6 يونيو/ حزيران: نكسة عربية ونصر أوروبي

6 يونيو/ حزيران: نكسة عربية ونصر أوروبي

07 يونيو 2014

حشود في باريس تحتفي بالنصر وديغول-أغسطس/آب 1944

+ الخط -
6 يونيو/ حزيران، تاريخ بوجهين، لا يُمكن تجاوزهما من دون التوقف لوهلة، واختبار أنفسنا ومحيطنا، قبل أن نطرح سؤالنا الأهم في كل محطة لنا: "ما هي الخطوة المقبلة؟".
6 يونيو/ حزيران 1944، تمكّنت جيوش الحلفاء في الحرب العالمية الثانية من اختراق الدفاعات الألمانية في جبهة النورماندي الفرنسية، وفتح طريق النصر نحو العاصمة الألمانية برلين، وقهر امبراطورية أدولف هتلر. لحظة مجيدة، عاشتها بلدان كانت ترزح تحت الاحتلال الألماني: فرنسا ثملت من نشوة النصر، النمسا استعادت استقلالها، ألمانيا وإيطاليا تحرّرتا من نير النازية والفاشية. مفاهيم الاستقلال والسيادة والحرية طغت على كل الشعارات الثانوية.
6 يونيو/ حزيران 1967، غزا جيش الاحتلال الإسرائيلي الضفة الغربية وقطاع غزة، شبه جزيرة سيناء المصرية، والجولان السوري، في حرب الأيام الستة. المفاهيم العربية مالت أكثر نحو تمنّي الاستقلال والبكاء على الأطلال، بعد الخسائر المدمّرة. وفي وقت انتصر فيه الحلفاء في أوروبا، مرسّخين تقليداً سنوياً، يكرّسون فيه أمجادهم في شواطئ النورماندي، كان العرب يخسرون حرباً، سمّوها "النكسة"، واندفعوا أكثر في اتجاه تأصيلها في ذواتهم.
6 يونيو/ حزيران 1944، قرّرت أوروبا تغيير مسارها، فاتجهت نحو الوحدة والحراك الاقتصادي، لربط بلدانها، على الرغم من وقوع دول عدة في الجهة الشرقية من جدار برلين. ومع سقوط الجدار في أواخر ثمانينات القرن العشرين، سارعت أوروبا إلى احتضان دولها الشرقية.
6 يونيو/ حزيران 1967، انزلق العرب أكثر نحو الحروب الأهلية المتناسخة، لبنان، اليمن، السودان، الصومال، تقهقر الوضع الفلسطيني... قبل بدء مواسم الثورات.
6 يونيو/ حزيران 1944، انتصرت أوروبا في الحرب العالمية الثانية، فنهضت باقتصادها، وتمكنت من تخطي الحواجز اللغوية والاثنية والدينية، من أجل المصالح المشتركة بين بلدانها. فالعامل الجيوبوليتيكي أهمّ عنصر لتنظيم أي علاقة بين الدول، ولا يأتي الحراك اليميني الحالي مُمهّداً لحالة تغييرية أوروبياً، بقدر ما يسعى إلى محاولة ترجمة أفكاره، ضمن المنظومة عينها، بغضّ النظر إذا نجح أو فشل، وبالتالي، لن ينعكس نجاحه أو فشله، على الثوابت الأوروبية.
6 يونيو/ حزيران 1967، لم يتمكن العرب من فعل ما فعلته أوروبا، على الرغم من أن واقعهم الجيوبوليتيكي أوسع من المدى الأوروبي، والتشابك بين قارتي آسيا وافريقيا عربياً قادر على صناعة المستحيل، غير أن نعمة الوجود في قلب العالم بات نقمة، في ظلّ التردّد العربي في الخروج برؤية عربية موحّدة، سياسياً أم اقتصادياً، تحديداً في ظلّ طغيان الخلافات العربية ـ العربية على ما عداها من اتفاقيات.
6 يونيو/ حزيران 2014، تستطيع الكتلة الأوروبية ـ الأميركية أن تعلن للعالم قدرتها على قيادة حراك ما، على الرغم من أن هذا الحراك قد لا يكون حاسماً، لكنه يبدّل من قواعد كثيرة.
6 يونيو/ حزيران 2014، لم يستطع العرب بعد، الإعلان عن جدارتهم في كسر الحواجز الضيّقة التي ينصبونها في ما بينهم، ليخرجوا من النكسة الذاتية، أولاً، قبل الخروج من قوقعة نكسة 1967. وحين يفعلون، لن يجرؤ أحد على ارتكاب الخطيئة بحقّهم بعد اليوم.

 

 

6F7A33BD-9207-4660-8AF7-0EF5E3A4CD6C
بيار عقيقي
صحافي لبناني، عمل في صحف ومجلات ودوريات ومواقع لبنانية وعربية عدّة. من فريق عمل قسم السياسة في الصحيفة الورقية لـ"العربي الجديد".