28 سبتمبر 2024
لا وقت للسياسة
انطلاق الطائرات الروسية المقاتلة من أوسيتيا الشمالية باتجاه حلب وإدلب، وغيرهما من الحواضر السورية، مرهقٌ لطواقمها من الطيارين الروس. ولأن المسافة طويلةٌ، فإن كثافة الضربات تقلّ عن اللازم. وهاتان مشكلتان تعيقان سلاسة الحرب على الإرهاب والإرهابيين في الأراضي السورية، فبادر الصديق الإيراني، بالشهامة المعهودة منه في مثل هذه النوازل، إلى إسعاف صديقه الروسي في ما يساعده على حلهما، وذلك بتوفير قاعدةٍ جويةٍ ملائمة لاستضافة المقاتلات الروسية، لتقوم هذه بمهماتها بالكفاءة المطلوبة، وبالإيقاع الأكثر فاعليةً، وبعدد طلعاتٍ وضرباتٍ أكثر مما كانت تفعل، قبل هذه اللفتة الإيرانية، ولا سيما وأن قاعدة حميميم مؤهلة لغير هذا النوع من هذه الطائرات، وهي قاذفاتٌ بعيدة المدى، على ما اضطرّنا هذا المستجد العسكري أن نعرف.
لا يليق، وهذا هو الحال، أن يتحدّث أحدٌ في السياسة، عن حلٍّ سلمي وعن تسويةٍ، وعن عقدة بشار الأسد، وعن الموقف الأميركي، وغير ذلك من خراريف. وإذا كان أول رؤساء ائتلاف قوى الثورة والمعارضة السورية، معاذ الخطيب، اجتهد ورأى أن إبلاغه نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، أن الشعب السوري يتطلع إلى أن توقف روسيا حربها عليه، فإنه لم يخطئ، لا سيما وأنه التقى المسؤول الروسي، في الدوحة، بصفته الشخصية، لكنه توهم أن ثمّة مطرحاً ما للسياسة، يمكن أن يختبر إمكاناته، لعله يجدي، ولو في فتح ثغرةٍ طفيفةٍ وسط دوي تلك القاذفات التي تشاركها براميل نظام الأسد المتفجرة في ضرب المشافي والأسواق، ولا تكترث بأي بشر تزهق أرواحهم، ثواراً محاربين تعتبرهم إرهابيين، أو شيوخاً وأطفالاً ونساءً، فهذه تفاصيل متروكة لهيئات حقوق الإنسان، وللمعلقين في الفضائيات.
القرار شديد الوضوح، لم يحن الوقت بعد لوقف تهديم سورية، والانتهاء من تحطيم ما تبقى منها. ما زال هناك حاجةٌ إلى مزيد من هذا كله، إلى أن ترى الولايات المتحدة أن موعداً حان لتفاهم جدّي مع روسيا على وقف هذا الحال، والجلوس إلى طاولة تسويةٍ حقيقية. كان بيان فيينا، وسابقه بيان جنيف الأول ذو النقاط الست، وغيرهما من وثائق، تمارين على تفحص الممكن وغير الممكن، المتاح وغير المتاح، فتبين أن العجلة من الشيطان، فثمّة وقائع على الأرض يجب أن تأخذ وقتها لتعزيز الحقائق التي تصنعها، ثم يكون لكل مقام مقال. ذلك أن قضية سورية، في عرف الولايات المتحدة، قضية جغرافيا، وليست قضية شعبٍ يتطلع إلى التحرّر من استبداد. وأقدار الجغرافيا جعلت هذا البلد العربي مجاوراً للحليف الأهم، والأوْلى بالمشاورة. وإسرائيل التي يؤشّر إليها انتبهت، في مقطعٍ من المشهد، إلى سلاح كيماوي يحوزه جيش سورية، فطلبت نزعه، فكان لها ما طلبت، وليس منسياً أن جون كيري طار إليها مباشرة بعد توقيع التفاهم على هذا الأمر.
لا تتمنى إسرائيل غير النصر لكل السوريين، النظام ومناوئيه، الإرهابيين وغير الإرهابيين، داعش وإيران، وروسيا وتركيا، والأسد والجولاني. على كل هؤلاء أن ينتصروا على بعضهم، ولا بأس أن يتبادلوا فيما بينهم جولات الانتصار، إلى أن تصير الدولة السورية ظلاً، ويصبح الشقاق المجتمعي الحالة الأوضح، ويؤول الجيش السوري إلى شحوبٍ أكثر فأكثر. هذا هو المطلوب، والمؤامرة التي قال ناس الأسد، في بيروت وغيرها، إنها تستهدف سورية، منذ خربشات أطفالٍ من درعا على الحيطان في مارس/ آذار 2011، مضت إليها السلطة البوليسية الحاكمة في دمشق، يوم أن اختارت سياسةَ أنّ ما لا يحل بالقوة يحلّ بمزيدٍ منها، وكان طيف زين العابدين بن علي وحسني مبارك قدّامها. لم يأخذا بهذا النهج، فصار ما صار في تونس ومصر. ولن تقترف حاشية الأسد حماقتهما، فكانت النتيجة أنها أنجزت في سورية ما لم يكن في وسع أي مؤامرةٍ أن تقوم به.
الآن، في طور قاذفات سوخوي 30 وسوخوي 35 وتو 22 أم 3 الروسية، من أوسيتيا الشمالية وحميميم السورية ومرابض مطار همدان الإيرانية، تدكّ حلب وإدلب ودير الزور، يصير كاريكاتيرياً أن يتحدّث أحدٌ في السياسة، والشاهد ماثلٌ في البادرة الإيرانية الجديدة تجاه الصديق الروسي في زمن باراك أوباما.
لا يليق، وهذا هو الحال، أن يتحدّث أحدٌ في السياسة، عن حلٍّ سلمي وعن تسويةٍ، وعن عقدة بشار الأسد، وعن الموقف الأميركي، وغير ذلك من خراريف. وإذا كان أول رؤساء ائتلاف قوى الثورة والمعارضة السورية، معاذ الخطيب، اجتهد ورأى أن إبلاغه نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، أن الشعب السوري يتطلع إلى أن توقف روسيا حربها عليه، فإنه لم يخطئ، لا سيما وأنه التقى المسؤول الروسي، في الدوحة، بصفته الشخصية، لكنه توهم أن ثمّة مطرحاً ما للسياسة، يمكن أن يختبر إمكاناته، لعله يجدي، ولو في فتح ثغرةٍ طفيفةٍ وسط دوي تلك القاذفات التي تشاركها براميل نظام الأسد المتفجرة في ضرب المشافي والأسواق، ولا تكترث بأي بشر تزهق أرواحهم، ثواراً محاربين تعتبرهم إرهابيين، أو شيوخاً وأطفالاً ونساءً، فهذه تفاصيل متروكة لهيئات حقوق الإنسان، وللمعلقين في الفضائيات.
القرار شديد الوضوح، لم يحن الوقت بعد لوقف تهديم سورية، والانتهاء من تحطيم ما تبقى منها. ما زال هناك حاجةٌ إلى مزيد من هذا كله، إلى أن ترى الولايات المتحدة أن موعداً حان لتفاهم جدّي مع روسيا على وقف هذا الحال، والجلوس إلى طاولة تسويةٍ حقيقية. كان بيان فيينا، وسابقه بيان جنيف الأول ذو النقاط الست، وغيرهما من وثائق، تمارين على تفحص الممكن وغير الممكن، المتاح وغير المتاح، فتبين أن العجلة من الشيطان، فثمّة وقائع على الأرض يجب أن تأخذ وقتها لتعزيز الحقائق التي تصنعها، ثم يكون لكل مقام مقال. ذلك أن قضية سورية، في عرف الولايات المتحدة، قضية جغرافيا، وليست قضية شعبٍ يتطلع إلى التحرّر من استبداد. وأقدار الجغرافيا جعلت هذا البلد العربي مجاوراً للحليف الأهم، والأوْلى بالمشاورة. وإسرائيل التي يؤشّر إليها انتبهت، في مقطعٍ من المشهد، إلى سلاح كيماوي يحوزه جيش سورية، فطلبت نزعه، فكان لها ما طلبت، وليس منسياً أن جون كيري طار إليها مباشرة بعد توقيع التفاهم على هذا الأمر.
لا تتمنى إسرائيل غير النصر لكل السوريين، النظام ومناوئيه، الإرهابيين وغير الإرهابيين، داعش وإيران، وروسيا وتركيا، والأسد والجولاني. على كل هؤلاء أن ينتصروا على بعضهم، ولا بأس أن يتبادلوا فيما بينهم جولات الانتصار، إلى أن تصير الدولة السورية ظلاً، ويصبح الشقاق المجتمعي الحالة الأوضح، ويؤول الجيش السوري إلى شحوبٍ أكثر فأكثر. هذا هو المطلوب، والمؤامرة التي قال ناس الأسد، في بيروت وغيرها، إنها تستهدف سورية، منذ خربشات أطفالٍ من درعا على الحيطان في مارس/ آذار 2011، مضت إليها السلطة البوليسية الحاكمة في دمشق، يوم أن اختارت سياسةَ أنّ ما لا يحل بالقوة يحلّ بمزيدٍ منها، وكان طيف زين العابدين بن علي وحسني مبارك قدّامها. لم يأخذا بهذا النهج، فصار ما صار في تونس ومصر. ولن تقترف حاشية الأسد حماقتهما، فكانت النتيجة أنها أنجزت في سورية ما لم يكن في وسع أي مؤامرةٍ أن تقوم به.
الآن، في طور قاذفات سوخوي 30 وسوخوي 35 وتو 22 أم 3 الروسية، من أوسيتيا الشمالية وحميميم السورية ومرابض مطار همدان الإيرانية، تدكّ حلب وإدلب ودير الزور، يصير كاريكاتيرياً أن يتحدّث أحدٌ في السياسة، والشاهد ماثلٌ في البادرة الإيرانية الجديدة تجاه الصديق الروسي في زمن باراك أوباما.