طرائف أهل الفن ومصائب البلدان

طرائف أهل الفن ومصائب البلدان

23 ديسمبر 2021

(منير شريف ونادية الجندي وحمو بيكا وحسين فهمي ورانيا يوسف وسما المصري)

+ الخط -

بعدما انتهت صلاحية بطانة فستان الممثلة رانيا يوسف، تماماً، وخصوصاً إذا كانت المهرجانات التي جاءت فيما بعدها في شرم الشيخ، أو مهرجان الدولة المؤخر لم يعد يهمها لا بطانة ولا حتى الفستان نفسه جملة وتفصيلاً، وخصوصاً إذا كانت البلدان نفسها قد تعدّت خطواتها التنموية والعمرانية وديونها الداخلية والخارجية حدود الفساتين والبطانة وما تحتها، إلا أن أهل الفن في كل زمان ومكان ما زالت ألاعيبهم صالحةً لإثارة الدهشة، وإطلاق العصافير في فضاءات البلدان وعلى القهاوي وفي فصول تحضير الدروس في المدارس، وقاعات الدروس الخصوصية، وأسواق الخضار، ومكاتب البريد، وأمام ماكينات صرف العملة للموظفين وأصحاب المعاشات والمستشفيات.

نحن أمام "مجتمع فرجة"، يلعب فيه الفن وأهله وطرائفهم دور "سيرك اللهو"، ليل نهار، فإذا غاب حسين فهمي عن المشهد، بعد مسلسلات رشوان توفيق وورثته، والمحاكمات والهروب من النفقة، يأتي الأخ الشقيق مصطفي فهمي، كي يكمل باقي المشهد بفاتنة أخرى، رغم أن عمري الاثنين، أحدهما تعدى الثمانين والثاني يقترب منها، ألا يدل ذلك على أن الصحة والجمال والتألق والحيوية في كامل جمالها في المحروسة، ما يخرس الألسنة التي تشك في قدرات المصريين وفحولتهم ومداخيلهم الفظيعة التي تضطرّهم إلى الزواج والبحبوحة حتى فيما بعد الثمانين؟ وإذا غاب حسين، جاء السيف الذهبي لحمو بيكا من السعودية. وإذا غاب حسين، ومصطفى، وحمو بيكا، وشريف منير، فما المانع من الاستعانة بقدرات حلمي بكر الفظيعة، بعدما تعدت زيجاته الـ 13 زوجة، ولم يجد بعد من يفهمه. وإذا كان حلمي بكر ثقيل الظل على السادة المشاهدين، فلا مانع من تصريحات السيدة المصون، فيفي عبده، وأقوالها الشافية الإيمانية: "أنا بتعب في شغلي جداً وربنا العالِم هتوب أمتى"، وإن كانت في وعكة صحية، لا قدر الله، فلا بد من الاستعانة بصور السيدة نادية الجندي من مدينة جدة بعدما جاوزت السبعين أيضاً، وهي بفستان أسود فوق الركبتين بشبر ونصف، ونحمد الله جل علاه أنها لم تصل بعد إلى المدينة أو مكة.

نحن أمام فرجة سيرك للضحك، والبكاء أيضاً، على ما وصل به الحال عند الشباب المساكين الذين يلقون بأنفسهم كل أسبوع تحت عجلات المترو، فحاول، يا مواطن، أن تكون مثل حسين أو مصطفى، حتى وإن كانت طليقة مصطفي قد هربت بفلوسٍ من بنك إماراتي، وعللت ذلك بقولها الذي يحتاج لتحليل: "طيب وإيه يعني ما كلهم بيعملوا كده؟"، فهل نحن بعد ذلك في حاجة إلى بطانة رانيا أو إلى حركات لبلبة على "الريد كاربت" بعد ما تجاوزت هي الأخرى السبعين، ولكنها "تلعب الحركات"، فقد صارت "العجوزة صبية وتمصّ القصب وتأكل العسلية"، كما يقول بياعو القصب في الصعيد.

هل نحن بعد ذلك في حاجة إلى سما المصري، أو كلبها، أو موتسيكلها، وهي تدخل اللجنة الانتخابية بالكلب، أو وهي تعمل "الغرز" بالموتسيكل أمام لجنة الانتخابات والجماهير حولها، أو وهي تخرج لسانها في مدرّجات كرة قدم مصرية؟ هل نحن في حاجة مثلاً إلى "خرم" في جسم سد النهضة، كما أشار على السلطات المفكر السياسي والاستراتيجي، المعتز بالله عبد الفتاح، فصار مذيعاً ومنظّراً وحكيماً.

نحن في حاجة للضحك، والضحك عند أهل الفن، والبلدان في حماية الله منذ خلق الله النيل، وجعل المياه تتدفق إلى شلالاته من معين الجنّة، فالبلدان سعيدة وعامرة بالحكايات التي لن تنتهي أبداً. فشيرين، المطربة العاطفية بعد انفصالها المؤلم عن زوجها، داوت جراحها في خلال 24 ساعة وقصّت شعرها "قرعة"، وحجزت للغناء في الإمارات، وقد تطوف عالمها العربي "بالقرعة"، كما طافت السيدة أم كلثوم بعد الهزيمة بلداننا الحزينة للغناء ورفع الروح المعنوية للشعوب، وكما يطوف محمد رمضان الآن. وبعد يومين جاءت الممثلة، أمينة خليل، وقصّت هي الأخرى شعرها كما قيل وأعلن، نحن أمام "مجتمع فرجة سعيد"، يعلن كامل قدراته الكامنة التي لا تحدّها أية حدود أو معوقات، فأبو هشيمة يطلّق هيفاء وهبي، ثم يتزوّج ياسمين صبري، وينقل إليها المطعم من مكانه إلى منزلها، فأي عزّ بعد ذلك.

أيها الإنسان المصري السعيد من دون أن يعلم أو يشكر، على الرغم من أن المسكين جداً رئيس جمهوريتك ظلت ثلاجته خالية إلا من الماء سنوات وسنوات.

720CD981-79E7-4B4F-BF12-57B05DEFBBB6
عبد الحكيم حيدر

كاتب وروائي مصري