قطر عندما ينصفها فريق مجلس الأمن المعني باليمن

قطر عندما ينصفها فريق مجلس الأمن المعني باليمن

31 يناير 2021
+ الخط -

بعد خروج قطر من التحالف العربي لدعم الشرعية اليمنية، في يونيو/ حزيران 2017، وتعرّضها للمقاطعة والحصار من السعودية والإمارات والبحرين ومصر واليمن؛ توقع بعضهم أن تحط رحالها في معسكر الطرف النقيض، ممثلًا بجماعة الحوثي المدعومة من إيران؛ وذلك وفقًا لقواعد السياسة التي تقدّم المصالح المشتركة على ما سواها، وما يفرضه مبدأ المعاملة بالمثل، سيَّما أن الحكومة اليمنية، المعترف بها دوليًا، انساقت، بالتبعية، وراء قيادة التحالف في موقفها من قطر، بصرف النظر عن القيمة السياسية الضئيلة لهذا الموقف؛ نظرًا إلى ما تواجهه هذه الحكومة من تحدّيات. إزاء ذلك، أشاعت وسائل الإعلام المُناوئ لقطر أن الدوحة تقدّم الدعم لجماعة الحوثي، نكاية بالتحالف والحكومة اليمنية، وقد استُغل في ذلك انتعاش العلاقات بين قطر وإيران، وانفتاح قناة الجزيرة تجاه جماعة الحوثي، على نحو أوسع مما كانت عليه قبل تعرّض قطر للمقاطعة والحصار، إلا أنه على الرغم من ذلك لم تقدَّم أي أدلة قاطعة تثبت الدعاوى عن ضلوع قطر في دعم جماعة الحوثي، خصوصًا في المجال العسكري؛ إذ يعد ثبوت ذلك انتهاكًا لقرارات مجلس الأمن المتعلقة بالأزمة اليمنية، سيّما القرار 2216 الصادر في 2015، والذي تضمّنت الفقرة 14 منه إلزامًا صريحًا لكل الدول، باتخاذ تدابير لمنع حصول الحوثيين وحلفائهم على الأسلحة، والمساعدات التقنية، والتدريبية، والمالية، ونحو ذلك من أشكال الدعم ذي الطبيعة العسكرية.

الإمارات تقدّم مختلف أشكال الدعم للأطراف التي تناوئ السلطة الشرعية من داخل صفوفها

في سياق هذا الجدل، وفي شأن ما تثيره هذه الجهات، كذلك، من دعم قطر أطرافا في السلطة الشرعية تناوئ التحالف العربي؛ لم تأت تقارير فريق خبراء مجلس الأمن المعني باليمن، للأعوام من 2015 إلى 2019، من قريب أو بعيد، إلى أي دور رسمي لقطر في دعم جماعة الحوثي، أو أي طرفٍ في السلطة الشرعية، مثلما تشير هذه التقارير، دائمًا، إلى الدور الإيراني في دعم جماعة الحوثي، أو دور الإمارات في دعم المجلس الانتقالي الجنوبي (الانفصالي)، ومليشياته المسلحة، والمليشيات الأخرى التي تتخذ موقفًا مماثلًا من السلطة الشرعية، في وقتٍ تزعم فيه حكومة الإمارات أنها تقف مع هذه السلطة وحكومتها المعترف بها دوليا.
وفي تقريره الذي صدر في 25 يناير/ كانون الثاني 2021، قطع فريق الخبراء الجدل المثار بشأن أي دور محظور لقطر في الأزمة اليمنية، أو أي نشاط مباشر لها داخل أراضي اليمن، مشيرًا إلى ذلك في سياق نفيه هذه الادعاءات ومثلها بحق تركيا؛ حيث عبّر عن ذلك بالقول: "إن الفريق لم يعثر، حتى الآن، على أدلةٍ تثبت صحة تلك الادعاءات". ولكن الفريق، في الوقت نفسه، كرّر ما جاء في معظم تقاريره السابقة، إن الإمارات تقدّم مختلف أشكال الدعم للأطراف التي تناوئ السلطة الشرعية من داخل صفوفها، بما "يهدّد السلام والأمن والاستقرار في اليمن، وتتصرّف بشكل يتنافى مع روح القرار 2216 الصادر في 2015، والذي يدعو الدول الأعضاء إلى "أن تمتنع عن اتخاذ أي إجراءاتٍ من شأنها تقويض وحدة اليمن، وسيادته، واستقلاله، وسلامته الإقليمية، والمسِّ بشرعية رئيس اليمن". وهكذا، لم يُغفل التقرير، كعادته، الإشارة إلى دور إيران في دعم جماعة الحوثي. وإلى ذلك، عبَّر، لأول مرة، عن قلقه بشأن إساءة استغلال موقف سلطنة عُمان الإنساني، تجاه مختلف أطراف النزاع في اليمن، بما يخرجها من سياسة النأي بالنفس عن النزاعات التي لا تزال، كما قال، على المحكّ.

من المفيد دعوة الحكومة اليمنية إلى العمل سريعًا، لما من شأنه عودة العلاقات مع قطر

ويضع تقرير فريق الخبراء، بهذه البراءة لقطر وتركيا، والإدانة الصريحة للإمارات، والتوجس مع موقف عُمان، إنما يضع الجميع أمام المشهد الحقيقي لما يجري في اليمن من حربٍ مجنونة، ومن يقف وراءها تسعيرًا واستغلالا. ومن المفيد، هنا، دعوة الحكومة اليمنية، المعترف بها دوليًا، إلى العمل سريعًا، لما من شأنه عودة العلاقات مع قطر، سيّما أن دول الحصار ذاتها شرعت في إعادة علاقاتها معها؛ فليس من المعقول أن تمد الحكومة اليمنية يديها، وتخفض جناحها، لمن يسعى إلى إفنائها، وتمزيق البلاد، فيما تُبدي نفورها ممن لم يثبُت عنه الإضرار بها.