alaraby-search
  • الرئيسية
  • أخبار متفرقة
  • سياسة
    • سياسة - الرئيسية
    • أخبار
    • تقارير - عربي
    • تقارير - دولي
    • تحليلات
    • سيرة سياسية
    • ضيوف - مقابلات خاصة
    • إضاءات صحفية
    • قضية ورأي
  • اقتصاد
    • اقتصاد - الرئيسية
    • اقتصاد الناس
    • اقتصاد عالمي
    • اقتصاد عربي
    • أسواق
    • طاقة
    • مصارف
    • عقارات
    • إضاءات صحفية
    • إنفوغراف
    • فيديو
    • مواقف
    • سياحة وسفر
  • مجتمع
    • مجتمع - الرئيسية
    • الخطوط الساخنة
    • شباب
    • المرأة والمجتمع
    • جامعات وطلاب
    • لجوء واغتراب
    • البيئة والناس
    • تعليق
    • الصحة والمجتمع
    • الجريمة والعقاب
    • تربية وتعليم
  • ميديا
    • ميديا - الرئيسية
    • حريات
    • رصد
    • تغريد
    • تكنولوجيا و موبايل
    • وقفة
  • تحقيقات
  • ثقافة
    • ثقافة - الرئيسية
    • آداب وأفكار
    • كتب
    • نصوص
    • وقفات
    • مفكرة المترجم
    • أصدقاء لغتنا
    • من وإلى
    • مواقف
    • مشهديات
    • سينما
    • مرئيات
    • سماعيات
    • أخبار الثقافة
    • ذكرى ميلاد
  • رياضة
    • رياضة - الرئيسية
    • كرة عربية
    • كرة عالمية
    • رياضات اخرى
    • بعيدا عن الملاعب
  • منوعات
    • منوعات - الرئيسية
    • حدث
    • حول العالم
    • أفلام ومسلسلات
    • لايف ستايل
    • نجوم وفن
    • مواقف
  • مقالات
    • مقالات - الرئيسية
    • آراء
    • زوايا
    • قضايا
    • مواقف
  • كاريكاتير
  • ملفات خاصة
  • صفحات متخصصة
    • ملحق فلسطين
    • جاليات
    • قصص تفاعلية
  • المدوّنات
    • جميع المدوّنات
    • الكشكول
    • امتاع ومؤانسة
  • مرايا
  • النسخة الورقية
  • English
  • ضفة ثالثة
  • android App
  • apple App
  • login
  • fullscreen
  • PDF
  • email
  • media
  • alaraby-Weather
  • facebook
  • twitter
  • youtube
  • instgram
  • rss
  • English
  • ضفة ثالثة
  • النسخة الورقية
العربي الجديد
alaraby-widgeticon
alaraby-menubg
  • alaraby-logo
  • الرئيسية
  • سياسة
      • رئيس اللجنة القضائية بالنواب الأميركي يؤكد ضرورة عزل ترامب

        رئيس اللجنة القضائية بالنواب الأميركي يؤكد ضرورة عزل ترامب

      • مصراته تعلن حالة النفير لــ"معركة الحسم" ضد قوات حفتر

        مصراته تعلن حالة النفير لــ"معركة الحسم" ضد قوات حفتر

      • الاستشارات اللبنانية لتكليف رئيس الحكومة اليوم: العقدة في التأليف

        الاستشارات اللبنانية لتكليف رئيس الحكومة اليوم: العقدة في التأليف

      • أخبار
      • تقارير - عربي
      • تقارير - دولي
      • تحليلات
      • سيرة سياسية
      • ضيوف - مقابلات خاصة
      • إضاءات صحفية
      • قضية ورأي
  • اقتصاد
      • عُمان تبيع 49% من شركة كهرباء

        عُمان تبيع 49% من شركة كهرباء

      • المكسيك ترفض تفتيش الأميركيين لمصانعها مقابل "التجارة الحرة"

        المكسيك ترفض تفتيش الأميركيين لمصانعها مقابل "التجارة الحرة"

      • واشنطن تدافع عن اتفاقها مع بكين وسط تصاعد الانتقادات

        واشنطن تدافع عن اتفاقها مع بكين وسط تصاعد الانتقادات

      • اقتصاد الناس
      • اقتصاد عالمي
      • اقتصاد عربي
      • أسواق
      • طاقة
      • مصارف
      • عقارات
      • إضاءات صحفية
      • إنفوغراف
      • فيديو
      • مواقف
      • سياحة وسفر
  • مجتمع
      • التدخلات المباشرة

        التدخلات المباشرة

      • ستة دروس يمكن تعلّمها في عمر 35

        ستة دروس يمكن تعلّمها في عمر 35

      • سجائر مغشوشة في السعودية

        سجائر مغشوشة في السعودية

      • الخطوط الساخنة
      • شباب
      • المرأة والمجتمع
      • جامعات وطلاب
      • لجوء واغتراب
      • البيئة والناس
      • تعليق
      • الصحة والمجتمع
      • الجريمة والعقاب
      • تربية وتعليم
  • ميديا
      • هروب الصحافي شيراز محمد من قبضة "تحرير الشام"

        هروب الصحافي شيراز محمد من قبضة "تحرير الشام"

      • سخرية من حديث السيسي عن الإرهاب

        سخرية من حديث السيسي عن الإرهاب

      • هل حقاً رفع جزائريون العلم الفرنسي في الاحتجاجات؟

        هل حقاً رفع جزائريون العلم الفرنسي في الاحتجاجات؟

      • حريات
      • رصد
      • تغريد
      • تكنولوجيا و موبايل
      • وقفة
  • تحقيقات
  • ثقافة
      • "ملتقى تارودانت للمخطوطات": تاريخ الوراقة في منطقة سوس

        "ملتقى تارودانت للمخطوطات": تاريخ الوراقة في منطقة سوس

      • "اهتمامات راهنة للفلسفة في تونس": ثلاث تجارب

        "اهتمامات راهنة للفلسفة في تونس": ثلاث تجارب

      • "غوته".. منصّة عربية جديدة للتعليم الإلكتروني

        "غوته".. منصّة عربية جديدة للتعليم الإلكتروني

      • آداب وأفكار
      • كتب
      • نصوص
      • وقفات
      • مفكرة المترجم
      • أصدقاء لغتنا
      • من وإلى
      • مواقف
      • مشهديات
      • سينما
      • مرئيات
      • سماعيات
      • أخبار الثقافة
      • ذكرى ميلاد
  • رياضة
      • شاهد...كورتوا في خطة مهاجم يهدي بنزيمة هدفاً وينقذ الريال

        شاهد...كورتوا في خطة مهاجم يهدي بنزيمة هدفاً وينقذ الريال

      • أبو تريكة يساند أوزيل: مثال للرياضي صاحب الضمير الحي

        أبو تريكة يساند أوزيل: مثال للرياضي صاحب الضمير الحي

      • الوداد المغربي يسخر من الترجي التونسي بهذه الطريقة

        الوداد المغربي يسخر من الترجي التونسي بهذه الطريقة

      • كرة عربية
      • كرة عالمية
      • رياضات اخرى
      • بعيدا عن الملاعب
  • منوعات
      • هذه أغلى شجرة "كريسماس" في العالم

        هذه أغلى شجرة "كريسماس" في العالم

      • زيجات النجوم عام 2019.. منها السري والباذخ وللمرة الرابعة

        زيجات النجوم عام 2019.. منها السري والباذخ وللمرة الرابعة

      • Cold Chisel... الطاقة الوحشية بعد 41 عاماً

        Cold Chisel... الطاقة الوحشية بعد 41 عاماً

      • حدث
      • حول العالم
      • أفلام ومسلسلات
      • لايف ستايل
      • نجوم وفن
      • مواقف
  • مقالات
      • سورية والحاجة لتيار ثالث

        سورية والحاجة لتيار ثالث

      • ردّاً على دلال البزري عن "الرجال الشبعانة عيونُهم جمالاً"

        ردّاً على دلال البزري عن "الرجال الشبعانة عيونُهم جمالاً"

      • الندم وفضائله

        الندم وفضائله

      • آراء
      • زوايا
      • قضايا
      • مواقف
  • كاريكاتير
  • ملفات خاصة
  • صفحات متخصصة
      • ملحق فلسطين
      • جاليات
      • قصص تفاعلية
  • ملفات خاصة
  • المدوّنات
      • جميع المدوّنات
      • الكشكول
      • امتاع ومؤانسة
  • مرايا
alaraby-search
الثلاثاء 22/07/2014 م (آخر تحديث) الساعة 01:48 بتوقيت القدس 22:48 (غرينتش)
الطقس
errors

أخبار متفرقة

    • آراء

      زوايا

      قضايا

      مواقف

    1. الصفحة الرئيسية :
    2. مقالات :
    3. قضايا :
  • ...
    • 0
    • مشاركة
    • السابق

      التالي

عراقيون يتظاهرون ضد الطائفية في بعقوبة (نوفمبر/2005/فرانس برس) حقيقة الطائفية في الصراعات العربية
برهان غليون
برهان غليون
أكاديمي سوري، أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة السوربون في باريس، أول رئيس للمجلس الوطني السوري المعارض، من مؤلفاته: "بيان من أجل الديمقراطية" و"اغتيال العقل" و"مجتمع النخبة".
  • أخبار مرتبطة

  • أهم الأخبار

  • 2019-12-15 بيروت ــ العربي الجديد
    لبنان: عشرات المصابين بتجدد المواجهات بين المحتجين وعناصر الأمن وسط بيروت

    لبنان: عشرات المصابين بتجدد المواجهات بين المحتجين وعناصر الأمن وسط بيروت

    2019-12-15 طرابلس- العربي الجديد
    مصراته تعلن حالة النفير لــ"معركة الحسم" ضد قوات حفتر جنوب طرابلس

    مصراته تعلن حالة النفير لــ"معركة الحسم" ضد قوات حفتر جنوب طرابلس

    2019-12-15 بغداد ـ براء الشمري
    الرئيس العراقي يمدد لنفسه المهلة الدستورية... ويعيد جدل "الكتلة الأكبر"

    الرئيس العراقي يمدد لنفسه المهلة الدستورية... ويعيد جدل "الكتلة الأكبر"

الأكثر مشاهدة

  • الأكثر مشاهدة

    مشاهدة تعليقاً إرسالاً

حقيقة الطائفية في الصراعات العربية

برهان غليون
22 يوليو 2014

لم تكن قضية الطائفية حاضرةً في السياسة والثقافة العربيتين في أي فترة كما هي اليوم. وما يثير التساؤل حول هذا الحضور أنه يأتي بعد ما يقارب القرن من تأكيد عهد الوطنية، ورفض جميع أشكال الانتماءات الطائفية والقبلية، وتلاشي مظاهرها، المعلنة على الأقل، إلى حد كبير. الكثير من المثقفين والاعلاميين وصناع الرأي يبدون وكأنهم يكتشفون، لأول مرة، قوة هذه الانتماءات، ويدعون إلى مراجعة الطروحات القومية والوطنية التي ساعدت على تجاهلها، أو إنكارها، ويعتقدون أن الاعتراف بها وإعطاءها "حقوقها"، والكف عن إنكارها، هو الطريق الوحيدة لمعالجة آثارها، وإنقاذ رهان الدولة والحداثة الوطنية، وهناك من يذهب إلى أكثر من ذلك، ويعتبر أن الحروب والنزاعات الداخلية والإقليمية بينت أنه لا يوجد على الأرض إلا الطوائف، وأن الخاسر الأكبر في هذا الصراع هو الجماعات التي لم تعرف كيف تنظم نفسها، وتقاتل على أجندة طائفية، مثلها مثل الآخرين، وكانت كالزوج المخدوع. وهذا يفسر، أيضاً، جزءاً من صعود الحركات الجهادية السنية التي تتبنى، بصراحة، خطابا وأجندة طائفيين. ويعتقد الجميع أن ذلك  كله ينذر بحرب طائفية داخلية وإقليمية، لن تبقي شيئا من أي ماض وطني، أو حداثةٍ، أو مشاريع ديمقراطية، أو قضايا وحقوق إنسانية.
وعلى العموم، يسود الاعتقاد، اليوم، أن الطائفية حقيقة قوية، أخطأنا في تقدير حيويتها وتأثيرها، وأنه لن يكون من الممكن إعادة بناء الدولة في المشرق العربي، إلا على أساس

احترام هذه الحقائق، والتكيف معها، ما يعني ربما التضحية بفكرة الدولة الوطنية الواحدة التي تساوي بين جميع أفرادها، بصرف النظر عن انتماءاتهم وأصولهم، والقبول بصيغة من صيغ الفيدرالية، أو حتى الكونفدرالية التي تعطي لكل طائفة سلطة ذاتية كاملة في شؤونها، وربما دولة مستقلة.

ويشارك العديد من الباحثين والصحفيين الغربيين الذين لم يقتنعوا يوماً بمقدرة المجتمعات العربية على ولوج نظم الحداثة، والنجاح في بناء مؤسساتها في هذا التصور، ويشجعون عليه، مؤكدين صحة تحليلاتهم السابقة التي كانت تشكك في وجود نسيج أمة في البلاد العربية، وتركز أكثر على المكونات الإثنية والمذهبية والقبلية فيها. وفي هذا السياق، زاد تداول الخرائط الجديدة التي تنشرها صحف غربية لإعادة رسم حدود دول المنطقة، بما يحقق التطابق أكثر بين الدولة والطائفة. ولا يبدو أن مثل هذه المشاريع تثير الكثير من الاستياء والاعتراض من أحد. وفي جحيم الحروب الدموية التي يعيش فيها المشرق، يمكن للناس القبول بكل الاقتراحات والأفكار التي تعطيهم بعض الأمل بالخلاص.
العصبيات والولاءات
أولاً، لا أعتقد أن العصبيات الطائفية والقبلية، القائمة على ولاءات ميكانيكية قوية وتلقائية، لا تزال موجودة في المجتمعات العربية، أو على الأقل على نطاق واسع ومؤثر. ولا أنها كانت تعيش تحت الأرض الوطنية، واستيقظت على غفلةٍ منا، ودمرت إنجازاتنا الحديثة. بالعكس، أعتقد أن هذه الطوائف تفككت وانحلت كعصبيات، حتى لو بقيت منها بعض الروابط المحيلة إلى المخيلة، أكثر منها إلى ترابط مصالح حقيقية. ولم تعد الطائفة، مهما بلغ تنظيمها الداخلي قادرة على تأمين مطالب الوجود والحياة الضرورية للفرد، وأولها المرجعية الفكرية والأخلاقية والمكانة السياسية والحماية والأمن والقانون والعمل والتعليم والتطبيب، وغيرها. بل إن كل ما بقي من مظاهر التضامن الداخلي بين أفرادها يعود إلى النجاح في تأسيس صندوق للمساعدات الإنسانية، أو بسبب ارتباطها الخارجي الذي يضمن لها بعض الدعم، وفي حالات قصوى، كما هو الأمر في لبنان، بسبب توظيفها بشكل سافر في استراتيجيات خارجية، وتحويلها إلى أداة من أدوات الصراع على السيطرة داخل البلد الأصلي، أو خارجه. لكن، حتى في هذه الحالة، لم يعد الأمر يتعلق بتضامن طائفي عفوي وموروث، أي بعصبية طبيعية، ولكن، بعمل منظم تقوم به نخبة، ليست حتى بالضرورة دينية، أو ذات صفة زعامية، وبالتنسيق مع الدول الخارجية، لإحداث انقلاب داخل الطائفة على السلطات التقليدية، وانتزاع القيادة منها، وفرض أجندة النخبة الانقلابية الجديدة عليها. أكبر مثال على ذلك حزب الله في لبنان، لكن ليس وحده. وهذا يعني، في نظري، أنه لم تعد الطائفة واحدة، وإنما أصبحت كل منها طوائف متعددة، حتى حين لا تنقسم الزعامة الدينية.

وثانيا، لا أعتقد أن وجود هذه  العصبيات الطائفية، واستمرارها في العمل من تحت، حتى لو تم البرهان عليه، هو الذي يفسر ما تعيشه الدولة الوطنية العربية، اليوم، من أزمات، وما تواجهه من مصاعب، وأن إرضاء مطالبها، وتطمينها على وجودها واستقرارها يمكن أن يفيد في شيء ويخرجنا من الحرب الطاحنة الخفية والعلنية التي نوشك أن نستوطن فيها. كما لا أعتقد أن هناك تناقضاً أو تعارضاً حتمياً بين استمرار التضامنات الأهلية، وقيام الدولة

الوطنية. وأكبر دليل على ذلك أن هذه الجماعات الأهلية لم تقف ضد نشوء الدولة الوطنية الحديثة، عندما بدأت النخب المتعلمة الحديثة تسعى إليها، في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، في المشرق العربي، لكنها شجعتها. على الرغم من أنها كانت لا تزال تتمتع بقوة ونفوذ لا يمكن التشكيك بهما. وفي سورية، كان لوجهاء الطوائف والقوميات الدور الأكبر في تعويم مشروع الدولة الوطنية الواحدة، وحمايتها والدفاع عنها.
والدليل الثاني الأهم أننا سنتعب كثيراً، اليوم، إذا فكرنا، كما كان يحصل منذ قرن، في جمع وجهاء الطوائف والعشائر، من أجل إيجاد مخرج للحرب، أو تسوية للنزاع. والسبب أننا لن نعرفهم، ولن نجدهم، وإذا وجدنا بعض آثارهم، سندرك، بسرعة، إنهم لا موقع ولا تأثير ولا نفوذ لهم، وغير قادرين على الحل والربط في أي قرار. ويكفي أن ننظر إلى من يتحدث باسم الطوائف اليوم: الأسد والمالكي وأضرابهما وأعوانهما من الضباط ورجال المال والأعمال الفاسدين والأمنيين والمخبرين، أولئك الذين عملوا من قبل، هم وآباؤهم وأنصارهم، على تقويض سلطة وجهاء الطوائف وتدميرها.

على العكس تماماً، أعتقد أن ما نشهده من نزاعات وفوضى، لا ينتج عن انبعاث العصبيات الطائفية، ولا يبرهن على وجودها، لكنه ثمرة انحلالها، وتفجر نواتها، وتحولها إلى ركام وأشلاء. ولأننا، في سياق الدولة الوطنية التي أقمناها، لم ننجح في لم هذه الأشلاء وإعادة تركيبها، بما يحولها إلى عناصر في جسم وطني فاعل، ويمدها بذاكرةٍ مغايرةٍ وتاريخ جديد، أصبحنا، كما نحن الآن، ضحاياها. ما نعيشه، اليوم، هو ثمار الفوضى المزدوجة التي تسببنا فيها نحن، النخب الحديثة، اللاطائفية والمعادية للولاءات العصبية: الفوضى الناجمة عن تحلل الطائفة والقبيلة، وتلك النابعة من تقويض مشروع الدولة الوطنية، وتفريغه من محتواه، وما تنتجه كل يوم من حروب ونزاعاتٍ، تدفع إليها هذه الأشلاء المنفصلة عن حواملها

والمتناثرة في كل الأرجاء، والتي لم يعد سلوكها يعتمد على أي مرشد أو دليل، لا ذاك الموروث عن تقاليد وقيم القبيلة والطائفة، ولا المرشد المستمد من دليل المواطنة للحقوق والواجبات. هكذا صار كل شيء ممكناً، وكل شيء مباحاً. هذا هو، أيضاً، موقع بشار الأسد وجماعته والمالكي وأزلامهما. هؤلاء يمكن أن يكونوا أي شيء،  ما عدا أن يكونوا زعماء عشائر وطوائف أو قادة وطنيين، أو رؤساء دول، يعرفون واجباتهم وحقوقهم، ويلتزمون بها. إن من يراقب سلوكهم وأخلاقياتهم والأفكار والمشاريع التي تحركهم، وتوجه أفعالهم، يدرك تماما أنها لا تختلف عن التي كانت توجه، في قرون سابقة بعيدة، الجماعات الشاردة المنفلتة من مجتمعاتها، من قراصنةٍ وأفاقين وقطاع طرق ومغامرين وغزاة همجيين.
تجيير الطائفية
ولأنه لم يعد هناك طوائف وعصبيات فاعلة، تحمي الفرد وتساعده على تنظيم شؤونه، وحل مشكلاته في المجتمع، أي لم يعد هناك، أيضاً، وجهاء طوائف نافذين ومتحكمين بطوائفهم، صار من الممكن بسهولة تجيير الطائفية، وتجييشها في كل المعارك السياسية، وغير السياسية، من كل من يملك المال والدعم، وأفضل من ذلك من يملك الحماية الخارجية. ولأن الطوائف تحللت، كتشكيلات فاعلة ومستقلة، أو شبه مستقلة، وولدت جيوشاً من الفاقدين للانتماء، زاد بما لا يقاس الطلب على الدولة والصراع من أجل النفوذ إليها، والارتباط بها. وصار من الممكن أكثر، في حال انعدام قدرة الدولة على تلبية طلبات الولاء والانتماء، أي الاعتراف بعضوية الأفراد، ومواطنيتهم، أي نسبهم المواطني، صار ممكناً لكل صاحب غاية، أو مشروع خاص أن يشتري ولاءات كثيرة، وبسهولة، أي صار ممكناً ظهور مافيات المال والسلاح، وإعادة بناء القلاع والقصورالإقطاعية، وإحياء منظومات أسياد الأرض، والأسياد عموماً والأقنان. وبالمثل، لأنه لم يعد هناك قاعدة ولا منظومة قيم، ولا مبادئ، تحكم عمل هذه الشظايا والأشلاء الشاردة في الفضاء الاجتماعي، صارت الحرب من دون مرجع، ولا قانون. ولم يعد العطش للانتقام أو الرد على تحدي المعارضة والمقاومة الأهلية يكتفي بأقل من تحويل المجتمعات نفسها إلى أشلاء.
والنتيجة، ليست الطائفية المكبوتة، أو المتجاهلة هي التي دفعت إلى الحرب الوحشية التي يعيشها المشرق، اليوم، وإنما بالعكس تماماً، الحرب والصراع على السلطة، وإرادة السيطرة للدول، هي التي بعثت الطائفية، وأعادت تركيبها، لكن، في شكل قوى ملحقة وحليفة، مقاتلة ومندمجة في مشاريع سياسية وإقليمية، ومشاركة فيها، لا يهمها لا مذهب الطائفة، ولا حياة أبنائها ولا مصيرهم. والواقع أن تراث الطوائف كلها أصبح، اليوم، بما في ذلك الاسم، مخطوفا من نشطاء، يعملون في إطار مشاريع سياسية خاصة. ولا تعدو الطائفية السائدة اليوم سوى شعارات وجمل تستخدم لتعزيز آلة الدعاية والحرب النفسية التي تخوضها الأطراف السياسية. ولو نظرنا في الظاهرة عن قرب، لاكتشفنا أن ما تسمى المشاريع الطائفية ليس لها أي مقوم داخلي، وكلها مشاريع مرتبطة بقوى أجنبية. وهذه الطائفية المخطوفة والمجيرة لحسابات سياسية واستراتيجية محض هي التي تهدد تراث الطائفية الاجتماعي، الذي يجسده التضامن الأخوي، والاعتزاز الفطري والطبيعي عند كل فرد بانتمائه الديني، أو المذهبي أو القومي أو العائلي. وهذا من معالم الكرامة الشخصية، ولا يربطه شيء بالطائفية التي تعمل أداة للسيطرة الداخلية، أو الخارجية، والتي تضع الانتماءات الجزئية في مواجهة قيم التضامن والتعاون والتكافل الإنسانية التي لا تستطيع أن تعمل وتزدهر، اليوم، إلا في إطار دولة وطنية مدنية، يحكمها القانون الذي يساوي، أيضاً، بين جميع أعضائها، ويضمن لهم جميعاً، من الحرية والكرامة والحماية وروح التكافل والتضامن، ما حرموا منه للأبد بزوال الحاضنة الاهلية "الطبيعية.
 
من المسؤول عن إجهاض الدولة الوطنية؟ هذا ما سنجيب عليه في المقال القادم

  • مشاركة
  • 0
  • 0
  • print
دلالات: الفكر القومي الحداثة الدولة الوطنية الفدرالية العصبيات الطائفية النزاعات الداخلية العودة إلى القسم

مقالات أخرى للكاتب

عودة العرب إلى التاريخ
27 نوفمبر 2019 | فتح الربيع العربي أبواب التاريخ للشعوب العربية، وشجعها على أخذ المبادرة، والعمل على التصالح مع العالم، والانخراط في العصر الذي حرمت منه، دون أن يعني ذلك، أنها وصلت إلى خط النهاية، فثمة صعوبات كثيرة وتحديات جسام تعترض طريقها، فما هي؟
الثورة تصنع إنسانها في لبنان والعراق
9 نوفمبر 2019 | كذّبت ثورات الربيع العربي القول المأثور، بعد الثورة الفرنسية، إن الثورات تأكل أبناءها. ما تفعله الانتفاضات العربية، هو العكس تماما، أي إعادة خلق الانسان وبث الحياة والحيوية في المجتمعات الطريحة التي فتتتها وفككت عراها وأنماط من السيطرة والحكم.
ثورة الحرية تواجه وحش الهيمنة الإيرانية في لبنان والعراق
30 أكتوبر 2019 | واضحٌ أن معركة التحرّر السياسي وانتزاع الحق في المواطنة، أي في السيادة الشعبية أيضا، في لبنان والعراق وسورية، اصطدمت بمخطط الهيمنة الإيرانية، وأصبحت رهينة الحفاظ على التوازنات الجيوستراتيجية الإقليمية والدولية، والدفاع عن دولة ولاية الفقيه ضد مناوئيها الإقليميين والدوليين معا
التدخلات الأجنبية والمصير السوري
16 أكتوبر 2019 | يجب التعاهد على إرساء مبادئ مشتركة: أن لا نقبل بأي تدخل خارجي، وأن لا نحيد عن قاعدة الحوار في حل المشكلات التي تعترض مسارنا، وأن نلتزم بمبادئ العيش المشترك، والعمل من سورية وطناً، لا معبراً للوصول إلى أوطان أخرى متصوّرة.
المزيد
برهان غليون
برهان غليون
كاتب
برهان غليون
حقيقة الطائفية في الصراعات العربية
عراقيون يتظاهرون ضد الطائفية في بعقوبة (نوفمبر/2005/فرانس برس) حقيقة الطائفية في الصراعات العربية
برهان غليون
قضايا
22 يوليو 2014

لم تكن قضية الطائفية حاضرةً في السياسة والثقافة العربيتين في أي فترة كما هي اليوم. وما يثير التساؤل حول هذا الحضور أنه يأتي بعد ما يقارب القرن من تأكيد عهد الوطنية، ورفض جميع أشكال الانتماءات الطائفية والقبلية، وتلاشي مظاهرها، المعلنة على الأقل، إلى حد كبير. الكثير من المثقفين والاعلاميين وصناع الرأي يبدون وكأنهم يكتشفون، لأول مرة، قوة هذه الانتماءات، ويدعون إلى مراجعة الطروحات القومية والوطنية التي ساعدت على تجاهلها، أو إنكارها، ويعتقدون أن الاعتراف بها وإعطاءها "حقوقها"، والكف عن إنكارها، هو الطريق الوحيدة لمعالجة آثارها، وإنقاذ رهان الدولة والحداثة الوطنية، وهناك من يذهب إلى أكثر من ذلك، ويعتبر أن الحروب والنزاعات الداخلية والإقليمية بينت أنه لا يوجد على الأرض إلا الطوائف، وأن الخاسر الأكبر في هذا الصراع هو الجماعات التي لم تعرف كيف تنظم نفسها، وتقاتل على أجندة طائفية، مثلها مثل الآخرين، وكانت كالزوج المخدوع. وهذا يفسر، أيضاً، جزءاً من صعود الحركات الجهادية السنية التي تتبنى، بصراحة، خطابا وأجندة طائفيين. ويعتقد الجميع أن ذلك  كله ينذر بحرب طائفية داخلية وإقليمية، لن تبقي شيئا من أي ماض وطني، أو حداثةٍ، أو مشاريع ديمقراطية، أو قضايا وحقوق إنسانية.
وعلى العموم، يسود الاعتقاد، اليوم، أن الطائفية حقيقة قوية، أخطأنا في تقدير حيويتها وتأثيرها، وأنه لن يكون من الممكن إعادة بناء الدولة في المشرق العربي، إلا على أساس

احترام هذه الحقائق، والتكيف معها، ما يعني ربما التضحية بفكرة الدولة الوطنية الواحدة التي تساوي بين جميع أفرادها، بصرف النظر عن انتماءاتهم وأصولهم، والقبول بصيغة من صيغ الفيدرالية، أو حتى الكونفدرالية التي تعطي لكل طائفة سلطة ذاتية كاملة في شؤونها، وربما دولة مستقلة.

ويشارك العديد من الباحثين والصحفيين الغربيين الذين لم يقتنعوا يوماً بمقدرة المجتمعات العربية على ولوج نظم الحداثة، والنجاح في بناء مؤسساتها في هذا التصور، ويشجعون عليه، مؤكدين صحة تحليلاتهم السابقة التي كانت تشكك في وجود نسيج أمة في البلاد العربية، وتركز أكثر على المكونات الإثنية والمذهبية والقبلية فيها. وفي هذا السياق، زاد تداول الخرائط الجديدة التي تنشرها صحف غربية لإعادة رسم حدود دول المنطقة، بما يحقق التطابق أكثر بين الدولة والطائفة. ولا يبدو أن مثل هذه المشاريع تثير الكثير من الاستياء والاعتراض من أحد. وفي جحيم الحروب الدموية التي يعيش فيها المشرق، يمكن للناس القبول بكل الاقتراحات والأفكار التي تعطيهم بعض الأمل بالخلاص.
العصبيات والولاءات
أولاً، لا أعتقد أن العصبيات الطائفية والقبلية، القائمة على ولاءات ميكانيكية قوية وتلقائية، لا تزال موجودة في المجتمعات العربية، أو على الأقل على نطاق واسع ومؤثر. ولا أنها كانت تعيش تحت الأرض الوطنية، واستيقظت على غفلةٍ منا، ودمرت إنجازاتنا الحديثة. بالعكس، أعتقد أن هذه الطوائف تفككت وانحلت كعصبيات، حتى لو بقيت منها بعض الروابط المحيلة إلى المخيلة، أكثر منها إلى ترابط مصالح حقيقية. ولم تعد الطائفة، مهما بلغ تنظيمها الداخلي قادرة على تأمين مطالب الوجود والحياة الضرورية للفرد، وأولها المرجعية الفكرية والأخلاقية والمكانة السياسية والحماية والأمن والقانون والعمل والتعليم والتطبيب، وغيرها. بل إن كل ما بقي من مظاهر التضامن الداخلي بين أفرادها يعود إلى النجاح في تأسيس صندوق للمساعدات الإنسانية، أو بسبب ارتباطها الخارجي الذي يضمن لها بعض الدعم، وفي حالات قصوى، كما هو الأمر في لبنان، بسبب توظيفها بشكل سافر في استراتيجيات خارجية، وتحويلها إلى أداة من أدوات الصراع على السيطرة داخل البلد الأصلي، أو خارجه. لكن، حتى في هذه الحالة، لم يعد الأمر يتعلق بتضامن طائفي عفوي وموروث، أي بعصبية طبيعية، ولكن، بعمل منظم تقوم به نخبة، ليست حتى بالضرورة دينية، أو ذات صفة زعامية، وبالتنسيق مع الدول الخارجية، لإحداث انقلاب داخل الطائفة على السلطات التقليدية، وانتزاع القيادة منها، وفرض أجندة النخبة الانقلابية الجديدة عليها. أكبر مثال على ذلك حزب الله في لبنان، لكن ليس وحده. وهذا يعني، في نظري، أنه لم تعد الطائفة واحدة، وإنما أصبحت كل منها طوائف متعددة، حتى حين لا تنقسم الزعامة الدينية.

وثانيا، لا أعتقد أن وجود هذه  العصبيات الطائفية، واستمرارها في العمل من تحت، حتى لو تم البرهان عليه، هو الذي يفسر ما تعيشه الدولة الوطنية العربية، اليوم، من أزمات، وما تواجهه من مصاعب، وأن إرضاء مطالبها، وتطمينها على وجودها واستقرارها يمكن أن يفيد في شيء ويخرجنا من الحرب الطاحنة الخفية والعلنية التي نوشك أن نستوطن فيها. كما لا أعتقد أن هناك تناقضاً أو تعارضاً حتمياً بين استمرار التضامنات الأهلية، وقيام الدولة

الوطنية. وأكبر دليل على ذلك أن هذه الجماعات الأهلية لم تقف ضد نشوء الدولة الوطنية الحديثة، عندما بدأت النخب المتعلمة الحديثة تسعى إليها، في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، في المشرق العربي، لكنها شجعتها. على الرغم من أنها كانت لا تزال تتمتع بقوة ونفوذ لا يمكن التشكيك بهما. وفي سورية، كان لوجهاء الطوائف والقوميات الدور الأكبر في تعويم مشروع الدولة الوطنية الواحدة، وحمايتها والدفاع عنها.
والدليل الثاني الأهم أننا سنتعب كثيراً، اليوم، إذا فكرنا، كما كان يحصل منذ قرن، في جمع وجهاء الطوائف والعشائر، من أجل إيجاد مخرج للحرب، أو تسوية للنزاع. والسبب أننا لن نعرفهم، ولن نجدهم، وإذا وجدنا بعض آثارهم، سندرك، بسرعة، إنهم لا موقع ولا تأثير ولا نفوذ لهم، وغير قادرين على الحل والربط في أي قرار. ويكفي أن ننظر إلى من يتحدث باسم الطوائف اليوم: الأسد والمالكي وأضرابهما وأعوانهما من الضباط ورجال المال والأعمال الفاسدين والأمنيين والمخبرين، أولئك الذين عملوا من قبل، هم وآباؤهم وأنصارهم، على تقويض سلطة وجهاء الطوائف وتدميرها.

على العكس تماماً، أعتقد أن ما نشهده من نزاعات وفوضى، لا ينتج عن انبعاث العصبيات الطائفية، ولا يبرهن على وجودها، لكنه ثمرة انحلالها، وتفجر نواتها، وتحولها إلى ركام وأشلاء. ولأننا، في سياق الدولة الوطنية التي أقمناها، لم ننجح في لم هذه الأشلاء وإعادة تركيبها، بما يحولها إلى عناصر في جسم وطني فاعل، ويمدها بذاكرةٍ مغايرةٍ وتاريخ جديد، أصبحنا، كما نحن الآن، ضحاياها. ما نعيشه، اليوم، هو ثمار الفوضى المزدوجة التي تسببنا فيها نحن، النخب الحديثة، اللاطائفية والمعادية للولاءات العصبية: الفوضى الناجمة عن تحلل الطائفة والقبيلة، وتلك النابعة من تقويض مشروع الدولة الوطنية، وتفريغه من محتواه، وما تنتجه كل يوم من حروب ونزاعاتٍ، تدفع إليها هذه الأشلاء المنفصلة عن حواملها

والمتناثرة في كل الأرجاء، والتي لم يعد سلوكها يعتمد على أي مرشد أو دليل، لا ذاك الموروث عن تقاليد وقيم القبيلة والطائفة، ولا المرشد المستمد من دليل المواطنة للحقوق والواجبات. هكذا صار كل شيء ممكناً، وكل شيء مباحاً. هذا هو، أيضاً، موقع بشار الأسد وجماعته والمالكي وأزلامهما. هؤلاء يمكن أن يكونوا أي شيء،  ما عدا أن يكونوا زعماء عشائر وطوائف أو قادة وطنيين، أو رؤساء دول، يعرفون واجباتهم وحقوقهم، ويلتزمون بها. إن من يراقب سلوكهم وأخلاقياتهم والأفكار والمشاريع التي تحركهم، وتوجه أفعالهم، يدرك تماما أنها لا تختلف عن التي كانت توجه، في قرون سابقة بعيدة، الجماعات الشاردة المنفلتة من مجتمعاتها، من قراصنةٍ وأفاقين وقطاع طرق ومغامرين وغزاة همجيين.
تجيير الطائفية
ولأنه لم يعد هناك طوائف وعصبيات فاعلة، تحمي الفرد وتساعده على تنظيم شؤونه، وحل مشكلاته في المجتمع، أي لم يعد هناك، أيضاً، وجهاء طوائف نافذين ومتحكمين بطوائفهم، صار من الممكن بسهولة تجيير الطائفية، وتجييشها في كل المعارك السياسية، وغير السياسية، من كل من يملك المال والدعم، وأفضل من ذلك من يملك الحماية الخارجية. ولأن الطوائف تحللت، كتشكيلات فاعلة ومستقلة، أو شبه مستقلة، وولدت جيوشاً من الفاقدين للانتماء، زاد بما لا يقاس الطلب على الدولة والصراع من أجل النفوذ إليها، والارتباط بها. وصار من الممكن أكثر، في حال انعدام قدرة الدولة على تلبية طلبات الولاء والانتماء، أي الاعتراف بعضوية الأفراد، ومواطنيتهم، أي نسبهم المواطني، صار ممكناً لكل صاحب غاية، أو مشروع خاص أن يشتري ولاءات كثيرة، وبسهولة، أي صار ممكناً ظهور مافيات المال والسلاح، وإعادة بناء القلاع والقصورالإقطاعية، وإحياء منظومات أسياد الأرض، والأسياد عموماً والأقنان. وبالمثل، لأنه لم يعد هناك قاعدة ولا منظومة قيم، ولا مبادئ، تحكم عمل هذه الشظايا والأشلاء الشاردة في الفضاء الاجتماعي، صارت الحرب من دون مرجع، ولا قانون. ولم يعد العطش للانتقام أو الرد على تحدي المعارضة والمقاومة الأهلية يكتفي بأقل من تحويل المجتمعات نفسها إلى أشلاء.
والنتيجة، ليست الطائفية المكبوتة، أو المتجاهلة هي التي دفعت إلى الحرب الوحشية التي يعيشها المشرق، اليوم، وإنما بالعكس تماماً، الحرب والصراع على السلطة، وإرادة السيطرة للدول، هي التي بعثت الطائفية، وأعادت تركيبها، لكن، في شكل قوى ملحقة وحليفة، مقاتلة ومندمجة في مشاريع سياسية وإقليمية، ومشاركة فيها، لا يهمها لا مذهب الطائفة، ولا حياة أبنائها ولا مصيرهم. والواقع أن تراث الطوائف كلها أصبح، اليوم، بما في ذلك الاسم، مخطوفا من نشطاء، يعملون في إطار مشاريع سياسية خاصة. ولا تعدو الطائفية السائدة اليوم سوى شعارات وجمل تستخدم لتعزيز آلة الدعاية والحرب النفسية التي تخوضها الأطراف السياسية. ولو نظرنا في الظاهرة عن قرب، لاكتشفنا أن ما تسمى المشاريع الطائفية ليس لها أي مقوم داخلي، وكلها مشاريع مرتبطة بقوى أجنبية. وهذه الطائفية المخطوفة والمجيرة لحسابات سياسية واستراتيجية محض هي التي تهدد تراث الطائفية الاجتماعي، الذي يجسده التضامن الأخوي، والاعتزاز الفطري والطبيعي عند كل فرد بانتمائه الديني، أو المذهبي أو القومي أو العائلي. وهذا من معالم الكرامة الشخصية، ولا يربطه شيء بالطائفية التي تعمل أداة للسيطرة الداخلية، أو الخارجية، والتي تضع الانتماءات الجزئية في مواجهة قيم التضامن والتعاون والتكافل الإنسانية التي لا تستطيع أن تعمل وتزدهر، اليوم، إلا في إطار دولة وطنية مدنية، يحكمها القانون الذي يساوي، أيضاً، بين جميع أعضائها، ويضمن لهم جميعاً، من الحرية والكرامة والحماية وروح التكافل والتضامن، ما حرموا منه للأبد بزوال الحاضنة الاهلية "الطبيعية.
 
من المسؤول عن إجهاض الدولة الوطنية؟ هذا ما سنجيب عليه في المقال القادم

الأكثر مشاهدة

  • الأكثر مشاهدة

    مشاهدة تعليقاً إرسالاً

مقالات أخرى للكاتب

عودة العرب إلى التاريخ
27 نوفمبر 2019 | فتح الربيع العربي أبواب التاريخ للشعوب العربية، وشجعها على أخذ المبادرة، والعمل على التصالح مع العالم، والانخراط في العصر الذي حرمت منه، دون أن يعني ذلك، أنها وصلت إلى خط النهاية، فثمة صعوبات كثيرة وتحديات جسام تعترض طريقها، فما هي؟
الثورة تصنع إنسانها في لبنان والعراق
9 نوفمبر 2019 | كذّبت ثورات الربيع العربي القول المأثور، بعد الثورة الفرنسية، إن الثورات تأكل أبناءها. ما تفعله الانتفاضات العربية، هو العكس تماما، أي إعادة خلق الانسان وبث الحياة والحيوية في المجتمعات الطريحة التي فتتتها وفككت عراها وأنماط من السيطرة والحكم.
ثورة الحرية تواجه وحش الهيمنة الإيرانية في لبنان والعراق
30 أكتوبر 2019 | واضحٌ أن معركة التحرّر السياسي وانتزاع الحق في المواطنة، أي في السيادة الشعبية أيضا، في لبنان والعراق وسورية، اصطدمت بمخطط الهيمنة الإيرانية، وأصبحت رهينة الحفاظ على التوازنات الجيوستراتيجية الإقليمية والدولية، والدفاع عن دولة ولاية الفقيه ضد مناوئيها الإقليميين والدوليين معا
التدخلات الأجنبية والمصير السوري
16 أكتوبر 2019 | يجب التعاهد على إرساء مبادئ مشتركة: أن لا نقبل بأي تدخل خارجي، وأن لا نحيد عن قاعدة الحوار في حل المشكلات التي تعترض مسارنا، وأن نلتزم بمبادئ العيش المشترك، والعمل من سورية وطناً، لا معبراً للوصول إلى أوطان أخرى متصوّرة.
المزيد

أخبار مرتبطة

    ...تحميل المقال التالي Loading
    X

    نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا وتابعة لأطراف ثالثة لدراسة و تحليل استخدام الموقع الالكتروني وتحسين خدماتنا و وظائف الموقع.
    بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.

    موافق
    • من نحن
      • النشرة الدورية
      • خريطة الموقع
      • اتصل بنا
      • وظائف شاغرة
    • الجريدة المطبوعة
      • الاشتراكات
      • الإعلانات
      • الأرشيف
    • تواصلوا معنا
      • فيسبوك
      • يوتيوب
      • تويتر
      • انستغرام
      • RSS
    • تطبيقاتنا
      • android
      • apple
    • تابعنا
      • Follow @alaraby_ar
    • روابط اخرى
      • النشرة الدورية
      • أسئلة متكررة
      • الارشيف
      • العاب
    • الرئيسية
    • |
    • سياسة
    • |
    • اقتصاد
    • |
    • مجتمع
    • |
    • ميديا
    • |
    • تحقيقات
    • |
    • ثقافة
    • |
    • رياضة
    • |
    • منوعات
    • |
    • مقالات
    • |
    • كاريكاتير
    • |
    • ملفات خاصة
    • |
    • مرايا
    • |
    • المدوّنات
    جميع حقوق النشر محفوظة 2019 | اتفاقية استخدام الموقع | سياسة الخصوصية
    أعلى الصفحة
    وظائف
    اتصل بنا
    النشرة الدورية
    • android App
    • apple App
    • facebook
    • twitter
    • youtube
    • instgram
    جميع حقوق النشر محفوظة 2019 | اتفاقية استخدام الموقع
    سياسة الخصوصية
    النسخة الكاملة للموقع
    مواضيع قد تهمك
    • السابق

      التالي