من يناير 1977 إلى يناير 2011

من يناير 1977 إلى يناير 2011

30 مايو 2015

من أحداث يناير 1977 في القاهرة (أ.ف.ب)

+ الخط -
ملاحظات كثيرة يخرج بها المرء عند قراءة قصص أو روايات عن انتفاضة يناير 1977 التي كانت انتفاضة عظيمة، قام بها الشعب المصري عفوياً ضد قرارات حمقاء للرئيس "المؤمن"، أنور السادات، برفع الدعم عن السلع الغذائية الرئيسية. نقاط كثيرة مشتركة بين تلك الانتفاضة وثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، وتناقضات كثيرة بين مواقف بعض من شاركوا في تلك الانتفاضة ومواقفهم حالياً. 
مطالب يناير 1977 تقريباً هي نفسها مطالب يناير 2011، وهي نفسها التي لم تتحقق بعد، عيش، حرية، عدالة اجتماعية، كرامة إنسانية. الهتافات نفسها تقريباً التي كانت تتردد منذ 38 عاما هي التي لا تزال تتردد. لم يتغير شيء ملموس، انفتاح في عهد السادات أدى إلى انتفاضة 1977، ظلم وفساد وتبعية للغرب واستبداد وقمع للحريات، استمر طوال عهدي السادات وحسني مبارك، إلى أن قامت ثورة يناير 2011، ولكن، لم يتغير شيء حتى 2015. الدعم يرفعه السيسي عن الأسعار، ولكن، بمنتهى الهدوء، والأسعار تزداد بشكل غير مسبوق في تاريخ مصر، الفساد والاستبداد في ازدياد، والمرتبات والحريات والعيش الكريم في نقصان كل يوم. ربما نجحت انتفاضة يناير 1977 في إجبار السادات على التراجع عن رفع الأسعار، وربما نجحت ثورة يناير 2011 في إزاحة مبارك من السلطة، ولكن النظام نفسه مستمر ونحن في 2015.
لا فرق بين انفتاح عهد الرئيس المؤمن في السبعينيات ورأسمالية المحاسيب في عهد الرئيس العنيد في التسعينيات والألفينيات؛ ورأسمالية العسكر والمؤسسات الغامضة في عهد رئيس الضرورة في 2015. القمع والتلفيق والكذب والتدليس لم يتغير، ففي يناير 1977، تم اتهام القوى الخارجية بإحداث فتنة وإثارة الشغب، ومنذ 2011، يتم اختراع قصص المؤامرة الكونية الخيالية، وأساطير الجيل الرابع من الحروب الهزلية. ودائما الخارج سبب المشكلة، وليس الفساد ولا المحسوبية ولا الاستبداد، ولا الظلم ولا سوء التخطيط.

المثير للاندهاش هو تحول مواقع "بعض" من كان لهم دور في يناير 1977 بعد يناير 2011، وتخوين بعض من ساهموا في يناير 1977 بعض من ساهموا في يناير 2011.
فبعض من اتهمهم الإعلام في يناير1977 بتلقي أموال، وتعليمات من الخارج، من أجل إثارة الفوضى في مصر، هم من يقومون الآن بالدور نفسه ضد شباب يناير 2011. مثلاً، تجد كتابات وحوارات أشخاص، مثل عبد القادر شهيب وجمال فهمي ورفعت السعيد وصلاح عيسى ونبيل زكي وحسين عبد الرازق، وآخرين، دائما تطبيل للسيسي وسياساته الانفتاحية، ودائما يتهمون شباب يناير 2011 بالاتهامات نفسها التي اتهمهم بها السادات في يناير 1977، مثل الخيانة وتلقي تمويلات والعمالة لقوى خارجية.
إنها العقدة التي تجعل ضحية الماضي يريد أن يكون جلاد الحاضر، ويمارس الظلم نفسه الذي تعرض له في الماضي على ضحايا آخرين، مثل الدكتور محمد أبو الغار الذي ساهم في تأسيس حركة 9 مارس، وكان عضواً في حركة كفاية، وهما حركتان تعتبران، بحكم القانون، محظورتين، وتوجد عدة مواد في قانوني العقوبات والكيانات الإرهابية تمكّن من حظرهما، والقبض على كل من انتمى لهما وحبسه، هذا إن كانت السلطة في صدام كبير مع "9 مارس" أو "كفاية"، لكن الغريب أن تجد أبو الغار يتحدث عن "6 إبريل" بشكل سيئ، لأنها حركة بحكم القانون والادعاءات الباطلة وبحكم محكمة الأمور المستعجلة محظورة قانوناً. وطالما اعتبرتها السلطة حركة محظورة، فليعتبرها أبو الغار محظورة، أو مشبوهة، أو حسب ما يريد رئيس الضرورة، وطالما اعتبرت السلطة "6 إبريل" حركة خائنة وعميلة، وهي السبب في ثقب الأوزون، فستجد من يتطوع بالتطبيل للحاكم، أو لتثبيت التهم، أو للتشويه والسب، وإن كان حدث معه المثل في 1977.
ولكن، في الوقت نفسه، لا يجوز التعميم، فهناك من جيل يناير 1977 من لا يزال يناضل ولا يزال متمسكاً بالمبادئ، وهناك أعضاء في الحزب الديمقراطي المصري وأحزاب أخرى، يرفضون مواقف الاحزاب المتخاذلة، وهناك من لا يزال يتذكر ثورة 25 يناير ويدافع عنها، وهناك من لا يزال يرفض قانون التظاهر، وهناك من لا يزال يبذل كل مجهوده من أجل الإفراج عن الشباب المحبوسين، وهناك من لا يزال يرفض الاتهامات الظالمة، والشائعات والقصص الخيالية التي يروجها إعلام السلطة والأجهزة الأمنية عن "6 إبريل".. هناك من تحول وهناك من لا يزال متمسكاً بمبادئ يناير.
DE3D25DC-9096-4B3C-AF8F-5CD7088E3856
أحمد ماهر

ناشط سياسي مصري، مؤسس حركة 6 إبريل، حكم عليه بالحبس ثلاث سنوات، بتهمة التظاهر بدون ترخيص، وأفرج عنه في يناير 2017