كيف يضع لبنان حدًّا لدوامته؟

كيف يضع لبنان حدًّا لدوامته؟

27 أكتوبر 2015
+ الخط -
ظلّ لبنان فترات طويلة دولة ذات أهمية استراتيجية كبيرة، على الرغم من صغر مساحته، فله حدود مع كل من سوريا وفلسطين، إضافة إلى أن تركيبتها الطّائفية الفريدة من نوعها جعلت منها بلدًا مميزًا. ولكن، في المقابل ظل لبنان بلدا هشًا مفتوحًا أمام التدخلات الخارجية، حيث أدت الاضطرابات بين المسلمين والمسيحيين إلى دخول البلاد في حرب أهلية طويلة ومؤلمة، بدأت عام 1975 واستمرت 25 عامًا وأودت بحياة 100 ألف شخص.
على الرغم من الظّروف الاقتصادية المتأزمة التي يعيشها لبنان، وحالته الصّعبة التي أعقبت الحرب، إلا أنه يثير إعجاب كثيرين، باستضافته عدداً كبيراً من اللاجئين السوريين، بالإضافة إلى اللاجئين الفلسطينيين الذين ذهبوا إلى هناك، لإيجاد مأوى مناسب عقب بداية الصّراع العربي الإسرائيلي.
استطاع لبنان في فترة الرّبيع العربي أن يحافظ على استقراره، وعلى الرغم من أن الحياة السياسية هناك يتم السيطرة عليها من بعض الأسر المحددة، إلا أنه نجا من أن يصيبه أي أذى من الرياح المدمرة التي ضربت الشرق الأوسط، والتي خلفت دماراً هائلاً في المنطقة.
يمر لبنان في الوقت الراهن بفترة من الهدوء النسبي. ولكن، ما زالت الاضطرابات السياسية مستمرة، حيث لا يوجد رئيس للبلاد، نتيجة الخلافات السياسية هناك.
على الرغم من معضلة الانتخابات، إلا أن الاستقرار كان هو السائد في الجزء الأكبر من البلاد، وذلك حتى وقت قريب، عندما تم إغلاق المكب الخاص بالنفايات، والذي يقع جنوب العاصمة. ومنذ ذلك الحين، أخذت القمامة بالتراكم والتكدس في الشوارع، ما تسبب في شعور السكان بالضيق وعدم الراحة. وعلى الرغم من تأكيد الحكومة أنها تعمل لحلٍّ لهذا الأمر، إلا أن هذه الأزمة أدّت إلى ظهور حركة شعبية جديدة تسمى "طلعت ريحتكم"، والتي أعقبها حدوث تحركات شعبية هائلة في البلاد، تطالب بمحاسبة القادة السياسيين.
من المهم أن يعرض الشّعب اللبناني المتسامح مطالبه المشروعة بطرق سلمية وديموقراطية، فالعرائض الجماعية، وحملات التوقيع، وتنظيم المسيرات والمظاهرات من الأمور المتحضرة، والتي تحترمها السلطات، هذا بالإضافة إلى أن عقد اللقاءات بين ممثلي الجماعات من النشطاء والمؤسسات الحكومية المسؤولة، وعقد لقاءات تليفزيونية، سيساهم في إيجاد حلول سريعة وفعالة للأمور، فعندما يرفع اللبنانيون مطالبهم المشروعة بهذه الطرائق السلمية والمتحضرة والمحترمة، فمن غير المحتمل أن تظل أي حكومة غير مكترثة بمطالبهم. وفي المقابل، ينبغي تمامًا تجنّب اللّجوء إلى العنف والتمرّد والتمسك بمبادئ الدّيموقراطية. وعلى الحكومة، في المقابل، اتخاذ إجراءات فورية لحل أزمة القمامة بشكل عاجل، كما يجب أن تُؤخذ المطالب الأخرى للشعب بالاعتبار، لإنشاء نظام حكومي جديد قائم على الشفافية والمحاسبة للمسؤولين. وعقب هذا، يجب الخروج من عنق الزجاجة السياسي الذي تمر به البلاد، والمتعلق بالانتخابات الرئاسية، ويجب انتخاب رئيس جمهورية بطريقة سلمية، تحترم الحريات وحقوق الإنسان.
6CDB8DD5-0266-422A-AF0D-1E8B6F808880
6CDB8DD5-0266-422A-AF0D-1E8B6F808880
هارون يحيى (تركيا)
هارون يحيى (تركيا)