الأمن المائي العربي المفقود

الأمن المائي العربي المفقود

08 ابريل 2014

مياه النيل عند السد العالي في مصر

+ الخط -
تفيد المصادر الجغرافية والتقارير الاقتصادية، الصادرة عن جامعة الدول العربية، والمؤسسات ذات الصلة، بأن مساحة الوطن العربي تصل إلى نحو 1.4 مليار هكتار، وتشكل 10% من مساحة العالم؛ في حين يشكل سكان الوطن العربي نحو 5% من سكان العالم. ولا يستحوذ الوطن العربي إلا على 0.5% من إجمالي حجم الموارد المائية العالمية المتجددة. وتقدر المصادر نفسها، حجم الموارد المائية العربية، المتاحة في الوطن العربي، بنحو 295 مليار متر مكعب سنوياً، لا يُستغل منها سوى 193 مليار متر مكعب، أي نحو 75% من الموارد المائية، منها 87% من نصيب قطاع الزراعة في الوطن العربي، في حين يستحوذ القطاع المنزلي والصناعة على النسبة الباقية من إجمالي الموارد المائية العربية المتاحة.
ويُذكر أن متوسط نصيب الفرد العربي من الموارد المائية المتاحة في الوطن العربي يصل إلى 890 متراً مكعباً سنوياً، في حين يصل نصيب الفرد في إفريقيا، في المتوسط، إلى 5500 متر مكعب سنوياً؛ وفي آسيا 3500 متر مكعب؛ و7700 في العالم.
ولافتٌ أن المساحة المروية في الدول العربية، تشكل نحو 15.7% فقط من إجمالي مساحة الأراضي المزروعة في الدول العربية. ويتسم الاستخدام الحالي للمياه في الزراعة المروية، بكفاءة متدنية، إذ يبلغ فاقد المياه في أثناء النقل والتوزيع في الحقول نحو 80 مليار متر مكعب. ويرجع ذلك، أساساً، إلى أن الأسلوب السائد في الري في الدول العربية، هو الري السطحي التقليدي، ويشمل 90% من الأراضي المروية في الوطن العربي. وفي هذا السياق، يذكر أن كمية الأمطار التي تتساقط على الوطن العربي تصل إلى 2286 مليار متر مكعب سنوياً. وبشكل عام، ثمة ثلاث عشرة دولة عربية ترزح تحت خط الفقر المائي في السنوات الأخيرة، كما أن الدول العربية مهددة بتناقص كمية المياه التي ترد من الخارج، والتي تمثل نحو 50% من حجم المياه المتاحة؛ مثل الواردة عبر نهر النيل إلى مصر والسودان؛ وعبر نهري الفرات ودجلة إلى العراق وسورية.

وتوضح الدراسات المختلفة عن الزراعة والموارد المائية العربية أن ظاهرة التصحر آخذة في التوسع، مع اتباع السياسات المائية نفسها، فمن بين مساحة الوطن العربي البالغة 1.4 مليار هكتار، لا تتجاوز مساحة الأراضي القابلة للزراعة 197 مليون هكتار، وهي تمثل 14.1% من إجمالي المساحة العامة للوطن العربي.
وتتسم الموارد المائية المتاحة في الوطن العربي بظاهرةٍ، لها دلالاتٌ استراتيجية، غاية في الأهمية للأمن المائي، هي أَن نحو نصف هذه الموارد ينبع من خارج الوطن العربي. لذلك، وبجانب الأسباب الطبيعية، يجعل هذا الأمر هذه الموارد عرضة للنقص والتدهور في النوعية، نتيجة عوامل استراتيجية، أو استخدامات جائرة، ما يؤكد أهمية العمل على وضع التشريعات الدولية التي تتضمن حقوق الدول العربية، وبشكل خاص، مصر والسودان وسورية والعراق، وحسن تنفيذها من جميع الدول المعنية، سواء المتشاطئة على نهر النيل؛ والمتشاطئة على نهري دجلة والفرات.
ويبرز التحدي الإسرائيلي، أيضاً، بأنه أحد التحديات التي يواجهها الأمن المائي العربي، حيث استطاعت إسرائيل السيطرة على نحو 81 في المائة من إجمالي الموارد المائية المتاحة للفلسطينيين والبالغة 800 مليون متر مكعب سنويا. إن التحديات المذكورة إضافة إلى الزيادة السكانية العالية في الوطن العربي، والتي ستؤدي إلى ارتفاع سكانه من 360 مليون نسمة عام 2014 إلى 720 مليون نسمة في عام 2030، فضلا عن الاستخدامات التقليدية والفاقد الكبير في المياه، ستؤدي في حال عدم وضع استراتيجية عربية لمواجهة ذلك، إلى احتمالات ارتفاع وتيرة العجز المائي العربي لتصل إلى نحو 320 مليار متر مكعب بحلول العام المذكور، الأمر الذي يهدد الأمن المائي العربي، وكذلك الأمن القومي العربي بشكل عام.
إن الأزمات المائية العربية الآخذة بالتصاعد باتت تتطلب من الدول العربية والمؤسسات ذات الصلة في الجامعة العربية، اتباع خيارات وسياسات جمعية محددة لمواجهة شح المياه والفجوة الغذائية العربية، فضلا عن استغلال بعض دول المنبع للأنهار بعيدا عن القانون الدولي وحصة الدول العربية منها؛ ومن تلك الخيارات والسياسات:
1) إعطاء الخلاف المائي بين أي دولة عربية ودول أخرى حول تقاسم المياه بعداً عربيا.
2) رفع كفاءة استخدام المياه في الدول العربية، بتطوير نظم الري الحالية وأساليبها.
3) ترشيد استخدام المياه، مباشرة، أو بصفة غير مباشرة، من خلال التسعيرة، وضرورة اتباع سياسات من شأنها التوسع في المحاصيل الزراعية ذات القيمة العالية، والمستخدمة لأقل كميات من المياه، الأمر الذي تفرضه ندرة المياه في الدول العربية، واحتمالات حصول عجز مائي كبير بعد عقدين من الزمن.
4) الخيار الأهم يكمن في ضرورة استخدام المياه غير التقليدية من مياه الصرف الصحي المعالجة وتحلية المياه، من خلال دعم البحث العلمي العربي، لترسيخ تكنولوجيا تحلية المياه التي من المتوقع أن يتطور استعمالها في الدول العربية خارج منطقة الخليج.
5) وتتطلب الضرورة التخطيط المتوازن، من خلال الربط بين الزيادة المتوقعة لسكان الدول العربية، والطلب المتوقع على المياه في مجالات الاستخدام المختلفة.

دلالات