السيناريوهات المقبلة على انقلاب المشير

السيناريوهات المقبلة على انقلاب المشير

05 يوليو 2014
+ الخط -


بقدر فهمنا طبيعة المرحلة في مصر، وصعوبتها، وبقدر فهمنا طبيعة الصراع، ندرك أن الثورة على تحالف رأسمالي، تمثله الدولة العميقة، مع الجيش والمؤسسات السيادية، ليست عملاً سهلاً. وندرك أن تحرير إرادة الشعب من وطأة التحالف الخارجي مع الانقلاب، وما سيتبعه من تغيرات، سوف تؤثر على المنطقة كلها، وسوف تكون خطوة مهمةً في تغيير قواعد لعبة النظام العالمي ومنظومه الاستبداد والتبعية في المنطقة.

في ظل متغيراتٍ إقليمية جديدة، ووضع ساخن في العراق، يوضع نظام عبد الفتاح السيسي في شبه حضانة مؤقتة، إذ يحرص فاعلون إقليميون ودوليون على استبقائه في الظروف الحالية. ولسنا من الحماقة أن نتصور ثورتنا منتهية، نتيجة تعرضها للضربة القاضية، أو الحركة الخاطفة التي يحلم بها نظام الانقلاب.

قائد الانقلاب لا يستطيع، الآن، أن يختفي خلف رئيسٍ مؤقت، أو يحكم من خلال بدلته العسكرية، ولا يستطيع الاعتقاد بأن يفرض مبدأ القوة والحسم، ولا يستطيع الاعتماد، إلى الأبد، على مساندة النخبة الإعلامية الموالية لانقلابه، والتي تصور أبسط أعماله على أنها منجزات أسطورية. فالشعب المصري، ومن خلفه الأمة العربية والشعوب الإسلامية جميعاً، متنبهةً لما يقوم به من خداع وتضليل.

انصرف الديكتاتور الجديد إلى ممارسةٍ سطحيةٍ فكريةٍ في إدارة البلاد، وإلى إنشاء متواليةٍ استبداديةٍ، وتكوين نظام فرعوني يصدر فيه خطاب أوحد، يتمحور حول مفردة محاربة الإرهاب. وكذلك انصرف إلى تقديم خطابٍ إعلاميٍ، يعمق حالةً فاشيةً داخل المجتمع، يستهين فيها بدماء المصريين، ويدعو بلطجيته للرقص فوق جثامين ضحايا قمعه وتعنته.

بعد عام على اغتصاب السلطة الشرعية في الوطن، وأمام تحدياتٍ شاقةٍ يعيشها المواطن المصري، من أزماتٍ يوميةٍ في ظل نظام اقتصادي يتهاوى، ويقوم على الإعانات، إلى سياساتٍ فاضحةٍ، لا تليق بحجم الوطن، وتعامل إجرامي على مدار العام من وزارة الداخلية. من حقنا، نحن المصريين، أن نسأل: ماذا تمتلك، أيها الديكتاتور، من رصيد غير خطاب مواجهة الإرهاب والأحاديث التي تحمل المفردات العاطفية؟ للحقيقة لا شيء آخر لديك.

السيناريو القادم سوف يصنعه الثوار الأحرار في الشوارع والميادين، ممن سطروا ملحمة تاريخية في الصمود أمام جبروت الأجهزة القمعية القذرة وأفعالها. السيناريو القادم هو ما يضع الثوار أعينهم عليه، بعد أن يشدوا أزر وجودهم في الشارع، ويعززوه، مع الحفاظ على طابع النضال السلمي.

السيناريو الثاني مبني على استحالة قيادة السيسي وفريقه مصير الشعب، وسوف يفشل في أن يحسم الأمور، وهذا واضح في عدم قدرته على التعامل مع الآخر أو تقبله، وغياب قناعته بالديمقراطية وبراعته في تصدير خطاب الإقصاء. ومع اكتشاف حاله الخواء الرئاسي هذه، وتفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، سوف تشتد روح الثورة من جديد، وسوف تزداد مساحة حضانة الشعب لثورته، ولن ينثني الشعب حتى يتخلص من هذا النظام الفاشي الديكتاتوري.

وفي سيناريو ثالث، ليس مستبعداً أن يخرج سوار الذهب جديد، لكن، في مصر هذه المرة، وليس في السودان، وأن تنفجر المعادلة داخل النظام العسكري نفسه، لكن أي حل عسكري سوف يقابل بالقوة الصلبة على يد الثوار في الشارع، وستستمر الثورة. 

0A0C37B8-EC72-4AF0-A8F5-AA17DEB5BEBB
0A0C37B8-EC72-4AF0-A8F5-AA17DEB5BEBB
محمود إبراهيم صديق (مصر)
محمود إبراهيم صديق (مصر)