عون وحزب الله و"الظروف"

18 ابريل 2025

الرئيس جوازف عون يتحدّث في بيروت إلى "العربي الجديد" (مكتب الإعلام في القصر الجمهوري)

+ الخط -

حملت مقابلة الرئيس اللبناني، جوزاف عون، مع "العربي الجديد"، عناوين مهمة كثيرة، في مقدمها قضية سلاح حزب الله وكيفية العمل على خطة حصر السلاح بيد الدولة. من الواضح أن الرئيس اللبناني، ومعه رئيس الحكومة نواف سلام، يسيران وفق جدول زمني وضعاه لنفسيهما، بحسب ما أوضح عون في المقابلة، لإنهاء هذا الملف في عام 2025. ورغم أن الرئيس أوضح أن هذا الجدول لم يتم بالاتفاق مع الولايات المتحدة، إلا أنه من المؤكد أنه يأتي بناء على ضغوط أميركية، أفصح عنها عون، ويرتبط بفتح الباب أمام المساعدات المفترضة للبنان، للنهوض بالاقتصاد وإعادة الإعمار، والذي يعد أساسياً لإنجاح العهد الجديد.

ومن المفهوم أن أهمية هذا الملف، في ظل التطورات السياسية والعسكرية التي تشهدها المنطقة، تدفع السلطات اللبنانية إلى الاستعجال في إغلاقه، غير أن من المؤكّد أن السقف الزمني الموضوع له غير واقعي، بالنظر إلى التعقيدات التي ترافق تطبيقه، ومع عدم وجود حوار جدّي مع حزب الله في خصوص مصير السلاح وأفراد الحزب في المرحلة المقبلة.

لم يتأخّر حزب الله في الرد على عون عبر عضو مجلسه السياسي، محمود قماطي، والذي قال إن الحزب ليس "في وارد الحوار مع رئيس الجمهورية عبر الإعلام حول الاستراتيجية الدفاعية والعدو ما يزال في أرضنا"، مؤكّداً أن الحزب "لم يتفق مع الرئيس جوزاف عون على جدول زمني للحوار حول السلاح". وزاد باستبعاد النقاش حالياً في موضوع الاستراتيجية الدفاعية وأن الحزب سيذهب إليها "عندما تصبح الظروف ملائمة". واستعاد قماطي نفسه أيضاً تعبير الأمين العام الراحل لحزب الله، حسن نصرالله، بالإشارة إلى أن "اليد التي ستمتد إلى سلاح المقاومة ستُقطع"، غير أنه استدرك أن المقصود بهذا الكلام الرد على "الخطاب الاستفزازي الصادر من الداخل"، في استبعاد ضمني لرئيس الجمهورية.

غير أن هذا الاستبعاد لا ينفي أن الطرفين لا يزالان بعيدين جداً عن الاتفاق أو التفاهم على الحد الأدنى من الأمور الخاصة بالاستراتيجية الدفاعية أو تسليم سلاح حزب الله أو حصر السلاح بيد الدولة، وأن أياً من هذه النقاط لم يجر بحثها بعد، ولم يحدد موعد لمناقشتها بشكل جدي، للبدء بالتطبيق فعلياً. ومن غير الواضح مدى استعداد حزب الله للبدء بهذا النقاش، خصوصاً أنه يرمي الكرة في ملعب الدولة اللبنانية ويحدّد شروطاً تكاد تكون مستحيلة لحصوله. فالنائب عن الحزب، حسن فضل الله، وفي رد غير مباشر على حوار الرئيس جوزاف عون مع "العربي الجديد"، أكد أن الحزب "منفتح على الحوار لا سيما الاستراتيجية الدفاعية، ولكن بعد تحقيق مجموعة من الأولويات المتعلقة بوقف الاعتداءات وتحرير الأرض وتحرير الأسرى وإعادة الإعمار".

وإذا كانت بعض هذه المطالب مشروعة، خصوصاً في ما يتعلق بوقف الاعتداءات والانسحاب الإسرائيلي من لبنان، إلا أن ربط الحوار بـ"إعادة الإعمار" يضرب فكرة انفتاح حزب الله على الحوار، لا سيما أن الحزب يدرك أن الإعمار لن يتم من دون مساعدات خارجية، عربية ودولية، وهذه المساعدات لن تصل إلى لبنان قبل تحقيق شرط "نزع سلاح حزب الله"، والذي لم يعد شرطاً غربياً فقط.

في حواره مع "العربي الجديد" بدا الرئيس عون متفائلاً بإمكان تحقيق خطة حصر السلاح بيد الدولة هذه المرة نظراً لأن "الظروف الحالية تساعد"، في إشارة إلى التغييرات الاستراتيجية في المنطقة، وتحديداً في سورية وإيران، غير أنه من الواضح أن قراءة حزب الله لهذه الظروف مختلفة تماماً، إذ لا يزال في حالة نكران لتأثره بهذه التغييرات ويراهن على عامل الوقت لمرور عاصفة الضغوط العالمية، واستعادة بعض من المكانة التي خسرها.

حسام كنفاني
حسام كنفاني
صحافي لبناني، يشغل حاليًا منصب مدير قطاع الإعلام في فضاءات ميديا، له منشورات في عدّة صحف لبنانية وعربية. يعمل في مجال الصحافة منذ أكثر من 25 عامًا، وهو من مؤسّسي موقع وصحيفة "العربي الجديد".
The website encountered an unexpected error. Please try again later.