دول برسم نقل الملكية

دول برسم نقل الملكية

07 يوليو 2015
+ الخط -
أيام ما بعد الجامعة، أيام الشغف المؤلم نحو الانتقال إلى طور أو مرحلة أخرى من حياتنا "مرحلة العمل وإثبات الذات"، كنا نحرص دائما، وبالذات عندما نريد تقديم سيرتنا الذاتية "C.V" لشركات كبرى، وغالبا ما تكون أجنبية، يعطونا طلبات توظيف لتعبئتها، كنا نقف حائرين جدا عند عبارة "هل هناك موظف من أقربائك في الشركة وما صلة القرابة؟". أي أن هذه المؤسسات الكبرى المحترمة والراقية تركز كثيراً على عدم وجود صلة القربى هذه بين موظفيها، حرصا على عدم تفشي الفساد وتوابعه، فما بالكم بمؤسسات دول ومفاصل بلدك وعامودها الفقري (...) أليس الأولى؟
بالتأكيد، قد تنزلق الدول بمؤسساتها وحكوماتها نحو الفساد والمحسوبية والمصالح الشخصية البحتة، والتي لن تستمر كنظام، وإن استمرت، فالكارثة الكبرى هي المحصلة النهائية، لا نريد أن نغالي في التحليل ونسهب، انظروا حولكم وسوف تعوا يا سادة، ما الذي أدى بتونس ومصر وسورية واليمن والعراق إلى أن تصل إلى هذه المواصيل (...)؟
بغض النظر عن أطراف الصراع، هنا أو هناك، ألم تكن هذه الدول حظيرة للأغنام في الفناء الخلفي لمن يحكونها، والشعوب هم الأغنام فيها؟ وحدثت الكارثة عندما طالبت، في بادئ الأمر، شعوب الحظائر تلك، بشيء يسير من حريتها وإنسانيتها؟
حقيقة مرة عن واقع مؤلم. الحقيقة المرة أن هذه الكوارث لن تنتهي في الوقت المتوسط، أو حتى البعيد، حتى بعد ثورات الربيع العربي. تتلمذت وترعرعت هذه الشعوب في الحظائر، مثل طيور الأقفاص، لا تعلم عن حرية خارج القفص شيئا! وسنرى أمثلة كثيرة، تتكرر من شاكلة هذه الحظائر وتأليه أصحابها مجدداً إلى أمد، حسب اعتقادي المتواضع قد يمتد إلى أن تختفي أجيال شعوب الحظائر تلك.
أنظروا، مثلاً، إلى مصر الآن، لتجدوا أن مؤسسة عسكرية ضخمة، وربما هي الأكبر في المنطقة انقلب قائدها على أول رئيس له، انتخب بنزاهة. قد يعارضني بعضهم في هذه النقطة، لا مشكلة. لكن، من يعارضني عندما أقول إن قائد الجيش هذا الذي أصبح رئيساً أتى بصهره ليجعله رئيسا لأركان الجيش الذي أمسك بمقدراته قبل مقدرات الشعب (...). وبطبيعة الحال فإن هذا الرئيس الآن قائد الجيش الأعلى، (وإذا كان رب البيت للدف ضاربا...). القضاة الذين يحكمون برؤية وميول رأس دولتهم هذا، أصبح أبناؤهم قضاة! قتل النائب العام فأوكلت مهمته الى ابنه ليصبح نائبا عاما بدوره! وسيعتلي منصة قاضي الادعاء العام لدفع أحكام الإعدام تجاه غرماء أبيه ونظامه الحالي المحتملين! هذا غيض من فيض.
دول الملكية الخاصة هذه، قبل الثورات وبعدها، تصادر مقدرات شعوبها، ليست المادية فحسب، بل الإعلامية والخدمية، الإعلام موجه تماماً بالمال والقوة، حتى نبض الشارع موجه بالعنف والرعب والقهر، لا وجود للمعارضة، وإن وجدت تكن الشيطان الأكبر وفزاعة النظام، فإما يعلق عليها كل إخفاق وفشل، وإما ينسب إليها كل حدث مصاب جلل! اسقطوا ما طاب لكم أن تسقطوه من أمثلة.
لا يمكن لشعوب الثورات تلك ولا ربيعها ولا حتى غيرها (...) أن تخرج من دوامة الأنظمة الفاسدة المجرمة العميقة (أنظمة دول الملكية الخاصة) لا يمكن لهذه الشعوب أن تجد خلاصها، قبل أن ينتهي جيل الحظائر، جيل الخراف، جيل تربية الرعب والقهر وأمن الدولة، لا يمكن لها، قبل ذلك.
BB0E1626-EC3F-46CE-91BA-116FA9609C27
BB0E1626-EC3F-46CE-91BA-116FA9609C27
بشار طافش (الأردن)
بشار طافش (الأردن)