هل يمرُّ التحالف إلى الأسد؟

هل يمرُّ التحالف إلى الأسد؟

23 سبتمبر 2014

دورية للجيش الحر في حلب (2مارس/2014/الأناضول)

+ الخط -

من شبه المؤكد أن سلطة بشار الأسد لم تعد صالحة للبقاء على المدى الطويل؛ فقد آلَ بقاؤها إلى هذه المخاطر المتفاقمة، ليس في سورية فقط، بل في محيطها، وفي صلب منطقة بالغة الحيوية استراتيجياً واقتصادياً، بعد أن استطاع تنظيم الدولة الإسلامية أن يوصل مناطق نفوذه من سورية إلى العراق، وأصبح هذا النفوذ أكثر خطورةً، حين سيطر على سد الموصل، وهدد المناطق الكردية الغنية بالنفط.

والخطورة لا تتوقف على تنظيم الدولة، لكنها تكمن في حالة فقدان السيطرة على هذا الجزء الخطير جيوسياسياً، وهو سورية، في وسط بيئة أصبحت أكثر إنتاجا للقوى الإسلامية، ومنها الجهادي، والمتطرف، وفي كل الأحوال غير المنضوي، ولا المستعد للانضواء بسهولة في المنظومة الدولية، أو في المنظومة الأميركية، وعلى الجوار تقف إسرائيل أكثر ترقباً، بعد فقدان القوات النظامية السورية السيطرة على بلدات وقرى كثيرة في ريف القنيطرة، ومنها الفصائل المعارضة، جبهة النصرة المرتبطة بالقاعدة.

وبعد أن استمات النظام السوري، على مدى ما يزيد على ثلاثة أعوام، في استخدام كامل طاقته وأسلحته التي لم تستثنِ الكيماوي، أو البراميل المتفجرة فوق التجمعات والمساكن، وبعد أن لم تتوانَ إيران والحكومة العراقية وحزب الله عن الدفاع عن النظام وتثبيته، بعد هذا وبعد الاستنزاف الاقتصادي الذي يعاني منه النظام في دمشق، وكذا إيران، صار لا بد من بدء عملية جراحية معقدة، وطويلة الأمد، تشرف عليها أميركا، وتفضي إلى تغيير سياسي في دمشق، وليس، بالضرورة، أن يكون جذرياً، أو كلياً، لكننا لا نستبعد، أيضاً، خيارات الدولة الفيدرالية مستقبلاً، على غرار ما يصير إليه العراق.

وكما تدخلت أميركا بشكل سافر وفاعل، وألزمت نوري المالكي، وبالتوافق مع إيران، على التخلّي عن رئاسة الحكومة العراقية؛ ليشكلها رئيس جديد، هو حيدر العبادي، الأكثر مرونة، والأقدر، بالتالي، على احتواء أكبر للمكوّن السني؛ فإنها قد تجد نفسها مدفوعة كذلك بمراعاة (الأغلبية السنيّة) في سورية؛ لأن مسؤولين في إدارة باراك أوباما وصلوا إلى قناعة عبّر عنها رئيس الأركان، مارتن ديمبسي، بقوله: "لا يمكن الانتصار فعلياً على تنظيم الدولة، إلا عندما يرفضه عشرون مليوناً من السنّة المهمشين الذين يعيشون بين دمشق وبغداد".

ومع مراعاة التطور المهم الذي حدث في الأيام الأخيرة، وهو موافقة الكونغرس الأميركي على قرار الرئيس أوباما تسليح المعارضة السورية المعتدلة في طريق مستمر نحو تطوير هذه القوة عسكرياً، وهذا الدعم العسكري، تسليحاً وتدريباً، لا يتم، بالطبع، إلا بعد التدقيق والتثبّت من توفر صفة الاعتدال التي تريدها أميركا فيهم، هذا الدعم العسكري لا يعني إلا اعترافاً سياسياً محققاً ومتحققاً بهذا الطرف السوري، ليكون له دور في مستقبل سورية، وهذه التقوية العسكرية والسياسية لهذه المعارضة ستكون على حساب النظام عسكرياً، أيضاً وسياسياً.

ومن المتوقع أن تشتغل أميركا في سورية على خطوط عدة: خط إضعاف إلى حد الإقصاء للقوى التي تراها متطرفة وإرهابية، كتنظيم الدولة وجبهة النصرة وإضعاف نظام الأسد إلى حدّ القبول بحلٍّ ما لا يُبقي سلطتَه على ما هي عليه، أو يُفرض عليه هذا الحل، وخط تأهيل المعارضة لملء الفراغ تحت إشراف أميركي مباشر، وفي كل الأحوال، منع انفراط الأوضاع، أو الحيلولة دون استمرارية التمدد وتفريخ المنظمات الإرهابية.

ويبقى تغيير الطبقة الحاكمة في دمشق (وليس بالضرورة تفكيك الدولة) أمراً ضرورياً لهذا الهدف المركزي والمؤكد، وهو حرمان القوى الإسلامية، من القاعدة وتنظيم الدولة، من التركُّز السلطوي، وبناء حاضنة شعبية قد تفرّخ أمثالاً لهم أو أشد.