالنسبة لي في بداياتي مع قراءته. لكن قراءة سيرة حياة المرأة، المكتوبة بعناية شديدة وحذر يليق بأي أنثى عربية، والمشغولة بنسق كتابي أخّاذ، أعادني ثانية إلى عالمها الشعري ليصير أجمل بالنسبة لي.

"حوارات فدوى طوقان" التي جمعها الدكتور يوسف بكار في كتاب واحد صدر قبل خمس سنوات عن "دروب للنشر والتوزيع"، بدا لي الآن بوابة أخرى، يمكن أن تنفتح أيضا لقراءة الشاعرة من جديد. خصوصاً وأن الكتاب احتوى على حوارات الشاعرة الصحفية، بدءا من الأول الذي نشر في العام 1962، وانتهاء بالمنشور في العام 2003، أي أنها غطت نحو أربعة عقود عاشتها الشاعرة في خضم القصيدة والنضال بأشكاله المختلفة.

لم أكمل قراءة الكتاب بعد، إلا أنني توقفت الآن لأتساءل من جديد عن علاقة الشاعر بقصيدته، أو عن الفرق بين ما يقوله الشاعر وما تقوله القصيدة، خصوصاً أن ثمّة شيئاً من التناقض الواضح بينهما في الظروف الزمنية نفسها.

في حوارها المنشور في نوفمبر/تشرين ثاني 1994، أي في أعقاب اتفاقية أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، كانت لها إجابة لافتة على سؤال عن رؤيتها للاتفاق ورؤيتها لمستقبله. تقول: "كنت دائما أطمع إلى الوصول إلى السلام مع إسرائيل، وأن نكون واقعيين، ونعترف بوجودها، لأنه لا مناص، لا نستطيع أن نزيل إسرائيل كما نقول، ومعروف عني أنني كنت من دعاة السلام، بل والتعايش مع اليهود. وخلال الاحتلال، كان لي أصدقاء من اليهود الذين كنت أحس أنهم يتعاطفون معنا، ومنهم من كانوا يرفضون الاحتلال، وبل منهم من كانوا يرفضون أن تطأ أقدامهم الضفة ما دامت محتلة. وعندما أقيم مؤتمر مدريد سعدت به وباركته، ولكن من المحزن أن اليهود، يا أخي، يقولون ما لا يفعلون، ويتلاعبون بالوقت، وهم قوم زئبقيون.

وافقوا على الحكم الذاتي. ووافقوا على النظر في أمر المعتقلين وتجميد المستوطنات، ولكن، مع الأيام، نكتشف أنهم لم يتنازلوا عن شيء، ولم يوفوا بما عاهدوا أو وعدوا به. فالمستوطنات لا تزال تنشأ، ومصادرة الأراضي لا تزال تتم، والمعتقلون لم يفرج إلا عن عدد قليل منهم".

لا أريد أن أقسو على الشاعرة التي أحبها، بعد رحيلها، رحمها الله، وبالتالي، لن أجرأ على وصف هذه الإجابة التي يمكن اكتشاف تناقضها مع بعضها بسهولة، لكنني فقط أقارنها بمقطع شعري لها، ورد أيضا في الكتاب تقول في بعضه: "ألف غمد تحت جلدي/جوع حقدي فاغر فاهه/سوى أكبادهم لا يشبع الجوع/ الذي استوطن جلدي/آه يا حقدي الرهيب المستثار..".

.. وسأترك نتيجة المقارنة لكم.

 

 

CC19B886-294F-4B85-8006-BA02338302F0
سعدية مفرح

شاعرة وكاتبة وصحفية كويتية، من مجموعاتها الشعرية "ليل مشغول بالفتنة" و"مجرد امرأة مستلقية"، ولها مؤلفات نقدية وكتب للأطفال. فازت بعدة جوائز، وشاركت في مهرجانات ومؤتمرات عدة.